أيلول… طرفه مبلول بالتسويات الخفيّة أو بالانتخابات الديموقراطية؟

هيام طوق
هيام طوق

منذ أن وصل الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت، مستهلاً لقاءاته في زيارته الثانية مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، بُثّت أجواء إيجابية لفت فيها بري الى أنه “يمكننا القول إن كوة في جدار الملف الرئاسي قد فتحت”، فيما أكد القادة والمسؤولون الذين التقاهم لودريان على التوالي أمس وأول من أمس أن النقاشات والمحادثات كانت جيدة اذ قدم كل طرف ما لديه كما عرض الموفد الفرنسي ما لديه من طروح، وأشار مصدر مطلع لموقع “لبنان الكبير” الى أن لودريان، بعكس لقاءاته في الزيارة السابقة، كان مناقشاً ومبادراً وليس مستمعاً وحسب، مع العلم أن المجالس بالأمانات، ولا يمكن الافصاح عن تفاصيل النقاشات أو ما تم التوصل اليه مع كل فريق، لكن بات من المعلوم أنه طرح فكرة مدعومة من اللجنة الخماسية التي اجتمعت أخيراً في الدوحة، تتمحور حول حوار في أيلول المقبل يستضيفه قصر الصنوبر، وسيكون هدفه الوحيد البحث في مواصفات رئيس الجمهورية المقبل من دون طرح الأسماء، على أن يلي الحوار انعقاد الجلسة الـ13 لانتخاب الرئيس الجديد، وتعقد دورات متتالية من دون تعطيل. وأبدى معظم المسؤولين تجاوباً مع هذا الطرح حتى أن “القوات اللبنانية” التي كانت ترفض فكرة الحوار حول الاستحقاق الرئاسي، قال رئيسها سمير جعجع بعد الخلوة: “لم نأخذ القرار بأي مشاورات حتى الآن”.

على أي حال من اليوم الى أيلول ربما تتغير معطيات كثيرة، والحوار العميق والهادئ بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” ربما يتوصل الى نتيجة قبل أيلول، وتنتفي مسببات الدعوة الى الحوار، لكن اذا لم يحصل ذلك، فإن الحوار المدعوم من اللجنة الخماسية تحت عنوان البحث في مواصفات الرئيس ومشروع انقاذ البلد، مؤشر إيجابي، ويبقى أن تستجيب الأطراف أو لا تستجيب، وطالما تبنّت الدول الخمس هذا الحوار، فلا بد من أنها تمون على حلفائها في الداخل للتجاوب، وفق مصدر مواكب لزيارة لودريان والذي شدد على أن انتخاب رئيس في لبنان لا يمكن من دون حوار لأننا في بلد توافقي على الرغم من أن الدستور لا ينص على ذلك. اليوم سنذهب الى الحوار بضغط خارجي، اذ لودريان يتحدث باسم اللجنة الخماسية، واذا لم يتجاوب اللبنانيون فسيتركون لمصيرهم.

وفي هذا السياق، لا تخفي المعارضة بعض هواجسها، اذ أوضح أحد الوزراء السابقين أن “لودريان اقترح نقاشاً في أيلول المقبل، لكن ما هو لافت أن النقاش لوضع المعايير والمواصفات لرئيس الجمهورية، مع أن الدستور واضح في كيفية انتخاب الرئيس، ولم يتضمن في أي بند من بنوده التوافق على المعايير الرئاسية، أو أن الرئيس يكون نتاج نقاشات وحوارات وتسويات ومصالح شخصية. ثم لماذا الاتكال التام على الخارج للتوصل الى اسم لرئاسة الجمهورية؟ كما أن التوقيت في أيلول مهين للبنانيين الذين يموتون كل يوم ألف مرة في معيشتهم. وبعد أيلول، لا بد من أننا سندخل في دوامة الانتظارات الطويلة. وهنا بيت القصيد بحيث هناك تخوف من استغلال الوقت وصولاً الى تسوية ما، اذ ان فريق الممانعة كان ضد اقتراحنا الذي عرضناه مرات عديدة أي عقد دورات متتالية في جلسات الانتخاب، فما الذي تغيّر اليوم للقبول بدورات متتالية وصولاً الى انتخاب الرئيس؟ هل اسم مرشحه لا يزال على قائمة الأسماء؟ نحن نشك في حسن نية الطرف الآخر وفي المنظومة التي تفعل ما تريد، وما يحصل اليوم على صعيد حاكمية مصرف لبنان خير دليل، ونحن في مرحلة دقيقة وحساسة جداً. اللبنانيون تعوّدوا على التسويات في الغرف السود المغلقة بين ثنائيات، وهذا ما نتخوف منه، لكن نحن بالمرصاد”.

وعن إمكان المشاركة في الحوار في أيلول المقبل، أكد الوزير المعارض أن “ليس هناك من رأي اتخذته المعارضة اليوم. نحن منفتحون على كل ما يصب في مصلحة الوطن، لكن الأمور مبهمة حالياً، وسيصبح المشهد أكثر وضوحاً في المرحلة المقبلة التي على أساسها تتخذ المعارضة القرار المناسب”.

وعن تفاصيل اللقاء مع لودريان، أشار الوزير السابق الى أن “ما نقوله في العلن، تحدثنا به مع المبعوث الفرنسي، اذ طالبنا بأن يتنازل الفريق الآخر عن مرشحه كخطوة أولى، والتوجه نحو جلسات متتالية لانتخاب الرئيس. أما لودريان، فكان واضحاً بحيث طرح الحوار حول بند وحيد، الاستحقاق الرئاسي، وعبّرنا أمامه عن عامل الوقت المميت بالنسبة الى الشعب اللبناني، وسألنا عن سبب التأخير الى أيلول، فكان الجواب أن الوقت ضروري للتواصل والبحث في كيفية التوصل الى حلول عملية”.

وعلى المقلب الآخر أي فريق الموالاة، فهو يتكتم أو بالأحرى لا يريد أن يضيف أي تعليق أو توضيح، واكتفى بما قاله الرئيس بري الذي رفض الدخول في التفاصيل حتى مع المقربين منه، لكن مصدراً مقرباً من “الثنائي الشيعي” أكد لموقع “لبنان الكبير” أن هناك انسداداً في الداخل والخارج، وفي أيلول ستفعّل اللقاءات والاتصالات. اليوم هناك حوار جدي وعميق وهادئ بين “حزب الله” ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، ليس على اسم الرئيس وحسب، انما على أمور كثيرة، وما ينقل عن باسيل أنه وصل الى طريق مسدود في التقاطع الرئاسي مع المعارضة، ويشعر أنه في مكان غريب بعيداً عن الحزب. اليوم هناك اسمان جديان للرئاسة: فرنجية وقائد الجيش، وباسيل يفضل فرنجية على قائد الجيش، وبالتالي، يمكن أن يتوصل الى تسوية مع “الثنائي” حول فرنجية أفضل من تسوية “الثنائي” مع أميركا حول اسم قائد الجيش مع العلم أن توقيت الحوار في أيلول ليس داخلياً انما خارجي لاعتبارات عدة، وخلال هذه المرحلة هناك احتمال أن يتوصل الحزب والتيار الى تفاهم، لكن ربما يصلان أيضاً الى خلاف ما يعني أن التوقيت في أيلول ليس بهدف اتمام التسوية بين الطرفين خصوصاً أن الحوار بينهما لا يرتبط بسقف زمني. ويمكن الذهاب الى أبعد من ذلك، بحيث أن باسيل حتى لو توافق مع “الثنائي” لانتخاب فرنجية، فلا يتم الانتخاب من دون التوافق الاقليمي، وهذا ليس سراً. وبالتالي، التوافق الداخلي وحده لا يكفي كما أن الاتفاق بين الدول على اسم لا يمكن أن ينتج رئيساً. الكل ينتظر تسوية تشمل الجميع.

شارك المقال