اجتماع الدوحة بنتيجة واحدة: المشكلة في لبنان

هيام طوق
هيام طوق

اتجهت الأنظار بالامس الى الاجتماع الذي عقدته اللجنة الخماسية الدولية المهتمة بالشأن اللبناني في الدوحة، بمشاركة مُمثلي السعودية ومصر والولايات المُتحدة وقطر والموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الذي سبق أن زار لبنان ثم السعودية.

ووفق المعلومات قدم لودريان قراءته للملف اللبناني بعد أن اطّلع من المسؤولين اللبنانيين على مختلف آرائهم، والبحث في مدى نجاح البدء بالخيار الثالث لرئاسة الجمهورية وفق طاولة حوار توافقية ورعاية دولية، من دون أن تتضح آلية الحوار وأجندته، وما اذا كانت ستنحصر بالأزمة الرئاسية أو تطال استحقاقات أخرى مرتقبة أبرزها تشكيل الحكومة، تعيين حاكم لمصرف لبنان وتعيين قائد للجيش، لكن بالنسبة لقراءته بعد جولته اللبنانية لا شيء محسوم في هذا السياق خصوصاً أن هناك قوى ترفض الحوار بهدف انتخاب رئيس للجمهورية على اعتبار أن القانون واضح في هذا الاطار.

وعلى الرغم من أن اللجنة الخماسية اجتمعت سابقاً في باريس، ولم يتحرك الملف في لبنان بايحابية، فإن بعض اللبنانيين يعوّلون كثيراً على اجتماع الدوحة، ويعتبرون أن دخول لودريان على خط الأزمة كما أن محاولات قطر المستمرة في تقريب وجهات النظر بين ممثلي الدول في اللجنة، لا بد من أن تؤدي نتائجها المرجوة في حين يقلل البعض الآخر من إمكان حدوث أي خرق في الملف الرئاسي طالما أن فرنسا تخوض الملف من منطق غير واقعي ولا يناسب حقيقة الازمة خصوصا اذا استمر “حزب الله” بتمسكه بمرشحه. كما أن بعد 9 أشهر من الشغور، بات واضحاً ان هناك من يريد ربط الاستحقاق الرئاسي بنتائج التقارب السعودي – الايراني علما ان لا علاقة للملف بالتقارب، او حتى بالتقارب الأميركي – الايراني مع الاشارة الى أن نقاشات لودريان مع كبار المسؤولين في الدول المعنية تلعب الدور الأهم. والتقى أمس رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطرية محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني بعد اجتماع اللجنة، وجرى استعراض علاقات التعاون بين البلدين، بالاضافة إلى آخر المستجدات في المنطقة، لا سيما في لبنان، وفق ما ذكرت وكالة الانباء القطرية “قنا”.

وفيما أشارت معلومات الى أن الاجتماع كان ايجابياً، وبدأت الأمور تأخذ منحى جدياً في البحث عن حلول، اعتبرت أوساط مواكبة أنه لا يجوز استباق الأمور، وعلى الرغم من أن لودريان سينقل الى الاليزيه نتائج الاجتماع الخماسي واللقاءات الأخرى التي أجراها قبل أن يصل الى بيروت في زيارته الثانية الا أن هناك الكثير من العقد التي تعترض طريقه، وحتى لو سارت الأمور في الاتجاه الصحيح، فإن أي بوادر للحل لن تظهر قبل فترة طويلة أو أشهر ما يعني أن الأزمة الرئاسية مديدة، وكل ما يجري ليس سوى تمرير للوقت لأنه بكل بساطة لبنان ليس من أولويات الدول المؤثرة.

على أي حال، أشارت اللجنة الخماسية، في بيان، الى أن “من الأهمية بمكان أن يلتزم أعضاء البرلمان اللبناني بمسؤوليتهم الدستورية وأن يشرعوا في انتخاب رئيس للبلاد. ناقشنا خيارات محددة في ما يتعلق باتخاذ إجراءات ضد أولئك الذين يعرقلون إحراز تقدم في هذا المجال”، لافتة الى أنّها “على استعداد للعمل مع لبنان لدعم تنفيذ الإجراءات الإصلاحية”. وشددت على “الحاجة الماسة إلى الاصلاح القضائي وتطبيق سيادة القانون، وأهمية تنفيذ الحكومة اللبنانية لقرارات مجلس الأمن الدولي والاتفاقيات والقرارات الدولية الأخرى ذات الصلة.”

لا شك في أن الاجتماع الخماسي سيشكل البوصلة التي على أساسها سيتحرك لودريان خلال زيارته المتوقعة أواخر تموز الحالي الى لبنان، لكن هل هناك من جديد بين الاجتماع السابق واجتماع الأمس، وبالتالي، يمكن الحديث عن فوارق بين الاجتماعين؟ وهل يمكن انتظار أي نتائج إيجابية وسط التحليلات المتضاربة والتي تتراوح بين الايجابية والسلبية؟ وكيف قرأ المتابعون بيان اللجنة؟

قال الوزير السابق رشيد درباس في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “من حيث الشكل، لا بد من التوقف عند بعض الأمور المهمة اذ أن لودريان هو الممثل الشخصي لرئيس جمهورية فرنسا، واللجنة الخماسية تأخذ في الاعتبار أن الرجل مكلف بمهمة يريد اتمامها، لذلك تتجاوب معه وتعطيه ما توصلت اليه من آراء وأفكار، وطلبت منه التواصل مع كل الأطراف بهدف الوصول الى حل وسطي اذ تعذر الحل في الداخل اللبناني. هناك توجه نحو حل آخر يحظى بموافقة الأطراف، وفي حال وجود أي عقبة يحاول ممثلو الدول في اللجنة حلحلتها، وأنا أعتقد أنه قبل أن يجتمع لودريان مع المسؤولين الايرانيين لن يكون هناك من حلّ اذ يمكن أن تتفق اللجنة على كثير من الطروح انما حزب الله يعارضها جميعها، فهل يمكن السير حينها بهذه الطروح؟ علينا الأخذ في الاعتبار آراء الدول التي يمكنها الحل والربط في الملفات اللبنانية. وبالتالي، لا بد من المزيد من الوقت لتذليل بعض العقبات وإدخال بعض الأطراف في المفاوضات”.

ورأى أن “الطبقة السياسية في لبنان أعجز من أن تنجز أي اتفاق لا بل أي لقاء لأنها فقدت الاستقلالية”، لافتاً الى أن “الدول المؤثرة لم تضع لبنان على جدول أعمالها أو ليس من الأولويات”.

وأوضح درباس أن “اللجنة اجتمعت في قطر لسببين: أولاً، قطر تحاول الوصول الى حل. ثانياً، من المرجح أن تكون الطبخة وضعت على النار، لكنها لم تنضج بعد، وقطر كما فرنسا تحاولان باستمرار الوصول الى حل، وذلك يشير الى أن الغيوم بدأت تنقشع، لكن بصورة بطيئة جداً، ولا بد من أن الشغور سيستمر لأشهر”.

واعتبر أن “هناك من يستخدم الوقت وهناك من ليس منزعجاً من الشغور الرئاسي لا بل يفيده”، مشيراً الى أن “الاجتماعات والحوارات في الداخل، يمكن وصفها باستثمار الفراغ من أجل الفراغ. أما بالنسبة الى اجتماعات اللجنة الخماسية، فلا بد من التأكيد أن لودريان لم يقبل المهمة التي كلف بها كي يضيع الوقت أو يفشل انما يريد الوصول الى نتيجة ايجابية”.

وأكد درباس أن البيان يؤشر الى أن “الدول المجتمعة وضعت القضية اللبنانية في موضع متقدم في جدول الاهتمام. وتضمن البيان اشارات واضحة ولوماً للقوى السياسية التي تعرقل انتخاب الرئيس، كما أشار الى أن المجتمعين بحثوا في حدود العقوبات التي يمكن أن تفرض على من يثبت تورطهم في عرقلة انتخاب الرئيس. أما الإشارة الى تطبيق القرارات الدولية، فهذا تأكيد على أن تكون للبنان سيادة غير منقوصة وألا تكون هناك أي شراكة للقوى الأمنية اللبنانية مع أي قوى عسكرية أخرى. وأبدى المجتمعون استعدادهم لمساعدة لبنان للنهوض شرط انتخاب الرئيس، وركزوا على الاصلاح القضائي ما يدل على أن القضاء ليس بخير وأن السياسة نخرت فيه، وبالتالي، لا بد من إعادة ترميم لهذه البنية”.

ورأى الوزير السابق عدنان منصور أن “التعويل دائماً على كل اجتماع يحصل بين أعضاء اللجنة الخماسية على أمل أن يخرج بحل لأزمة انتخاب رئيس الجمهورية، لكن هناك وجهات نظر متباينة بين أعضاء اللجنة اذ ليس هناك من اتفاق جامع وموحد بينهم الى اليوم، وكل دولة ترى من منظارها الخاص طريقة الحل. مع العلم أن المسألة في نهاية الأمر، مرتبطة باللبنانيين أنفسهم، ولا يمكن أن يأتي الحل من الخارج اذا لم يتوافق المسؤولون في الداخل”، معتبراً أنه “لو صدر قرار من اللجنة الخماسية، وهناك فريق أو أكثر في الداخل، لم يتجاوب، لا يمكن الافادة، لذلك، عندما نتحدث عن الحوار اللبناني – اللبناني يكون مقدمة أساسية ومهمة من أجل الخروج من الأزمة المستعصية طالما أن الانقسام عمودي وكل فريق متمسك برأيه. ويبقى السؤال: هل من قرار خماسي موحد يمكن أن تتقبله القوى اللبنانية؟”.

أضاف: “لأن المشكلة داخلية بامتياز، نرى أن الأزمة الرئاسية مستمرة منذ أشهر حتى أن الأوروبيين قالوا ان على اللبنانيين ايجاد الحل لأنه لا يمكن فرض الحل من الخارج، من هنا أهمية الحوار بينهم وغير ذلك، نبدو وكأننا دولة قاصرة لا تستطيع اتخاذ القرار، ولا تستطيع القوى السياسية، ايجاد المخرج الأفضل للأزمة. اذا لم يظهر أي حل، فهذا يعني أن الأزمة مستمرة، ونحن متجهون الى شغور رئاسي طويل”.

وأسف منصور للتعويل على “ملفات خارجية ترتبط بدول أخرى”، قائلاً: “لنفترض أن هذه الملفات ستستغرق وقتاً من الزمن، هل ننتظر سنوات؟ على اللبنانيين أن يعرفوا أن لبنان ليس من أولويات الدول”. وأشار الى أن “لا جديد في بيان اللجنة الذي يشدد على ضرورة أن ينتخب اللبنانيون رئيس الجمهورية، وأن الدول المتمثلة فيها تقف الى جانب لبنان ومساندته للخروج من أزمته السياسية والاقتصادية، ما يعني أن ليس هناك من قرار واضح موحد بشأن لبنان لدى الأعضاء في اللجنة”.

شارك المقال