انتصار جنين… بانتظار عدوان جديد

زاهر أبو حمدة

ماذا جنى الاحتلال من العدوان على مدينة جنين ومخيمها؟ الإجابة بسيطة جداً: صورة للجنود أمام مدخل المخيم. تخيل أن دولة متفوقة عسكرياً وتكنولوجياً ونووياً لم تستطع أجهزتها الدخول الى عمق المخيم وقتل أو اعتقال 150 فدائياً تحصنوا داخله. أمر يثير الفخر فلسطينياً والكثير من الفشل اسرائيلياً.

في معايير النصر والهزيمة: انتصرت جنين والاحتلال هُزم. لماذا؟

باختصار شديد، هدف العدوان إلى القضاء على من يحمل السلاح، فحشد 1200 جندي مع “الشاباك”، القيادة الوسطى للجيش الإسرائيلي، فرقة يهودا والسامرة، شرطة حدود إسرائيل، لواء عوز، لواء جولاني، لواء كفير، لواء ناحال، الوحدة 5252، الوحدة الهندسية للمهام الخاصة، سلاح الهندسة القتالي، سلاح الجو، وكل أنواع الأسلحة والمراقبة المتطورة. ومع ذلك لم يستطع اقتحام وسط المخيم وبالعكس تماماً استطاع الشباب استنزافه وجره إلى معركة لا يريدها أكثر من 48 ساعة. وما يؤكد فشل العدوان، ظهور المقاتلين بأسلحتهم بأعداد كبيرة في تشييع الشهداء (12 شهيداً) والتفاف البيئة الحاضنة حولهم والهتاف لهم.

أما على صعيد الخسائر الفلسطينية، فيمكن القول إن المخيم تدمر بعد إتلاف شبكتي المياه والكهرباء بصورة كاملة، وتدمير كلي لحوالي 300 منزل، و400 إلى 500 منزل بصورة جزئية، لكن البنية الأساسية للفصائل لم تتأثر حسب ما ذكرت البيانات الرسمية. ويمكن لحكومة الاحتلال المأزومة داخلياً أن تباهي بهذا الدمار، أو التحدث عن أنها حصرت المعركة في جنين من دون تدخل جبهات أخرى، أو ذكر عدد الأسرى (لم يعرف عددهم حتى الآن)، أو تصوير ما صادرته من سلاح. لكن في المقابل، سجل الفلسطينيون إنجازات مهمة أبرزها وحدة المقاتلين في الميدان بغض النظر عن الانتماء الحزبي والعمل وفق خطة واحدة فاستطاعوا التخفي والمباغتة وتوقع خطط جيش الاحتلال فأوقعوا جنوده وآلياته في كمائن محكمة وقتلوا جندياً باعتراف الاحتلال، إضافة الى مساندة كتائب أخرى من خارج جنين مثل “عرين الأسود” وكتائب نابلس وطولكرم وجبع. أما الأهم فهو تكاتف أهالي المخيم على الرغم من تهجير 500 عائلة منه، وما ظهر من تضامن وتكافل أظهر أن الشعب موحد في المعركة مع من أن الاحتلال هدف الى كسر هذا التكاتف عبر استخدام تدمير الممتلكات لإيقاع الشرخ بين المقاتلين والناس باعتبار أنهم السبب وراء الدمار الكبير.

ما حصل في جنين، من المنظور الإسرائيلي، بداية لأكثر من عدوان في الضفة الغربية لا سيما في مخيم بلاطة داخل نابلس والخلايا المقاتلة في طولكرم. لكن يمكن اعتبار أن أي عدوان جديد ضد جنين أو مناطق أخرى سيواجه بالطريقة نفسها، وبعمليات فدائية مثل عملية تل أبيب، وهذا ما يجعل الاحتلال يعدل من خططه في المرحلة المقبلة، فسلاح الطيران والعمليات الأمنية والاقتحامات لم تعد تنفع كثيراً في وأد التطور العسكري الفلسطيني في شمال الضفة المحتلة.

شارك المقال