لبنان على “فالق” منصوري

رواند بو ضرغم

وقع لبنان على فالق الأزمات ولم تقِه القوى السياسية “المربكة” من الانهيارات وتحلل مؤسسات الدولة. أربع وعشرون ساعة متبقية من ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ولا يزال نائب الحاكم الأول وسيم منصوري يتأرجح بين رغبته في تسلم مهمة الحاكمية وبين حرم المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى وتخوف رئيس مجلس النواب نبيه بري من تحميل الطائفة الشيعية مسؤولية تفلت سعر صرف الدولار.

الحل الوحيد المتيسر أمام حكومة تصريف الأعمال هو في شراء الوقت وتجميد استقالة نواب الحاكم لأطول وقت ممكن. وتقول مصادر حكومية لموقع “لبنان الكبير”: “بعدما أكد مجلس شورى الدولة المؤكد أن استخدام الاحتياطي الالزامي يحتاج الى قانون، ستبادر الأمانة العامة لمجلس الوزراء الى تحويل مشروع قانون الى مجلس النواب بالإجازة للحكومة الاقتراض بالدولار الأميركي من مصرف لبنان بمبلغ محدد ولفترة زمنية معينة، بهدف تأمين رواتب القطاع العام على أنواعه”.

عدول نواب الحاكم عن الاستقالة إذاً، مرتبط بمدى تجاوب الكتل النيابية لتأمين نصاب الجلسة التشريعية، وإقرارها مشروع القانون وحصولها على الغطاء القانوني الذي يسمح لها التصرف بالاحتياطي الالزامي. فإذا اكتمل النصاب وأُقر القانون، يبقى نائب الحاكم الأول متربعاً على عرش الحاكمية الى حين انتخاب رئيس للجمهورية وتعيين بديل للحاكمية، أما إذا لم يكتمل النصاب أو إن اكتمل ولم يُقر القانون فيشهر نواب الحاكم استقالاتهم ويستمرون في تصريف الأعمال وتسيير شؤون القطاع المصرفي والنقدي. وهذا ما سيتضمنه كلام منصوري في مؤتمره الصحافي ظهر اليوم الاثنين، كما تقول مصادر حكومية لموقع “لبنان الكبير”، مؤكدة أن التنسيق متواصل بين منصوري والرئيس ميقاتي.

توقيت خطوات الرئيس ميقاتي يريب مصادر قيادية بارزة، على اعتبار أن الحكومة الى حين انتهائها من وضع مشروع القانون وتحويله الى مجلس النواب وبانتظار تحديد موعد لجلسة تشريعية وإعلان مواقف الكتل النيابية من المشاركة فيها، يكون قد شارف شهر آب على النهاية، وبتنا بانتظار عودة المبعوث الفرنسي الخاص جان ايف لودريان لإجراء الحوار. لذلك فإن هذه الخطوات تعتبر عملياً بمثابة شراء ميقاتي للوقت ولعبه على أوتار عين منصوري في الحاكمية.

الرئيس بري مستعد لتحديد موعد للجلسة التشريعية فور تسلمه مشروع القانون من الحكومة، ولكن هل يؤمن “التيار الوطني الحر” نصاب الجلسة؟

“التيار الوطني الحر” في حالة ارتباك، وخصوصاً أن “حزب الله” سلّفه موقف رفض تعيين البديل في ظل حكومة تصريف الأعمال، وتمسكه بالأطر القانونية التي تنقل الحاكمية الى سلطة النائب الأول، وهذا ما يُرتّب على الحزب مسؤولية المرحلة المقبلة في ظل إصرار الرئيس بري على رفض تسلّم النائب الشيعي الحاكمية.

واقع يضع “التيار الوطني الحر” أمام السيء والأسوأ، إما تطيير نصاب جلسة رفع المسؤولية عن “حزب الله” بقوننة استخدام الاحتياطي، أو المشاركة في جلسة الإقرار بسياسة رياض سلامة والزامية استخدام مئتي مليون دولار شهرياً من الاحتياطي الالزامي لرواتب الموظفين. موقف “التيار الوطني الحر” من المشاركة أو عدمها غير محسوم حتى اللحظة، الا أن مصادر مطلعة على المفاوضات ترجّح أن يكون المخرج في اعتبار هذا التشريع ضرورياً، وأن تمكين نواب الحاكم، لا سيما النائب الأول، من الاستمرار في تولي صلاحيات الحاكم أمر ضروري، وتحصينهم لعدم وقوعهم في المخالفات التي كان التيار يُعيبها على سلامة أمر بديهي، لذلك يُفترض أن يشارك التيار في الجلسة ويصادق على مشروع قانون كهذا.

شارك المقال