المسعى الرئاسي خارجي… واللبنانيون يتفقون على أحادية الحل الداخلي

هيام طوق
هيام طوق

الى اليوم لا يزال الملف الرئاسي “مكانك راوح” على الرغم من أنه خرج من أيدي اللبنانيين بعد استحالة انتخاب رئيس الجمهورية وفق الآلية الدستورية، وبات في عهدة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان والدول المعنية والمهتمة بالشأن اللبناني والمتمثلة باللجنة الخماسية التي تضم ممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا وقطر ومصر والمملكة العربية السعودية. وكشفت المعلومات أن اللجنة ستعقد اجتماعاً لمتابعة الأزمة الرئاسية، يوم الاثنين المقبل من المرجح أن يكون في الدوحة، وعلى جدول أعماله عنوان رئيس يتعلق بمدى نجاح الانطلاق في الخيار الرئاسي الثالث عبر طاولة حوار بين كل المكونات اللبنانية، برعاية دولية.

ويرجح أن يحضر لودريان الاجتماع الخماسي في الدوحة قبل زيارته الثانية الى بيروت، ما يعني أن المعلومات عن وصوله الاثنين المقبل ليست دقيقة بحيث توقعت مصادر صحافية ألا تتم الزيارة قبل 24 تموز الجاري، ليحمل معه أجواء اللجنة، وليس طرحاً، وهذا ما يؤكده كثيرون خصوصاً أن ما من طرف أبلغ دعوة الى المشاركة في طاولة الحوار المنتظرة، ولم يحدد جدول أعمالها أو مكان انعقادها. وانطلاقاً من هذا الواقع، يعتبر البعض أن الاستحقاق الرئاسي لن يرى النور قريباً، وربما يحتاج الى زيارات متعددة يقوم بها لودريان الى بيروت لأن مهمته ليست سهلة، وستعترضها الكثير من العقد في ظل الانقسام الحاد بين الفريقين الأساسيين في البلد مع العلم أن هناك أطرافاً ومنها قوى في المعارضة لا تؤيد فكرة الحوار لانتخاب الرئيس على اعتبار أن الدستور واضح في هذا الاطار، وتطبيقه أسهل الطرق وأسلمها.

على أي حال، لفتت أمس، زيارة لودريان إلى المملكة العربية السعودية التي سيتسلم فيها في أيلول المقبل رئاسة الوكالة الفرنسية لتطوير العلاقة السعودية، والتقى خلالها المستشار في الأمانة العامة لمجلس الوزراء السعودي نزار العلولا، في ديوان وزارة الخارجية في الرياض حيث جرى استعراض وبحث آخر التطورات في الملف اللبناني. واذا كانت الزيارة تأتي في سياقها الطبيعي، وهي جزء من التسلسل المنطقي لمهمة لودريان الذي من المتوقع أن يزور دولاً أخرى الا أنها اكتسبت أهمية خاصة على أمل التوصل الى التقاطع في المواقف بين الدول المتمثلة في اللجنة الخماسية. وبالتالي، تطرح الأسئلة التالية: بعد أن اجتمعت اللجنة الخماسية مرات عدة، ولم تتمكن من إيجاد مخرج للأزمة اللبنانية، هل يمكن التعويل عليها هذه المرة وسط الجهود التي تبذل في هذا السياق خصوصاً أن مصادر تؤكد أن هناك تواصلاً وتنسيقاً مستمراً بين فرنسا والولايات المتحدة؟ ووسط كل هذه الضبابية حول زيارة لودريان، هل سيعود باقتراح أو طرح أو أن زيارته الثانية ستكون على مثال زيارته الأولى أي النقاش والتشاور؟ وهل لا نزال أمام شغور طويل الأمد أو أن الأمور كما يعتبر البعض يمكن أن تتطور بين لحظة وضحاها، وتحصل المفاجآت التي تؤدي الى انتخاب الرئيس؟

شدد النائب الياس اسطفان على أن “الحلحلة الرئاسية تكمن في الذهاب الى البرلمان وانتخاب الرئيس وفق الدستور. المجتمع الدولي يتحرك لأنه رأى أن الوضع في البلد وصل الى مرحلة سيئة جداً، وبات واضحاً للجميع في الخارج والداخل مدى العرقلة التي يقوم بها الفريق الآخر، وسوء استخدام الحق في تطيير الجلسات. وبالتالي، الدول الصديقة، تحاول في ظل عدم امكان أي فريق انتاج الرئيس، وهي مشكورة على جهودها ومساعيها، لكن الحل الأساس في الداخل من خلال تطبيق الدستور”.

وسأل: “الدعوة الى الحوار حول ماذا؟ هناك آلية لانتخاب الرئيس، فلماذا الحوار؟ ثم ان طرح الحوار خلال كل هذه المرحلة ومنع مجلس النواب من الانعقاد لانتخاب الرئيس بغية الحوار يهدف الى تشتيت الرأي العام لأن هناك مخططاً أكبر من الموضوع الرئاسي”، وقال: “لا يمكن أن نستبق الأمور، فلننتظر نتائج اجتماع اللجنة الخماسية، ومساعي لودريان، لكن في النهاية القرار لبناني. اذا كانت المساعي والوساطات تساعد في انتاج الرئيس، فليكن، لكن أن يكون بالمواصفات التي وضعناها”. واعتبر أنه “لا يمكن تحديد مدة الشغور اذ من الصعب توقع ما يحصل بين ليلة وضحاها. وآن الأوان لنتحول الى دولة بكل معنى الكلمة”.

وأكد النائب بلال عبد الله أن “الكرة في ملعب اللبنانيين وليس في ملعب اللجنة الخماسية، ولودريان يحاول عبر طريقته الفرنسية ووفق الحسابات الفرنسية مع اللجنة الخماسية، لكن الى اليوم لم يظهر اللبنانيون أي قابلية للتسوية الداخلية، وهذا الاستمرار في الانقسام العمودي والمواقف التي لا تلين، سيصعّب حتى مساعدة الغير لنا”، سائلاً: “ما هو المطلوب أن يتفق الخارج ويفرض على لبنان الرئيس؟ هل يجوز أن يكون الحوار بين اللبنانيين عبر الوساطة؟ اذا ارتضى اللبنانيون هذه الطريقة، فلنتوقف عن التغني بالسيادة”.

وأوضح أن “لودريان في زيارته الأولى كان مستمعاً، وعن الزيارة المقبلة، نسأل: ماذا سيطرح وعلى من طالما أن كل فريق لا يزال على موقفه؟ يقال انه سيطرح الحوار بين اللبنانيين، لا مشكلة لأن المهم التحاور. في حال طرح الخيار الثالث سيكون نتيجة حوار أو نتيجة ارادة سياسية بالتسوية؟”، مشدداً على أن “المطلوب خلق هذه الارادة السياسية، والارتقاء الى مستوى المصلحة الوطنية لانقاذ البلد، وليس انتظار الخارج فقط. ليس هناك من استعداد داخلي لخلق تسوية وطنية تستطيع الانقاذ. هناك استحقاقات داهمة ليس من السهل تخطيها من دون تسوية سياسية”.

ورأى النائب حسين جشي أن “المشكلة في لبنان، لبنانية بامتياز وليست مشكلة خارجية”. واذ شكر “الأصدقاء الذين يحاولون مساعدتنا”، تمنى من بعض الشركاء “النزول عن الشجرة، وليعرفوا أن هناك شركاء آخرين في البلد وعلينا أن نتفاهم مع بعضنا البعض”، مستبعداً “الوصول الى نتيجة من خلال مساعي لودريان، لكن لا يمكن التشاؤم كلياً لأنه يمكن أن يحصل تقريب في وجهات النظر مع العلم أن هذا لا يحل المشكلة لأن التعاون بين اللبنانيين هو الأساس”.

أضاف: “لودريان في زيارته الأولى، كان يحاول ايجاد أي قاسم مشترك بين اللبنانيين، وربما اليوم يحاول جمع الفرقاء، وقد ينجح في ذلك، لكن في الحوار لا يمكن التفاؤل كثيراً اذ نرى التصريحات والمواقف المتباعدة. نحن لبنانيون وعلينا أن نقبل بعضنا البعض وأن نقبل بالحوار غير المشروط اذ ليس هناك من حل آخر. نحن جاهزون للنقاش، ودعونا الى حوار غير مشروط، لكن لن نقبل برئيس يأتمر بأوامر السفارة الأميركية أو يتآمر على المقاومة أو يلغي 36 في المئة من أصوات اللبنانيين. المطلوب أن يتفهم الطرف الآخر هواجسنا، ونحن نتفهم هواجسه، وليتفهم ظروفنا ونتفهم ظروفه لنصل الى نتيجة ترضي الجميع”. ولفت الى أن “الشغور، وفق المعطيات الحالية يبدو أنه سيمتد الى فترة طويلة”.

شارك المقال