ليت بيروت عاصمة الاعلام والشباب العربي

هيام طوق
هيام طوق

شهد لبنان هذا العام فعاليتين عربيتين مهمتين يمكن أن تسهما في ضخ الروح في جسده المريض ولو لأيام قليلة، أولهما “بيروت عاصمة الاعلام العربي لعام 2023″، و”بيروت عاصمة الشباب العربي 2023″ بحيث تقاطرت الوفود المشاركة في هذا الحدث الذي يتزامن مع إطلاق النشاط الأول وهو “منتدى الشباب العربي للتمكين الاقتصادي والاجتماعي”، ويترافق مع زيارات سياحية للضيوف إلى مدينتي جبيل وبعلبك، ولكن تبدو هذه الفعاليات كإبرة مورفين ينتهي مفعولها مع مغادرة الضيوف لأن البلد المريض لا يمكن أن يتعافى، وهو منسلخ عن محيطه العربي خصوصاً الخليجي.

تنظم الفعاليات الاعلامية والشبابية العربية في بيروت، لكن لبنان يفتقد رواده العرب والخليجيين خصوصاً، والشباب العربي الذي كان يعتبر بلد الأرز الوجهة الأحب الى قلبه، إذ أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام الوفد الوزاري العربي المشارك في افتتاح فعاليات “بيروت عاصمة للشباب العربي” أن ” لبنان إما أن يكون بلد العرب أو لا يكون. اللبنانيون يتطلعون الى دعم أشقائهم العرب ومؤازرتهم، وخصوصاً في هذه المرحلة الراهنة بما يمكننا من تجاوز التحديات التي تهدد لبنان والمنطقة”.

لكن السؤال الذي يطرح في هذا السياق، كيف السبيل الى أن يكون لبنان بلد العرب ولم يلتزم بالمبادرة الكويتية العربية – الدولية التي طالبت بتنفيذ اتفاق الطائف ومراقبة الحدود، وتنفيذ القرارات الدولية والعربية، وضمان ألا يكون منطلقاً لأي أعمال ارهابية تزعزع استقرار المنطقة وأمنها، ومصدراً لتجارة المخدرات وترويجها، وحصر السلاح بمؤسسات الدولة الشرعية، ووقف العدوان اللفظي والعملي ضد الدول العربية وتحديدا الخليجية؟ وهذه البنود تتطابق مع ما طالبت به اللجنة الخماسية من أجل لبنان التي اجتمعت منذ أيام في الدوحة، اذ شدد المجتمعون في بيانهم الختامي على أهمية تنفيذ الحكومة قرارات مجلس الأمن الدولي والاتفاقات والقرارات الدولية الأخرى ذات الصلة، بما في ذلك تلك الصادرة عن جامعة الدول العربية، إضافة إلى الالتزام بوثيقة الوفاق الوطني التي تضمن الحفاظ على الوحدة الوطنية والعدالة المدنية في لبنان.

الوزير السابق فارس بويز اعتبر في تصريح لموقع “لبنان الكبير” أن “الرئيس بري أراد عبر هذا الكلام أن يكذّب أقوال البعض أن لبنان خرج عن محيطه العربي، وأنه يجنح نحو الفارسية. أراد التأكيد أن لبنان سيبقى عربياً. لبنان كان دوماً لولب العرب وسيبقى هكذا، ولبنان هو الذي أسهم بفي النهضة العربية اسهاماً أساسياً”، مشيراً الى أن “الأوراق التي وضعت من أجل لبنان جيدة، لكنها ليست منزلة. فلننتظر ماذا سيطبق منها. ثم انها أوراق عامة ولم تضع آليات تنفيذية، ولم تتخذ خطوات فعلية في اتجاه التطبيق”.

وشدد على ضرورة “انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، يحظى بقبول الجميع، ويكون رئيساً مستقلاً، ويستطيع أن يجمع الكل حول حوار وطني لحل القضايا الأساسية، وحينها، نعيد فرض احترامنا على الجميع، ويعود لبنان الى موقعه ودوره في العالم العربي والعالم أجمع”.

أما النائب السابق غسان مخيبر، فأشار الى أن “عروبة لبنان موجودة في مقدمة الدستور، ولم تعد موضوع صراع، وارتباط لبنان ثقافياً بالعالم العربي وبالعالم أجمع منصوص عليه في الدستور، والمطلوب اليوم من لبنان ليس أن يكون عربياً وحسب، بل أن يكون دولة أولاً لأنه فقد صفته كدولة بعد انهيار مؤسساته وانهيار ثقة المواطنين به. هذه الدولة، بعيداً عن الشعارات تحتاج الى اعادة بناء ثقة أبنائها، وهذا لا يتم عبر الخطط أو البيانات انما عبر أعمال لا يقوم بها السياسيون، وهذا عار عليهم”.

ورأى أن “على المسؤولين أن يستمعوا الى الشعب المتألم قبل أي شيء، الشعب الذي يطالب باستعادة المؤسسات قبل أن يطالب بها المجتمع العربي أو الدولي. كل ما قيل في البيانات والأوراق العربية أو الدولية، يطالب به الشعب اللبناني كل يوم. المخزي أننا فقدنا حتى الثقة بأنفسنا، وبتنا نتسكع على أبواب الدول، وهذه علامة من علامات الانهيار”، معتبراً أن “لبنان قبل أن يعود الى الحضن العربي، يجب أن يعود بمؤسساته الى حضن شعبه أي أن يعود السياسيون الى مرجعية الشعب لا الى مرجعية مصالحهم التي قتلتهم، وقتلت الدولة اللبنانية وما تزال، وهنا تكمن الطغمة الكبيرة”.

وفي ظل كل ما يعانيه البلد اليوم من أزمات، وبعد كل المواقف والتصريحات السلبية لبعض الوزراء والمسؤولين تجاه الدول الخليجية، والذين تنكروا لكرم هذه الدول تجاه لبنان ومساندته في أحلك أيامه، هل بيروت مستعدة لأن تكون عاصمة الشباب العربي؟ وهل لا يزال يصح القول ان بيروت عاصمة للشباب العربي؟

أجاب بويز: “بيروت قبل كل شيء هي شعب لبناني والشعب لا تغيّره الأزمات السياسية والاقتصادية، وهي ثقافة وطريقة عيش لن تتغير مهما صعبت الأوضاع والظروف. لذلك، لا تزال بيروت على الرغم من الأزمات تثبت يوماً بعد يوم أنها عاصمة حيّة وعاصمة إرادة عيش لا تقهر. ولمن يتشاءم، نقول ان تاريخ لبنان مليء بالغزوات والأزمات، وكل مرة كانت القراءات الدولية والاقليمية تعتبر أن لبنان انتهى، لكنه كان يخرج من تحت الرماد ليحيا، وهذا ما جعل البعض يتكلم عن الأعجوبة اللبنانية”. وأكد أن “هناك معطيات لا تفنّد بدراسات أكاديمية ولا بإحصاءات انما هناك وقائع عيش أو حالة حياة تتغلب على كل الصعاب، وهذا ما أثبته لبنان عبر تاريخه. بيروت تعج بالحياة وبالمهرجانات والموسيقى والثقافة، وهي تستحق عن جدارة أن تكون عاصمة الشباب العربي على الرغم من جروحها”.

فيما لفت مخيبر الى أن “اختيار بيروت لهذه الفاعلية في هذا الوقت بالذات، تذكير للبنانيين وللشباب الذين يهاجرون بأنهم كانوا ويجب أن يكونوا منارة للشرق. لبنان بلد غني جداً بناسه وليس بسياسييه. ويحتاج العرب كما اللبنانيون الى كثير من الثقة التي تستعاد من خلال ترميم المؤسسات التي انهارت. المهم أن يبدأ الشباب اللبناني بالوثوق بدولته وبسياسييه كي تنتقل عدوى الثقة الى الشباب العربي”، مشدداً على أن “المسؤولية لا تقع على دول الخليج اذ أن الجميع يطالب لبنان بدءاً بمواطنيه، بإعادة الثقة. والدعوة ممزوجة بإعادة تكوين السلطات من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والحكومة، وبسياسات تخدم المواطنين وتكافح الفساد. واذا عادت المؤسسات، فتعود الثقة، ولا بد من أن يعود الأشقاء العرب بمن فيهم الشباب”.

شارك المقال