حقبة سلامة انتهت… هل الخلاص بالنظام السياسي المنهار وأداء الكفّار؟

هيام طوق
هيام طوق

اليوم، في الأول من آب، انتهت حقبة تاريخية من “عصر” رياض سلامة الذي أدار السياسات النقدية والمالية طيلة 30 سنة على رأس حاكمية مصرف لبنان حيث جددت الحكومات المتعاقبة منذ العام 1993 ولايته خمس مرات متتالية، لتصبح الأطول بين حكام المصارف المركزية في العالم، وقال في الحفل الوداعي: “أودّعكم لكن قلبي باقٍ معكم”.

وبعيداً من الآراء المتناقضة بين اللبنانيين حول أداء سلامة الذي يعتبره كثيرون عرّاب استقرار الليرة وانتعاش الاقتصاد ما بعد الحرب الأهلية، وحصد الكثير من الجوائز العالمية تقديراً لسياسته النقدية، فيما يحمّله الكثيرون أيضاً مسؤولية الانهيار الاقتصادي غير المسبوق في البلد، ويضعون علامات استفهام حول ثروته التي يتم التحقيق فيها في القضاء الأوروبي، فإن مصرف لبنان ينطلق في مرحلة جديدة مع النائب الأول للحاكم وسيم منصوري الذي شرح الخطوط العامة للسياسة النقدية التي سيتبعها، بدءاً من اليوم، مشدداً على مسألتين شائكتين هما وقف تمويل الحكومة وتحرير سعر صرف الليرة، إذ قال: “إن أي تمويل للحكومة من الآن يجب أن يكون لمدة محددة وأخيرة، ويجب أن يكون مشروطاً بالقدرة على رد الأموال. خيارنا كان ثابتاً وواضحاً وهو أنه مهما كانت الأسباب التي تدفع الحكومة الى طلب أموال من المصرف المركزي، فهي أسباب غير مبررة على الاطلاق ويجب أن يتوقف هذا الاستنزاف نهائياً”.

إذاً، بعد الأخذ والرد، واطلاق التكهنات حول الشغور في حاكمية مصرف لبنان إثر انتهاء ولاية سلامة مع تعذر تعيين حاكم جديد، وتداعياته على الاقتصاد والليرة عموماً، تولّى نائب الحاكم الأول المهام وسط تساؤلات: هل سيتعافى الاقتصاد في ظل السياسة النقدية الجديدة أو أن الامور متجهة الى الانهيار أكثر وأكثر؟ وهل مسؤولية الانهيار تقع على عاتق حاكم “المركزي” على مدى هذه السنوات أو أن المسؤولين يتحملون المسؤولية أيضاً خصوصاً أن منصوري ألمح الى ذلك حين قال ان أي تمويل للحكومة يجب أن يكون مشروطاً بالقدرة على الرد ولمدة محددة؟ وما هو انطباع القوى السياسية حول الخطوط العريضة التي وضعها منصوري في سياسته المصرفية؟

قال النائب جورج عطا الله في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “من الواضح أن الوضع الذي وصلنا اليه نتيجة تقاطع مصلحي بين منظومة مالية – سياسية – قضائية. أما على المستوى السياسي، فالمعركة اليوم معركة التدقيق الجنائي وكشف ما ذكره التقرير الأولي واستكمال التدقيق وصولاً الى كشف الحقائق كاملة وتحميل المسؤوليات، ولا بد أن السياسيين يتحملون حصة وازنة في المسؤوليات”.

ورأى أن “أي شخصية تتولى حاكمية مصرف لبنان لا يمكنها وحدها أن تتخذ أي اجراءات أو اصلاحات انما لا بد من أن يكون هناك خيار لدى القوى السياسية ولدى الحاكم بعدم مخالفة القانون، واذا طلبت القوى السياسية أي أمر مخالف للقانون، فالدور الأول يقع على عاتق الحاكم بعدم القبول. من الواضح أن الاصلاح يتطلب تكاتف الكل، ولكن الحاكم صاحب القرار من حيث التوقيع، واذا أراد عدم مخالفة القانون، مهما بلغ حجم الضغط عليه من أي جهة، فيمكنه الرفض”.

وأشار الى “أننا اجتمعنا مع منصوري ونواب الحاكم الآخرين مرتين الأسبوع الماضي في لجنة الادارة والعدل، وما هو ايجابي التركيز على عدم مخالفة القانون. وحين سألناه ان كانت هناك مخالفة للقانون في السابق؟ أجاب: نعم. كما من الايجابيات أنه لن يقبل بتمويل مالية الدولة لأنه يستنزف ما تبقى من مال في المصرف المركزي. أما القول ان على المجلس النيابي أن يقر تشريعات للسماح بالتصرف بمبالغ مالية محددة، فنحن لا نوافق على اقحام المجلس النيابي في تغطية أي ممارسات مشبوهة”.

ولفت النائب ياسين ياسين الى “أننا سمعنا أن لدى نواب حاكم المصرف المركزي أفكاراً جديدة منها يتعلق بمنصة صيرفة، لكنهم يشكلون امتداداً للمنظومة السياسية والطائفية، وبالتالي، استمرارية للنهج السابق مع تغيير الأسماء”، مشدداً على أن “المسؤول عما وصل اليه الوضع الاقتصادي، هو الطبقة السياسية كاملة بمن فيها سلامة، وبما أن نواب الحاكم امتداد للمنظومة الطائفية والسياسية، فالكل يتحمل المسؤولية. حاكم المصرف تقع على عاتقه مسؤولية مباشرة، وهو ليس موظفاً عادياً، والطبقة السياسية مسؤولة بصورة كبيرة بمعنى أن المسؤولية تشاركية بين جميع المسؤولين. طالما النهج مستمر، فلن نرى أي تغيير أو اصلاح”.

واعتبر أن “الاقتصاد لا يمكن أن يتعافى قبل انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وانتظام عمل المؤسسات والاصلاح السياسي والقضائي والمالي. نحن مستمرون في الانهيار، والوعود تبقى وعوداً كما في السابق”.

وأكد الوزير السابق فادي عبود أن “الحاكم لديه مهمة أساسية لم تمارس كما هناك العديد ممن هم في موقع المسؤولية، يتحملون مسؤولية الانهيار. إذاً، المسؤولية تتوزع على مجموعة كبيرة، واذا استمرت الطبقة السياسية في السير بالنهج السابق أي كما حصل خلال السنوات الـ 30 الماضية أو كما تفعل اليوم، فلا يمكن لأي حاكم بغض النظر عن شخصيته أن يفعل أي شيء. مع العلم أنني لا أعتقد أن الطبقة السياسية تجرؤ اليوم على معارضة أو عدم التجاوب مع المصرف المركزي. الأمر دقيق وليس بهذه السهولة أو البساطة”، مشدداً على أن “الحاكم اذا شعر أنه يتعرض لضغوط كبيرة أو أنه يريد تطبيق القانون، والطبقة السياسية تسير عكس ذلك، فيمكنه أقله ليبرّئ نفسه، أن يستقيل من منصبه أو ألا يفرج عن الأموال لصالح الدولة”.

أضاف: “هناك طبقة سياسية واسعة استفادت من قرارات حاكم المركزي، وساهمت أيضاً بصورة كبيرة في ايصال البلد الى الانهيار الحاصل ما يعني أن الكل شركاء من دون استثناء”.

شارك المقال