لبنان طائرة كوتونو

الراجح
الراجح

قد يكون بعض اللبنانيين يذكر تاريخ 25 كانون الأوّل 2003م حين تحطّمت طائرة بوينغ 727 بعد وقت قصير من إقلاعها، ما أدى إلى مقتل 139 شخصاً كانوا على متنها. واعتُبِر هذا الحادث من الأسوأ في تاريخ الطيران وفقاً لعدد اللّبنانيين الذين فُقِدوا. والأهم أن سبب سقوط الطائرة يعود إلى حشوها بعددٍ من الرُّكاب وحمولة أكثر من زائدة لأمتعتهم، ومتاع بعض المهربين على متنها.

هذا ما فعله تماماً حكّامنا بلبنان حيث حمَّلوا وزاراته وإداراته حمولة تفوق طائرة كوتونو، عدا عن حمولة الديون التي صُرِفَت على مَتاع حكامه، فوقع وارتطم أرضاً كطائرة البوينغ.

ومن بين الركام (ركام الدولة) طالعنا جبران باسيل، وللأسف الشديد مع كثيرين غيره من قوى “المعارضة والتغيير”، بسيمفونية مواصفات الرئيس قبل اسمه؛ وتعالوا نتفق على المواصفات. أولاً، … ألخ، وربطوا عملية إنقاذ البلد بالمواصفات.

هل قرأ هؤلاء يوماً ما قام به أحد أساتذة علم السياسة والاجتماع في إحدى دول العالم المتقدم بسؤاله لتلامذته: “أي من الأشخاص الثلاثة الواردة مواصفاتهم تختارون رئيساً لجمهوريتكم؟”.

المرشح الأول، وهو عجوز بدين مهمِل لصحته ومدمن على الكحول، كما أنه مدمن شره للسيجار، معروف بطيشه السياسي ومعاداته لدور المرأة في الحياة السياسية.

المرشح الثاني، وهو في منتصف العقد الخامس من العمر، يتمتع بصحة جيدة، رصين جداً، لا يدخن ولا يشرب الكحول أبداً، نباتي، يحترم المرأة ويراهن على دور كبير لها. حقق إنجازات اقتصادية رائعة، متعصب جداً لوطنيته وشعبه.

المرشح الثالث، كبير السن عليل الصحة ومصاب بالشلل، مدمن على التدخين، مراوغ وكاذب في السياسة.

بالطبع، الغالبية الساحقة انتخبت المرشح الثاني، وكانت المفاجأة حين أخبرهم الأستاذ أنهم انتخبوا أدولف هتلر وأسقطوا وينستون تشرشل وفرانكلين روزفلت، والأخير فاز بأربع دورات متتالية رئيساً لأميركا. وأنهى الأستاذ قائلاً: “لقد انتخبتم الطاغية والأكثر شرّاً في التاريخ الحديث”. فيا جبران والآخرين، عن أية مواصفات تتحدثون؟

بالعودة إلى طائرة كوتونو، لا بد من التذكير أنه في الساعة 12:20 من صباح ليلة 25-26 كانون الأول، تلقى آمر فوج المغاوير في البحرية اللبنانية العقيد جورج شريم اتصالاً من قائد الجيش الجنرال ميشال سليمان يأمره بإعداد وحدة من قوات المغاوير البحرية لتسافر فوراً في مهمة إنقاذ وبحث عن الجثث في بنين، والأهم موقع “الصندوقين الأسودين”. وكانت المرة الأولى في تاريخ الجيش اللبناني التي يقوم فيها بعملية خارج الوطن.

بعد تحطم لبنان على غرار طائرة كوتونو، هل ما ينتظرنا في أيلول قادم للإنقاذ من المؤسسة ذاتها؟

شارك المقال