تقارير مجلس الأمن حول لبنان… جرس إنذار من خطر محدق

هيام طوق
هيام طوق

زارت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السرايا الحكومية، ووضعته في أجواء جلسة مجلس الأمن الأسبوع الفائت التي قدمت فيها مع وكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام جان بيار لاكروا إحاطة الى مجلس الأمن عن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حول تنفيذ القرار1701 (2006). ويغطي التقرير الفترة الممتدة من 21 شباط إلى 20 حزيران 2023.

وأشار المكتب الاعلامي لفرونتسكا إلى أن “النقاش في مجلس الأمن تناول التوترات الأخيرة على طول الخط الأزرق بين لبنان وإسرائيل وضرورة قيام الطرفين بمنع وتجنب أي أعمال يمكن أن تؤدي إلى تصعيد سريع بحيث أن الجانبين اللبناني والاسرائيلي لم ينفّذا بعد كامل التزاماتهما بموجب القرار 1701، ولم يُحرَز أي تقدم نحو التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار بين لبنان وإسرائيل”، اذ لفت التقرير الى “أشغال البناء والهندسة التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي بالقرب من الخط الأزرق، ومواصلة إسرائيل خرق المجال الجوي اللبناني” كما أعرب عن “قلق بالغ تجاه إجراء حزب الله تدريباً عسكرياً في 21 أيار شارك فيه مقاتلون مسلحون يرتدون الزي العسكري ويحملون الأسلحة الثقيلة، فهذا انتهاك للقرار1701”. وعرض التقرير الأممي لنتائج جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 14 حزيران وأصوات كل من جهاد أزعور وسليمان فرنجية، ولضرورة قيام القادة السياسيين اللبنانيين بالاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية كنقطة انطلاق نحو إعادة تفعيل مؤسسات الدولة وبدء عملية التعافي، وأن الفراغ الذي دام قرابة التسعة أشهر يقوّض قدرة لبنان على معالجة أزمة البلاد المتعددة الأوجه من خلال زيادة تآكل مؤسسات الدولة وتأخير عودته إلى التعافي بالاضافة الى تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية وعدم اتمام معظم الاجراءات الأساسية اللازمة للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.

إذاً، التقرير الذي تألف من 23 صفحة، ويتضمن 91 نقطة أضاءت على مختلف الازمات اللبنانية، سبقته تقارير عدة، وقرارات كثيرة لم تطبق، لكن ما أهمية مثل هذه التقارير الصادرة عن أهم المؤسسات الدولية؟ وهل هناك من آلية لتنفيذ المقررات أو نوايا لذلك أو أنها تبقى حبراً على ورق من باب المواقف الاعلامية والاعلانية؟

قال نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “لسوء الحظ، الأمم المتحدة خاضعة لموازين القوى داخلها، والدول الكبرى والأساسية هي التي تستطيع أن تعطي لهذه التقارير بعداً معيناً يغطي سياساتها في العالم أو ألا تعطيها”. وأشار الى أن “التقارير التي صدرت بحق العراق هي التي مهّدت لامكان حرب العراق من دون أن يكون هناك مبرر لها، واليوم يقيمون النقد الذاتي، وما قاله رئيس الوزراء البريطاني الأسبق طوني بلير عندما تحدث عن الخطأ الذي ارتكب في العراق، وعن التقارير الكاذبة، يصب في هذا السياق”.

ولفت الى أن “منسقة أنشطة الأمم المتحدة في لبنان ترسم واقعاً الى حد ما صحيح، لكن الأهم من هذا كله، الأسباب العميقة التي لا يقاربها المجتمع الدولي لأنه لا يستطيع أن يتجاوز خطوطاً حمراً وضعتها موازين القوى العالمية”، متسائلاً: “عندما يتحدثون عن انتخاب رئيس للجمهورية من دون أن يحددوا مفهوم الحوار، وينصحون بالحوار، ما معنى هذا الكلام؟ ماذا يعنون بالتعطيل؟ هناك اختلاف عميق في مفهوم قراءة الدستور. عندما يلوّحون بالعقوبات، ماذا يعنون بذلك؟ هي محاولة لفرض قوة لإجبار النائب على سلوك مسلك معين. أين الشرعية هنا؟ وماذا يعني الحديث عن الـ 1701 والـ1559 في معرض انتخاب رئيس الجمهورية؟ هذا يؤدي الى مزيد من الشرخ والانقسام، ولن يؤدي الى انتاج رئيس للجمهورية”.

وأكد الفرزلي أن “الأمم المتحدة كانت تلعب دوراً أساسيا في العالم منذ تأسيسها الى اليوم، لكن ماذا فعلت في العراق وأفغانستان وتدخل الدول الأجنبية عبر ثورات الدول العربية؟”، معتبراً أن “تطبيق الفصل السابع يعني المزيد من الحروب والويلات. الأهمية ليست في التقارير انما في نوايا المسؤولين في الأمم المتحدة اذ ان نوايا الموجودين على الأرض سليمة، لكن كيف تصدر القرارات والتقارير؟ وفي الخلاصة، الأمور مستمرة كما هي عليه ربما لفترة طويلة وما من رائحة لحلول قريبة”.

أما الوزير السابق رشيد درباس فرأى أنهم “يلعبون اليوم على أرض دولة لا يمكنها الاستمرار. في البداية، يمكن للتقارير أن يكون لها طابع اعلامي واعلاني، لكن حين يحصل التراكم، وفي لحظة ما يمكن أن تؤدي الأمور الى قرارات أكثر جدية من التقارير. أما ما هو أثر تلك التقارير؟ الأثر على كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة اذ تقول التقارير اننا لا نثق بدولة لبنان، وهذا يزيد من الحصار حصاراً أو يشيحون وجوههم عنا بناء على هذه التقارير. ثم ان التهديد بالعقوبات التي يعتبرها البعض غير مؤثرة، هي في الواقع تؤثر كثيراً على الأفراد والمجموعات على الرغم من أنها تتطلب المزيد من الوقت للتنفيذ. ألا نرى أين أصبحنا؟ وبأي حال؟ هل كنا نفكر منذ 5 سنوات أننا سنصل الى ما وصلنا اليه على كل الأصعدة السياسية والمالية والاقتصادية؟ هذا كله نتيجة الصراع الدولي. نحن لسنا أصحاب قرار انما ننفذ القرارات التي تملى علينا اذ ان كل جهة مرتبطة بجهة خارجية شئنا أم أبينا”.

أضاف: “لا يمكن أن نتوقع أن يتخذ مجلس الامن قراراً بالتدخل العسكري، هذا غير وارد الا اذا حصلت الحرب مع ايران على سبيل المثال، ونصبح نحن من ملحقات الحرب، وهذا غير مطروح اليوم على طاولة البحث. وما يمكن أن نتوقعه اليوم أن مثل هذه التقارير تؤدي الى مزيد من الأزمة في لبنان، اذ ليس مستبعداً بعد فترة من الزمن أن نفقد اللحمة الشعبية ليس بين الطوائف انما في الطائفة عينها حيث نرى صراعاً طبقياً. واليوم يتم اللعب في هذا الملعب. انها لعبة في غاية الحساسية لأن الدولة لا يمكن أن تحتمل تعطيل المرافق وتأجيل الاستحقاقات وتعطيل الحركة اليومية السياسية والاجتماعية والاقتصادية”.

وأوضح درباس أن “مجلس الأمن يمكن أن يتدخل ديموقراطياً على سبيل المثال، فرنسا تطلع الأمم المتحدة على ما تقوم به بالنسبة الى لبنان كما أن اجتماع الدوحة، يحيطها علماً بما توصل اليه. انها وساطات ديبلوماسية الى حين تستحق الساعة التي تحصل فيها تسويات خارجية تنعكس علينا في الداخل. وبالتالي، هذه التقارير يمكن تصنيفها أنها أجراس إنذار من الخطر المحدق”.

شارك المقال