العقوبات الأوروبية على الطريق: طفح الكيّل

المحرر السياسي

قلق أوروبي بالغ حيال تدهور الأوضاع في لبنان وعلى المسؤولين اللبنانيين ضرورة إيجاد حل بأسرع وقت ممكن. هذا ما نقله وزير الخارجية والدفاع الإيرلندي سيمون كوفني للمسؤولين الذين التقاهم في لبنان بحسب مصادر مواكبة لموقع “لبنان الكبير”، ناقلاً تجربة إيرلندا في التعافي من الأزمة الاقتصادية والمالية التي ألمت بها على غرار ما يحصل اليوم في لبنان، واتخاذ قرار باتباع برنامج “الإنقاذ في مقابل التقشف” الذي صممته كل من المفوضية الأوروبية، والبنك المركزي الأوروبي، وصندوق النقد الدولي، والتي قالت بعد النجاح بتطبيقه إن التزام إيرلندا الصارم بالتقشف يُعَد نموذجاً للدول الأخرى.

ولم يغب ملف تشكيل الحكومة وضرورة تنفيذ الإصلاحات المطلوبة عن محادثاته إضافة الى مناقشات الاتحاد الأوروبي حول الوضع في لبنان. وشدد كوفني على أهمية دعم القوات المسلحة لما تمثله من عنصر استقرار قوي للبنان وشعبه.

زيارة الوزير الإيرلندي تزامنت مع كلمة خاطب بها رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب سفراء الدول المعتمدين في لبنان وممثلي البعثات الديبلوماسية، بأن الصورة أصبحت واضحة ولبنان واللبنانيون على شفير الكارثة، مؤكداً أن الخطر الذي يهدد اللبنانيين لن يقتصرعليهم وعندما يحصل الإرتطام الكبير، سيتردد صدى تداعياته خارج جغرافيا لبنان. وقال إن الاستمرار بحصار ومعاقبة اللبنانيين، سيدفع حكماً لتغيير في التوجهات التاريخية لهذا البلد، مناشداً المجتمع الدولي والرأي العام في العالم إلى المساعدة في إنقاذ اللبنانيين من الموت ومنع زوال لبنان.

هذا الكلام لم تستسغه السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو وردت على كلام الرئيس دياب بطريقة قاسية أشبه بالتوبيخ، مشيرة إلى أن الانهيار هو نتيجة متعمدة لسوء الإدارة والتقاعس منذ سنوات، ليس نتيجة حصار خارجي، متوجهة لجميع المسؤولين بالقول: “جميعكم تتحملون المسؤولية وكل الطبقة السياسية المتعاقبة منذ سنوات”.

قسوة هذا الكلام دعا إعلام الرئاسة الى قطع البث التلفزيوني الحي من السراي الحكومي، لكن ذلك لم يؤثر على غريو التي إستمرت بكيل الإتهامات للمسؤولين اللبنانيين معددة ما قدمته فرنسا من مساعدات للبنان وشعبه حتى قبل انفجار المرفأ. ووصفت الاجتماع بالحزين وفي غير مكانه، كاشفة عن مؤتمر ثالث يتم الإعداد له مع عدد من الشركاء لدعم اللبنانيين لأنه لا يجوز أن يكون الشعب اللبناني رهينة الوضع الحالي.

هذا المشهد القاتم عن لبنان ومسؤوليه كان قد رسمه رئيس بعثة السفارة البريطانية مارتن لونغدن بالقول في قلب لبنان شيء عفن، وذلك في تأملات شخصية تحت عنوان (لبنان على مفترق طرق)، واصفاً الوضع اللبناني بالخطر والذي يتضاعف من دون أي آفاق لقيام حكومة قادرة على السيطرة على الوضع، ما يؤثر سلباً على مصير لبنان، مشيراً الى أن المجتمع الدولي لا يستطيع وقف انحدار لبنان نحو الهاوية، وواصفاً المسؤولين في لبنان بأن آذانهم صماء.

لن يقتصر هذا المشهد السوداوي على كلام لسفراء من هنا وهناك، لأن ما يرسم في الاتحاد الأوروبي من إجراءات وعقوبات بات قاب قوسين أو أدنى من الإقرار. وسيكون لبنان بحسب مصادر أوروبية لموقع “لبنان الكبير” على طاولة مشرحة اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل الإثنين المقبل. وبحسب المعلومات فإن بعض دول الاتحاد الأوروبي التي كانت تعارض فرض عقوبات على بعض المسؤولين اللبنانيين مثل هنغاريا، ستقبل بذلك بعد حلحلة العقد التي كانت موجودة والتي كانت تسبب رفضها هذا الأمر، كما أن التنسيق جار على أعلى المستويات من أجل حشد الدعم الكامل للدول الأعضاء من أجل إتخاذ قرارات وإجراءات قاسية قد تقسم الى فئات منها على معرقلي تشكيل الحكومة في لبنان ومنها تتعلق بالفساد وهدر الأموال العامة.

وأشارت المصادر الأوروبية الى أن دول الاتحاد الأوروبي تتابع عن كثب ما يجري في لبنان وأنها ستتخذ قرارات جذرية قريباً جداً جداً، مشيرة الى أن تقارير دورية مفصلة تصلها حول الوضع المتردي تعمل للبناء عليها، إضافة الى ما سمعه وزراء خارجية بعض الدول ومسؤولو الإتحاد الأوروبي والأبرز ما سمعه رأس الديبلوماسية الأوروبية جوزيب بوريل خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان.

هذا الأمر كان قد أكده سفير الاتحاد الأوروبي في لبنان رالف طراف قبل أيام، حيث أعلن أن الاتحاد بدأ مساراً قانونياً لفرض عقوبات أوروبية على معرقلي العملية السياسية لوضع كل مسؤول أمام مسؤوليته.

وبإنتظار ما سيحمله السفير الفرنسي المكلف بتنسيق المساعدات الدولية للبنان بيار دوكان الذي يزور بيروت على رأس وفد اقتصادي فرنسي تبقى العيون الأوروبية شاخصة نحو دعم الأمن والاستقرار عبر مساعدة الجيش اللبناني بكل الوسائل المتاحة لأنه المؤسسة الوحيدة القادرة على حماية لبنان، وكذلك نحو الانتخابات النيابية المقبلة التي ستحمل معها وجه التغيير الحقيقي لمستقبل لبنان.

شارك المقال