“العقل المعتقل”

الراجح
الراجح

يرى كثيرون أن التحليل السّياسي الجيد له أهمية كبرى في الإرتقاء بوعي الإنسان لمواجهة الديكتاتورية التي تعيشها الشعوب. وربما يفسر هذا الأمر شيئًا من المشكلة في بلدنا الذي يرتفع فيه مستوى الجهل وتتدنّى جودة المواقف السياسية، ما يجعل شعبنا عرضة للتأثّر السّريع بأساليب الحكام.

هذا بعموماً، لكن السؤال المهم الذي يُطْرَح دائماً هو: ما حَلَّ بهؤلاء المثقّفين وبعض الكتّاب المانحين ضمائرهم بعض المسكنات ليمجِّدوا الديكتاتوريّات ولينسجوا لها السبل والأسباب كافة لتلميع صورتها؟

أما السؤال الثاني فهو: لماذا لا يجد هؤلاء الكتّاب إلا نظرية المؤامرة كملاذٍ أخيرٍ لعجزهم؟

وبعد الانتهاء من التّهم “المخابراتيّة” مرة و”الاسرائيلية” مرّات دعنا ننتقل الى مناقشة أبرز الموضوعات الحاليّة وهي انتخاب رئيس للجمهوريّة وتشكيل حكومة والبقية من حاكم جديد للبنك المركزي وبقية المراكز الأولى والحسّاسة في الدولة تأتي.

أولاً، وللبدء بالنقاش، لا بد من عنوان يوضَع له، ولن يكون أفضل وأدق من “العقل المعتقل”.

هذا بالتأكيد هو العنوان “لأن اعتقاد الإنسان بأنه يمتلك الحقيقة هو مصدر كل قمع”.

هذا العقل المعتقل يأخذنا إلى التمذهب كأساس لحل أزماتنا، والتمذهب السياسي والإيديولوجي على وجه التحديد يعتقل عقل الإنسان ويأخذه إلى الطغيان وحتى إلى الإرهاب. ولتبرير هذه الهيمنة المتصاعدة نرى مؤسسات ومراكز أبحاث ومنشورات، وعلى رأسها أبواق تعمل على إفساد عقول الناس وصولاً إلى بعض النخب اللبنانية لتوظيفها في دور المسوّغ للأوضاع القائمة اليوم من خلال التنظير لها والدفاع عنها. ولا يبقى للمثقَّف أو الكاتب أو الناقد أو الشاعر الذي ما زال يشكو من ويلات المذهبية وتمرُّسها في الحكم وما أوصلت البلاد إليه من خراب وتضخم، إلا إلقاء اللوم على نفسه وعلى مبادئه.

العنوان مأخوذ من كتاب “العقل المعتقل” للمفكر البولوني شيسلاف ميلوش.

شارك المقال