هل يتأثر لبنان بالعقوبات على سلامة؟

محمد شمس الدين

بعد 30 سنة من الخدمة، وترجله عن صهوة حاكمية مصرف لبنان، لأول مرة، تفرض عقوبات على الحاكم السابق رياض سلامة. العقوبات أتت ثلاثية من ثلاث دول كبرى هي الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا. الأولى عاقبت سلامة و4 أشخاص مقربين منه، هم شقيقه رجا، ونجله نادي، ومساعدته السابقة ماريان الحويّك وعشيقته السابقة آنا كوساكوفا، فيما استثنت كندا نجله، وكذلك استثنته بريطانيا وعشيقته السابقة.

وقد حرصت وزارة الخارجية الأميركية على التأكيد أن العقوبات لا تطال البنك المركزي.

وتجدر الاشارة الى أنها المرة الأولى التي تستهدف بريطانيا شخصيات لبنانية بنظام العقوبات، ما يدل على انخراط أكبر لها في المسألة اللبنانية.

أول حاكم مصرف مركزي عربي يُقرَع له جرس افتتاح بورصة نيويورك، والحائز على جوائز عديدة من أهم المؤسسات الاقتصادية الاقليمية والعالمية، كأفضل حاكم مصرف مركزي في العالم، وكذلك في العالم العربي والشرق الأوسط، يتلقى اليوم صفعة من وزارة الخزانة الأميركية، التي أكدت في بيان أن “أنشطة سلامة الفاسدة وغير القانونية ساهمت في انهيار دولة القانون في لبنان”، مشيرة الى أنه “أساء استغلال موقعه في السلطة، في انتهاك للقانون اللبناني على الأرجح، لإثراء نفسه وشركائه من خلال تحويل مئات الملايين من الدولارات عبر شركات وهمية لاستثمارها في قطاع العقارات الأوروبي”. وتنص العقوبات الأميركية على تجميد كلّ الأصول التي يملكها هؤلاء المعاقبون الخمسة في الولايات المتّحدة، كما تمنع كلّ الشركات الأميركية والمواطنين الأميركيين من اجراء أيّ تعاملات تجارية معهم.

ولفتت وزارة الخارجية البريطانية في بيان الى أنّ الرباعي المشمول بالعقوبات جمّدت أصوله في المملكة المتّحدة ومنع كذلك من السفر إليها، مشيرة إلى أنّ هؤلاء الأشخاص الأربعة شاركوا في “تحويل ما يربو على 300 مليون دولار من أموال مصرف لبنان المركزي لمصالحهم الخاصة”.

وأشارت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي الى أنّ العقوبات ترسل رسالة واضحة مفادها أنّ الحلفاء “لن يتساهلوا مع أنشطة الفساد الضخمة التي ساهمت في انهيار لبنان اقتصادياً”.

يشار الى أن سلامة يتعرض لتحقيقات في عدة دول أوروبية هي فرنسا وألمانيا وبلجيكا، بالإضافة إلى التحقيق المحلي، الذي تعرض أمس إلى نكسة بعد رفع رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة اسكندر دعوى على القاضي شربل أبو سمرا بمداعاة الدولة، والذي كان يحقق مع سلامة وشقيقه ومساعدته، واضطر إلى ارجاء جلسات التحقيق بعد الدعوى. وبعد صدور العقوبات أفادت معلومات صحافية أن القاضية إسكندر تقدمت بطلب توقيف سلامة.

وعن تأثير هذه العقوبات على لبنان سياسياً أو اقتصادياً، أوضح مصدر سياسي مخضرم أن “لا شيء يؤثر على لبنان، من الناحية الاقتصادية، فعلى الرغم من كل الخضات السياسية والاقتصادية والأمنية لم يهتز سعر صرف الدولار، لا بمغادرة سلامة، ولا بتوقف صيرفة، ولا بأحداث عين الحلوة ولا ببيان السفارات العربية، ولا بأي حدث أمني، وبالتالي هذه العقوبات تحديداً التي حصلت بعدما أًصبح سلامة خارج المصرف المركزي، لن تؤثر بأي شكل على لبنان من جهة الاقتصاد”.

أما من جهة السياسة، فرأى المصدر في حديث لـ “لبنان الكبير” أن العقوبات قد تكون “في سياق إنذار للقوى السياسية اللبنانية، والهدف منها تشكيل ضغط عليها كي تتوقف عن التعطيل وتجترح الحلول، تحديداً مع اقتراب أيلول (جان ايف) لودريان، وبعده استحقاق قيادة الجيش، وربما بهذا الأمر يقول الأميركيون اننا فرضنا العقوبات على أحد أصدقائنا سابقاً، وبالتالي لا أحد بمنأى عنها في حال استمر التعطيل، وعندها قد نشهد تأثيراً للعقوبات. أما العقوبات على سلامة فلن يكون لها أي تأثير يذكر على لبنان حالياً”.

واعتبر مصدر حقوقي أن “مصرف لبنان سيكون عليه أن يتماهى مع هذه العقوبات، كي لا يتعرض أيضاً لأي إجراء، كما حصل مع كل من فُرضت عليه عقوبات سابقاً، وهذا سيكون امتحاناً كبيراً للحاكم بالإنابة وسيم منصوري، وقد يستفيد من يلاحق سلامة في القضاء من هذه العقوبات”.

شارك المقال