العلاقة بين الحزب والتيار تعود… لكن ليس الى سابق عهدها

هيام طوق
هيام طوق

منذ 17 عاماً لم تصل العلاقة بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” الى هذا الحد من التدهور والبرودة على خلفية التباين الكبير حول رئاسة الجمهورية، وتمسك الحزب بترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، بالاضافة الى دستورية جلسات حكومة تصريف الأعمال، وغيرها من الملفات التي أظهرت التباين بين الطرفين مع العلم أن التواصل لم ينقطع بينهما عبر لقاءات بين رئيس لجنة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا ورئيس “التيار” النائب جبران باسيل بعيداً عن الأضواء.

ومنذ أن طرح الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان بعد جلسة انتخاب 14 حزيران الماضي، إمكان عقد طاولة حوار كي يتحاور اللبنانيون في ما بينهم، كان “التيار” والحزب الأكثر ترحيباً كما تقاطعت مواقفهما حول بعض الملفات ومنها التعيينات ما يمكن أن يؤسس لاعادة العلاقات تدريجاً على الرغم من أن المراقبين يؤكدون صعوبة ترميم العلاقة التي اهتزت خصوصاً أن باسيل لا يزال متمسكاً بموقفه بعدم تأييد فرنجية، كما أن الحزب ليس في وارد الانتقال الى الخطة “ب” أي عدم التخلي عن ترشيح فرنجية. وفي حين ذكرت وسائل اعلام “التيار” أنّ التواصل مع الحزب جاء بناء على طلب الأخير، الذي أعاد النظر في شرط حصر التحاور باسم فرنجية كمرشح وحيد، أكد أحد المقربين من الحزب لموقع “لبنان الكبير” أن شرط الحزب للقبول بالعودة الى التواصل مع “التيار” هو عدم وضع الشروط المسبقة حول ملف رئاسة الجمهورية لأن باسيل كان يشترط التخلي عن دعم فرنجية قبل أي حوار.

على أي حال، حصل اللقاء بين صفا وباسيل الذي أعلن “أننا عاودنا التحاور مع حزب الله بذهنية إيجاد حل من دون فرض شروط مسبقة، وهذا الحوار الذي بدأ بوتيرة جيدة وإيجابية، نأمل أن يتكثف للوصول إلى نتائج تأتي بالمنفعة لجميع اللبنانيين وليس لفريق على حساب آخر”، لكن أحد المتابعين أكد في تصريح لموقع “لبنان الكبير” أن العلاقة لن تعود كما في السابق، ومرحلة اتفاق مار مخايل طُويت الى غير رجعة لأن الوقائع السياسية تغيّرت، وستبنى العلاقة الجديدة على أساس المصلحة خصوصاً أن الاستحقاقات الدستورية أظهرت أن كل طرف في حاجة الى الآخر مع العلم أن باسيل يريد إرضاء قاعدته الشعبية التي لا تؤيد خيارات الحزب في إدارة البلد، وتطالبه بالتمايز في المواقف والقرارات.

الطرفان اتفقا على عدم تسريب معلومات عن اللقاء الذي اعتبر البعض أنه لن يؤدي الى أي نتيجة مهمة انما جاء لفرملة تدهور العلاقة كما ولتهدئة الوضع بين القواعد الشعبية على وسائل التواصل الاجتماعي، وأن النقاش لم يخرج من اطار العموميات ولم يدخل في التفاصيل حول الملفات الخلافية، الا أن بعض المعلومات الصحافية أشارت الى أن اللقاء تطرق الى الملف الرئاسي، وجرى نقاش حول الموانع التي تؤدي الى استبعاد باسيل لفرنجية من السباق الرئاسي، ومن اللائحة الرئاسية التي يقترحها.

إذاً، في ظل الواقع السياسي المستجد، وتمسك باسيل الذي يتقاطع مع المعارضة في تسمية الوزير السابق جهاد أزعور، بموقفه الرافض لفرنجية في حين أن الحزب متمسك بمرشحه حتى النهاية، هل يمكن القول ان العلاقة ستعود تدريجاً الى سابق عهدها بين الطرفين خصوصاً أنه حكي عن لقاءات أخرى ستعقد لاحقاً، واأ اللقاء الأخير فتح الباب أمام النقاش الهادئ لمعالجة الملفات الخلافية أو أن العلاقة ستحكمها المصالح الخاصة وفق التطورات والمستجدات والاستحقاقات لأن اتفاق مار مخايل قد أصبح من الماضي، ويحتاج الى انعاش؟

أكد النائب غسان عطا الله أن “العلاقة بين التيار والحزب لم تنقطع يوماً انما خفتت في مرحلة لأن هناك اختلافاً واضحاً في وجهة النظر حول الشراكة الحقيقية في التعاطي مع الملفات في الحكومة المستقيلة كما في ملف رئاسة الجمهورية، لكن العلاقة استمرت عبر طرق مختلفة. جلسة انتخاب الرئيس في 14 حزيران أظهرت واقعاً جديداً وأكثر وضوحاً، بمعنى أنها أثبتت أن ما من طرف قادر وحده على حلحلة الأمور، ولا بد من مرونة في التعاطي، والتفاوض بين المكونات. لذلك، بدأت تُفتح بعض الأبواب لمحاولة الوصول الى نتيجة، وأول الغيث كان عدم قبول الحزب بالتعيينات إن كان على صعيد حاكمية مصرف لبنان أو على صعيد المؤسسة العسكرية”.

وأوضح أن “اللقاء بين باسيل وصفا كان ايجابياً وجيداً، وهو لقاء عادي يأتي في سياق اللقاءات السابقة مع العلم أن ترشيح فرنجية وموقفنا منه، تم الحديث عنه منذ أشهر، ورأينا واضح في هذا الاطار. أهم ما طرح في اللقاء، الحفاظ على الشراكة الحقيقية بين كل المكونات وعدم عزل أي شريك في ظل غياب رئيس الجمهورية، لاعادة التوازن والشراكة الى المسار الطبيعي”، مؤكداً أن “باسيل لن يقتنع بترشيح فرنجية، ولن يغيّر رأيه مهما حصل من تقارب مع الحزب ومهما جرى من نقاش حول هذا الأمر”.

وقال: “كل علاقة جيدة مع أي مكوّن لبناني تريح ولا تزعج، ونتمنى أن تكون العلاقة جيدة مع الجميع لأن البلد لا يُحكم الا بالتوافق. نحن من الأساس كنا صلة وصل بين كل المكونات، ولسنا محسوبين على أحد ولا يمكن لأي طرف أن يفرض رأيه علينا. لذلك، يمكن أن نكون الى جانب هذا الفريق أو ذاك حسب ما تقتضيه المصلحة الوطنية. ولا يمكن أن نقبل أن يقول لنا أحد انه اذا أردتم أن تكونوا الى جانبنا يعني أنكم ستكونون ضد الآخر”. واعتبر أن “ليس من المستحيل أن يقنع باسيل الحزب بالسير بمرشح آخر غير فرنجية”.

وأشار النائب حسين جشي الى أنه “لم تكن هناك قطيعة مع التيار على الرغم من الجمود، وأتى اللقاء في سياق اعادة الحوار كما صرّح باسيل. هناك مقاربات متباعدة حول العديد من الملفات، واعادة العلاقات الى طبيعتها تتوقف على نية الطرفين في ذلك. نحن ليست لدينا سلبية تجاه التفاهم مع العلم أنه يجب اعادة النظر في بعض الأمور، ولا يزال الوقت باكراً للتحدث عن اعادة العلاقات الى طبيعتها”.

ولفت الى أن “خيار الانفصال أو الابتعاد بين اللبنانيين لم يصل الى نتيجة ما يعني أنه لا بد من التحاور الذي نطالب به منذ أشهر، ولنتنازل عن المكابرة لأن الناس تدفع الثمن. نحن منفتحون على كل الطروح، ومن حقنا في الوقت نفسه ابداء رأينا بأننا لا نريد رئيساً يطعن المقاومة. نحن نقول اننا جاهزون للنقاش من دون شروط مسبقة، ومقتنعون الى اليوم أن خيار فرنجية مناسب، وفي حال طرح خيار أنسب، نتناقش، ولا نقفل الباب. باسيل يعلم أننا حاضرون لمناقشة الأسماء التي يطرحها”، مشدداً على “أننا نريد انقاذ البلد ونعيش فيه بأمان”.

شارك المقال