أبو مازن في جنين… هل وصلت الرسائل؟

زاهر أبو حمدة

قبل يومين، وخلال مقابلة مع قناة “سي أن أن” الأميركية، انتقد جو بايدن القيادة الفلسطينية: “السلطة فقدت مصداقيتها وإسرائيل ليست السبب، انما لأن السلطة خلقت فراغاً للمتطرفين… في التواصل السياسي ضروري عدم ترك الفراغ. يجب أن يكون هناك رد فلسطيني بالمستوى نفسه”. تزامن هذا التصريح “الغريب” مع اعلان الرئاسة الفلسطينية أن الرئيس محمود عباس، سيكون في جنين ومخيمها للاطلاع على أحوال الناس بعد العدوان الاسرائيلي الأخير. هنا كانت الرسالة الأولى الى البيت الأبيض أن لا فراغ في جنين وكذلك لا وجود لـ”متطرفين”. وأثبت استقبال أهالي جنين للرئيس لا سيما قادة “كتيبة جنين” و”كتائب شهداء الأقصى”، أن عباس يؤمن شبه غطاء سياسي لهم، ولو لم يعلن ذلك مباشرة.

ورد أبو مازن، على كلام بايدن، حين ذكر السامعين والناظرين بقضايا الحل النهائي للمفاوضات (اللاجئون وحق العودة، المستوطنات، القدس، الدولة والحدود): “الكل يعمل من أجل الوحدة والبقاء في أرض الوطن، حتى نحرره كاملاً ونبني دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وليس أبو ديس، ليكون هذا الوطن للجميع ومفتوحاً للجميع ليعود له الـ14 مليون فلسطيني”. هذه الجملة لخصت نقاط الخلاف مع الأميركيين والاحتلال، وعدم بدء مفاوضات من حيث توقيع اتفاق أوسلو.

اما الرسالة الثانية، فكانت موجهة نحو الاحتلال وحكومة بنيامين نتنياهو: “لن نرحل منها حتى يرث الله الأرض وما عليها… نحن هنا باقون… نحن هنا قاعدون. أنتم (الاحتلال) حلّوا عنا”. ولوّح عباس بغصن شجرة من الزيتون، قائلاً: “هذا الزيتون نحن زرعناه ونحن نحافظ عليه وإذا اقتلعوا شجرة فسنزرع مكانها ألف شجرة، هذه هي فلسطين وهذا هو الشعب الفلسطيني”. وبالتالي، اعتبر أبو مازن أن هذه مرحلة صمود أكثر منها مرحلة مواجهة كبرى، وذلك بتعزيز القدرات والامكانات للشعب الفلسطيني عبر تأكيده أن “السلطة الفلسطينية ستبدأ باعمار المخيم وستعيده أحسن مما كان”.

اما الرسائل الداخلية، فهي تقرّب من الناس عبر التدعيم المادي والمعنوي. وركز عباس على “وحدة الشعب” في الكلمة القصيرة “المرتجلة”: “جئنا لنقول إننا سلطة واحدة ودولة واحدة وقانون واحد وأمن واستقرار واحد. وأقول للقاصي والداني: هذه البلاد أمنها وسلطتها ستبقى واحدة، وكل من يعمل من أجل وحدتها وأمنها أهلاً به. غير ذلك لن نسمح إطلاقاً وأقولها بكل صراحة، إن اليد التي ستمتد إلى وحدة الشعب وأمنه وأمانه واستقراره ستقص من جذورها”. وهنا غمز لجهة حركة “حماس” ومن دعا الى المواجهة مع الأمن الوطني ومقرات السلطة لا سيما في جنين. وبما أن هذا التحذير يأتي قبل اجتماع الأمناء العامين للفصائل في القاهرة نهاية الشهر الحالي، فيمكن اعتباره مقدمة للمشاورات قبل أن تبدأ.

في كل المقاييس، يمكن اعتبار وجود الرئيس الفلسطيني في جنين، بادرة إيجابية على الرغم من الانتقادات الكثيرة. والأهم أن عباس وسط مخيم جنين أي حيث ما يسميه الاحتلال “عش الدبابير”، فهل وصلت الرسائل الى من يهمهم الأمر؟ ربما وصلت بسرعة الى الاحتلال، اذ بعد خروج عباس من جنين اخترقت الطائرات الحربية أجواء المدنية كاسرة حاجز الصوت. ولعل من المفيد أن يكرر الرئيس وجوده في المحافظات لا سيما نابلس وطولكرم حيث الاعتداءات الاسرائيلية شبه يومية، وكذلك في قرى عوريف واللبن الشرقية وترمسعيا وغيرها حيث اعتداءات المستوطنين المتكررة. ومعروف أن جولات كهذه تتطلب إجراءات خاصة لكن من المهم العمل عليها، على أمل أن نرى الرئيس الفلسطيني في القدس وغزة.

شارك المقال