حوار أم “ورشة عمل”… عناوين شراء الوقت

محمد شمس الدين

“لا للحوار” كان العنوان الأبرز لقوى المعارضة في الفترة السابقة، لا حوار من رئيس مجلس النواب نبيه بري، ولا حوار برعاية فرنسية، ويمكن القول إن هذا الرفض كان أهم سبب لفشل المبادرة الفرنسية عدة مرات، قبل الموفد الرئاسي جان ايف لودريان ومعه، ولكن اليوم تبدو هذه القوى أكثر قبولاً بـ”ورش عمل رئاسية” اقترحها لودريان من وحي أجواء اللقاء الخماسي في الدوحة، فما الفرق فعلياً بينها وبين أي طرح للحوار؟

أوساط المعارضة تؤكد لـ “لبنان الكبير” أن “الحوار المطروح سابقاً لم يكن محصوراً برئاسة الجمهورية، بل كان يتخطاها إلى المس بالتركيبة وتثبيت أعراف غير دستورية، بل أكثر من ذلك كان حوار الهيمنة والفرض من الممانعة، ولهذا السبب رفضته المعارضة بكل أطيافها. أما اليوم فما يطرح ليس حواراً حتى على اسم الرئيس، بل حول المواصفات، والأهم هو الالتزام بعقد جلسات نيابية مفتوحة بعد الانتهاء منه، ولذلك يمكن أن يكون مقبولاً أكثر لدى المعارضة من كل الطروح السابقة”.

وفي هذا السياق، يشير عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب غسان حاصباني الى أن “المواصفات الرئاسية لدى كل فريق محددة سابقاً، واليوم هناك تنسيق مع فرقاء المعارضة، كي تكون لدينا مقاربة موحدة بالنسبة الى ما طرحه لودريان”.

ويرى عضو كتلة “تجدد” النائب أديب عبد المسيح أن “المطروح اليوم يمكن وصفه بالإيجابي، كون الحوار من دون شروط وهيمنة، وهو محصور بملف واحد، رئاسة الجممهورية، ولكننا في المعارضة لا نزال في مرحلة التشاور لايجاد صيغة مناسبة لنعطي ردنا على لودريان بالطريقة الصحيحة، وفي حال قررنا المشاركة سنشارك برأي واحد، واذا قررنا المقاطعة، فسنعطي تبريراً واضحاً لسبب مقاطعتنا”. ويعزو سبب فشل طروح الحوار السابقة الى أن “هناك طرفاً كان يقول سليمان فرنجية أو لا أحد، كيف يمكن أن يكون حوار بهذه الطريقة؟”.

ويعتبر عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسين جشي أن “تقبلهم لطرح لودريان الحالي يعني بداية نزولهم عن الشجرة”، مؤكداً أن “لا مانع لدينا من أي تفاهم أو تشاور أو حوار، نحن نريد أن نأكل العنب، وفي بلدنا لا شيء يسير من دون تفاهم، وكانت قوى السيادة تقول ان مرشحنا مرفوض ونقطة على السطر، تريد منا أن نناقش بمرشحها وممنوع أن نناقش بمرشحنا، ولكن لدينا يقين بأنهم في النهاية سيقبلون بالواقع، ولا أحد يمكن أن يلغينا، فلوائح الأمل والوفاء شكلت أكثر من 36% في الانتخابات النيابية من عدد الناخبين، من دون احتساب الأصوات التي رفدناها للحلفاء”.

ويقول جشي: “مرشحنا معروف وطبيعي واسمه مطروح أصلاً منذ أكثر من عشر سنوات، ونحن تبنينا هذا الترشيح جدياً، بينما الفريق الآخر، رشح أول اسم، وخلال 11 دورة أخذ ورد، كان خلالها يتحدث عن اسم آخر، ثم انتقل إلى مرشح التقاطع. وقبل الجلسة كانوا يقولون ان هذا آخر مرشح مدني، وإلا سننتقل الى المرشح العسكري، فهل كانوا يتسلون بمصير البلد؟ لا يمكن التعاطي بملف رئاسة الجمهورية بهذه الطريقة من الخفة”.

بينما يشدد داعمو رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية على أنهم لطالما كانوا يدعمون الحوار والتوافق، وترى المعارضة أن تمسكهم بترشيحهم هو تحدٍ، وأن الحوار كان هدفه محاولة إقناعهم بفرنجية، بل هو محاولة لضرب الطائف، إلا أن الرئيس نبيه بري يرفض هذه الاتهامات، معتبراً أنه أكبر المدافعين عن الطائف، وأول المتقدمين بمحاولات تطبيقه، ولطالما مد اليد الى التوافق والحوار، بل تقول أوساطه إن الحوار لطالما كان سمة من سمات الرئيس بري منذ دخوله العمل السياسي وحتى اليوم، وهو أب الطائف وأخوه وكل أهله، ولذلك لا يمكن اتهامه بالتشدد في أي ملف سياسي وتحديداً الملف الرئاسي.

وتلفت أوساط متابعة الى أن “لودريان لا يحمل معه شيئاً، ويبدو أنه التقط عدوى شراء الوقت من القوى السياسية اللبنانية، التي جميعها تنتظر الاشارة الاقليمية لانتخاب رئيس، وطالما أن الأميركيين لم يقولوا كلمتهم بعد لا يوجد رئيس، وحتى ذلك الحين، يمكن تحريف أنظار الجمهور إلى حوار أو تشاور أو ورشة عمل رئاسية، أياً كانت التسمية، والأولويات الاقليمية، وتحديداً الأميركية هي ليست بالرئاسة اللبنانية”.

شارك المقال