النيجر: الانقلاب المؤيد لبوتين يهدد أوروبا؟

حسناء بو حرفوش

في تحالف ضد الغرب، تواصل روسيا توسيع رقعة نفوذها في النيجر، حسب مقال في موقع “تلغراف” الالكتروني. ووفقاً للمقال، “للمرة الخامسة منذ استقلال البلاد عن فرنسا عام 1960، أطاح انقلاب عسكري قيادة النيجر. واحتجز الحرس الرئاسي الأربعاء، محمد بازوم، المعروف بأنه أحد آخر حلفاء الغرب في منطقة الساحل بشمال أفريقيا.

الحشود لوحت بالأعلام الروسية ورددت الدعم لمرتزقة فاغنر، الأمر الذي دفع بالمحللين الى التحذير من أن روسيا توسع نفوذها بسرعة في المنطقة في تحالف ضد الغرب. وبالتوازي، يتصاعد عدم الاستقرار في جميع أنحاء منطقة الساحل بشكل يمثل تهديداً جديداً لإمدادات الطاقة في أوروبا.

في هذا السياق، حذر دانيال فوبيرت، مؤسس شركة Excalibur Insight للاستشارات من المخاطر على أمن الطاقة الأوروبي، قائلاً: “قد نجد أنفسنا أمام أزمة طاقة جديدة، إذا فعلت روسيا في أفريقيا ما تقوم به في أوكرانيا. وإذا كان الروس قادرين على شن مثل هذه الحرب في أوروبا، فما الذي يمنعهم من ذلك في أفريقيا، بينما لا أحد يراقب؟ يبدو أن الفرنسيين غير مهتمين مع أنهم يجب أن ينتبهوا لأن النيجر تنتج نحو خمسة بالمئة من اليورانيوم في العالم وهو عنصر حاسم في الطاقة النووية لكنها تصدره كله إلى فرنسا التي تنتج 70 بالمئة من احتياجاتها من الكهرباء من مصادر نووية”.

“اليورانيوم غير الخاضع للعقوبات”

ويركز أحد محللي المخاطر في Fitch Solutions على أن “النيجر تعتمد على صادرات اليورانيوم إلى فرنسا أكثر من اعتماد الأخيرة على واردات اليورانيوم من النيجر”. لكن الانقلاب يسلط الضوء على مشكلة أوسع تتعلق باليورانيوم الذي لا يخضع لعقوبات. وأتى زهاء ثلثي واردات فرنسا من اليورانيوم في العام 2022 من دول تقع الآن في دائرة نفوذ روسيا. وفي العام الماضي، تدفق 30 في المائة من واردات فرنسا من اليورانيوم مباشرة من روسيا. أما مصدر الـ 12 في المائة و 9.6 في المائة الأخرى فمن كازاخستان وأوزبكستان على التوالي، وكلاهما من دول الاتحاد السوفياتي السابق. هذا الأمر مقلق نسبياً!

عدا عن ذلك، سجلت سبعة انقلابات في غرب أفريقيا ووسطها في السنوات الثلاث الماضية وحدها، وانتشر تمرد جهادي من مالي. كانت النيجر حليفاً غربياً رئيساً في المنطقة بعد أن طردت مالي وبوركينا فاسو القوات الفرنسية المتمركزة هناك.

يبدو أن النمط المتبع يتكرر. لقد كان لروسيا بالفعل تأثير واضح في مالي وفي بوركينا فاسو في أعقاب انقلابات مماثلة. الخطر الرئيس يتمثل في ابتعاد النيجر عن الاعتماد على فرنسا والولايات المتحدة والاتجاه نحو روسيا. كما تصدر فرنسا الطاقة إلى ألمانيا.

بالنسبة الى فيليب أندروز سبيد، الباحث في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة: “ما كان الطلب ليشكل مشكلة إن لم يرتفع لكن الوضع حساس”. وارتفعت الأسعار بصورة مطردة من كانون الثاني 2021 إلى الشهر نفسه من العام 2023، وارتفع سعر اليورانيوم 74٪. في الأشهر الستة الأولى من هذا العام، ارتفع بنسبة 11 في المئة أخرى.

وقد يؤدي وجود روسيا أيضاً إلى تعطيل خط أنابيب الغاز العابر للصحراء، والذي من المقرر أن يمتد من نيجيريا، عبر النيجر إلى أوروبا كجزء من استراتيجية تنويع إمدادات الغاز الأوروبية بعيداً عن روسيا. وبمجرد اكتماله، سينقل حوالي 30 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى أوروبا سنوياً – وهو ما يكفي لتلبية الطلب على الغاز من حوالي 30 مليون منزل في أوروبا. ومن المتوقع أن يحل هذا محل جزء كبير من 155 مليار متر مكعب كانت أوروبا تستوردها من روسيا، التي ربما لهذا السبب تحاول بناء علاقات وثيقة جداً مع المجلس العسكري الجديد في النيجر، لكن من غير المرجح أن تسيطر على المشروع حيث بوتين لا يمتلك الوسائل الاقتصادية للقيام بذلك. لكن الوجود الروسي في النيجر في حد ذاته يمكن أن يعزز أيضاً من جهودها الحربية في أوكرانيا. وبصورة حاسمة، هناك تهديد هائل لعدم الاستقرار الاقليمي، حيث تبني روسيا بصورة مطردة مجال نفوذ في مواجهة الغرب، خصوصاً في ظل الانشغال الفرنسي”.

شارك المقال