يا طالب الدبس…!

صلاح تقي الدين

لم يكن متوقعاً من اجتماع اللجنة الخماسية الذي انعقد في العاصمة القطرية الدوحة، أكثر من البيان الذي صدر والذي وإن كان إنشائياً، إلا أن الجهود السعودية بدت واضحة من دون لبس من خلال التشديد على التمسك باتفاق الطائف سبيلاً وحيداً للمحافطة على لبنان وإنقاذه من الأزمات السياسية الداخلية التي يمر بها.

كما كان البيان خالياً من أي محاولة لجمع القادة السياسيين إلى طاولة واحدة أكان ذلك بسبب ما يسميه البعض حواراً، أو توافقاً للوصول إلى حل لأزمة انتخاب رئيس جديد للجمهورية يحاول لململة شتات الدولة التي تركها له العهد القوي السابق ورئيسه ميشال عون.

وفي هذا الاطار، كان لافتاً الرد المليء بالسخرية الذي ورد على لسان مصدر نيابي تعليقاً على استذكاره قول الرئيس عون أنه سيترك بلداً أفضل مما تسلّمه، بحيث راح المصدر يعدّد لـ “لبنان الكبير” الفارق بين لبنان الذي تسلّمه عون ولبنان الذي تركه لخلف ليس واضحاً متى ستنتقل السلطة إليه لكي يبدأ بمحاولة إنقاذ ما تبقى من مؤسسات وإعادة وضع البلد على سكة التعافي.

وأشار المصدر إلى أن بيان اجتماع اللجنة الخماسية لم يأتِ على ذكر موضوع الحوار الذي يتمسّك به بعض فرقاء الداخل ويرفضه البعض الآخر، بل شدّد على ضرورة أن يقوم النواب بواجبهم الدستوري من حيث التوجه إلى المجلس النيابي وعقد جلسات متتالية حتى يصار إلى انتخاب رئيس، ستكون من أولى المهام الجسام الملقاة على عاتقه حينها الدعوة إلى طاولة حوار.

وأضاف أن التغاضي عن الدعوة إلى الحوار، قد “خربط” المهمة التي سيقوم بها الموفد الفرنسي جان إيف لودريان خلال زيارته المرتقبة إلى لبنان، بحيث أن معظم الترشيحات كانت تصب في قدوم “المبعوث” حاملاً دعوة إلى الحوار، وبالتالي فإن الأسئلة تدور بعد اجتماع اللجنة حول ما سيحمله لودريان لا سيما أنه بات واضحاً أن دعوته إلى الحوار أًصبحت مستبعدة.

وعما إذا كان اجتماع اللجنة قد تطرّق فعلاً إلى البحث في اسم المرشح لرئاسة الجمهورية، اعتبر المصدر أن ما يمكن التأكد منه هو أن معظم الأسماء التي كانت متداولة للرئاسة قد سقطت، وبالتالي فإن اسم الوزير السابق جهاد أزعور الذي “تقاطعت” حوله قوى المعارضة مع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل قد سقط فعلياً بعدما بدأ باسيل حواره مع “حزب الله”، كما أن اسم رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية سقط هو الآخر للسبب نفسه.

ورأى المصدر أن حوار باسيل – “حزب الله” قد ينجح فعلاً في الوصول إلى توافق حول اسم مرشح ثالث لا “يطعن” المقاومة في الظهر كما يشدد الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله، ولا يشكّل “خطراً” على باسيل من حيث المواقع الادارية والأمنية والمالية التي يرغب في الحصول عليها في مرحلة التعيينات المقبلة، وانتخابياً من حيث عدم تشكيله قوة تقف في وجهه وتضمن له الاحتفاظ بالكتلة “الفضفاضة” التي يملكها الآن.

لكن المصدر أكد أنه في حالة فشل الحوار الباسيلي – الحزبلاوي، فإن ذلك يعني أن “حزب الله” سيستمر متمسكاً بترشيح فرنجية على الرغم من عدم قدرته على إيصاله إلى قصر بعبدا، وسيعيد باسيل خطوة إضافية إلى الوراء ويسعى إلى تقاطع جديد مع قوى المعارضة حول مرشح جديد.

لكن المصدر توقف عند ما قالته سفيرة فرنسا لدى لبنان المغادرة آن غريو في خطابها خلال الاحتفال بذكرى 14 تموز في قصر الصنوبر، اذ أن اللهجة بدت لهجة “استعمارية” أكثر منها “انتدابية” وهو ما قد ينعكس على مهمة لودريان الذي قد “يقلّد” غريو ويحاول فرض فوقية على الفرقاء اللبنانيين الذين سيقابلهم وهو ما سيزيد من تعقيد الأزمة الرئاسية أكثر من حلحلتها.

فمن الواضح أن المحاولة الفرنسية السابقة بفرض معادلة سليمان فرنجية – نواف سلام التي سقطت، قد تتحول إلى محاولة جديدة لكن هذه المرة ستكون بفرض اسم مرشح للرئاسة، لكن المصدر اعتبر أن أي محاولة من هذا القبيل ما لم تكن مقرونة بموافقة أميركية – سعودية – إيرانية لن تنجح، ومن هنا تساءل: هل من الممكن أن نرى اجتماعاً قريباً للجنة الخماسية ستكون على قاعدة 5+1 أي بإشراك إيران في هذه اللجنة؟

وخلص المصدر النيابي إلى أن أي محاولة لحل الأزمة الرئاسية في لبنان لن تنجح من دون إشراك إيران مباشرة بالمفاوضات الجارية، ولعل الاتفاق السعودي – الايراني الذي حصل في بكين برعاية صينية قد يسهم في إدخال إيران إلى هذه الحلقة من الدول التي تسعى إلى حل أزمة لبنان الرئاسية.

خلاصة القول ان أزمة الرئاسة في لبنان طويلة، وقد يمر الصيف وندخل إلى الخريف من دون أن نرى نواب لبنان مجتمعين في المجلس ولا يملكون مخططاً مسبقاً لتعطيل النصاب بغية انتخاب رئيس جديد للبنان. لكن هل ينطبق المثل الشعبي الدارج على هؤلاء: يا طالب الدبس…!

شارك المقال