انقلاب النيجر: صفقة بين بوتين وبريغوجين؟

حسناء بو حرفوش

هل تتراجع الديبلوماسية الروسية في إفريقيا على الرغم من كل الجهود؟ يعتبر ميل غورتوف، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بورتلاند ورئيس تحرير مجلة Asian Perspective، أنه بالنظر الى الأرقام، قد تشير القمة الروسية – الافريقية في سان بطرسبرغ إلى نوع من التراجع الروسي.

ووفقاً لمقال غورتوف في موقع counterpunch، “إذا افترضنا أن الأعداد هي مؤشر، تجدر ملاحظة مشاركة 21 رئيس دولة إفريقي فقط، وهو عدد أقل بكثير مقارنة بالعام 2019 حين استقطبت القمة 45 رئيس دولة. وقد يعزى الانخفاض في المشاركة الى انسحاب فلاديمير بوتين من صفقة الحبوب مع أوكرانيا، الأمر الذي تسبب بزيادة كبيرة في الأسعار في جميع أنحاء إفريقيا. ويعد بوتين بالحبوب المجانية للعديد من البلدان الافريقية خلال الأشهر الأربعة المقبلة. ومع انطلاق القمة، حدث انقلاب آخر في غرب إفريقيا وهو السابع منذ العام 2020. وتمت اطاحة رئيس النيجر المنتخب ديموقراطياً وتنصيب جنرال كرئيس للدولة واعتقال سياسيين معارضين.

كما حدثت في السنوات الأخيرة انقلابات في مالي وبوركينا فاسو وغينيا وتشاد والسودان. وللنيجر، التي كانت مستعمرة فرنسية سابقاً، أهمية خاصة بالنسبة الى الولايات المتحدة كشريك عسكري في أنشطة مكافحة الارهاب، اذ تدير قاعدة للمسيرات هناك كما لها 1000 جندي. أضف إلى ذلك أن النيجر تمتلك كميات كبيرة من رواسب اليورانيوم. وفي سياق متصل، تبقى الميول السياسية لقيادة الانقلاب غير واضحة ومشكوك فيها.

الاتحاد الافريقي أدان الانقلاب، وطالبت المجموعة الاقتصادية لدول افريقيا الغربية (إكواس) بإعادة الرئيس، بل إنها هددت بالتدخل العسكري؛ ودعت وزارة الخارجية الأميركية الى استعادة الديموقراطية، لكنها اختارت عدم تسمية الانقلاب بهذه العبارة لتترك المجال القانوني مفتوحاً أمام استمرار التعاون العسكري مع النظام المسيطر.

صفقة بوتين – بريغوجين؟

لقد أصبحت سياسة الانقلاب في إفريقيا تخصصاً روسياً، وربما نجد إذا بحثنا أن مجموعة فاغنر الروسية، التي يقودها ما يقرب من 1000 جندي، ستعمل في النيجر. وتجدر الاشارة إلى دعم فاغنر الانقلابات في ثلاثة من البلدان الأخرى المذكورة. وليس من المفاجئ في هذا السياق أن يفغيني بريغوجين، زعيم فاغنر الذي قلب تمرده موسكو رأساً على عقب، حضر القمة. وربما كان وجوده جزءاً من الصفقة التي أبرمها مع بوتين لوقف تمرده.

وبحسب ما ورد، أشاد بريغوجين بانقلاب النيجر على أساس أنه أسقط الاستعمار، في إشارة الى الزعيم الموالي للغرب. وعرض على قواته المساعدة في إعادة إرساء النظام، أي في قمع معارضي النظام الجديد. وتفتح الأحداث المستجدة الباب على مصراعيىه أمام نقطتين أشبه بالمأساة: أولاً، الحكم العسكري يقضي على الخيارات الديموقراطية في جميع أنحاء غرب إفريقيا. كانت حكومة النيجر التي أطيح بها هي أول تجربة ديموقراطية للبلاد. ولا يُظهر الجنرالات الذين يحكمون الآن أي علامة على اهتمامهم بهذه التجربة.

ثانياً، تتمثل الاحتياجات الكبرى في غرب إفريقيا في إيجاد الموارد اللازمة لوضع حد للفقر وللأمية وللتصحر. ولن يساعد التوافق مع روسيا في حل تلك المشكلات. على العكس من ذلك، إذا كان لمجموعة فاغنر نوع من التأثير على نظام الانقلاب في النيجر، فقد ينبئ ذلك بالمزيد من قمع حقوق الإنسان وانتهاك موارد الحكومة لإبقاء الجيش في السلطة”.

شارك المقال