لا سلاح خارج شرعية الدولة والاستراتيجية الدفاعية مدخل الحل

ساريا الجراح

إضطراب دائم يعيشه لبنان منذ عقود، واستمراره متحرك حتى بعد إنتهاء الحرب في العام 1990. على وقع هذه الاضطرابات أتت محاولات الرئيس ميشال سليمان في العام 2006 لإنجاز استراتيجية دفاعية بتصوّر ناقَشته القوى اللبنانية كافة وقبلت به. وفي العام 2019 تناسى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مبدأ الاستراتيجية بقوله “تغيرت الظروف الآن”. حلّ علينا مساء الأربعاء حاملاً معه انزلاقاً لشاحنة “حزب الله” التي كادت أن تمر مرور الكرام كغيرها، لكن الصدفة كانت أقوى من السلاح، فحادثة الكحالة أعادتنا بالذاكرة الى حقبة الـ2006 والتي تؤكد أهمية العمل على الاستراتيجية الدفاعية التي يحتاج اليها لبنان ليس من اليوم وحسب، بل من معارك كانت دليلاً ملحّاً على حصر السلاح في يد جهة واحدة فقط وهي الجيش اللبناني. ولو تمكّن السياسيون آنذاك من التوصل إلى مثل هذه الاستراتيجية لتجنّب لبنان ربما الحرب أو معظم تداعياتها. فإيجاد حلّ لسلاح “حزب الله” مطلب لبناني داخلي ودولي، ويرتبط بدعم الجيش اللبناني إن كان من دول صديقة عربية وغربية، أو عبر المؤتمرات الدولية.

يتساءل نائب رئيس الحكومة السابق عصام أبو جمرة: “لماذا ننتظر أسلوب وقع الفاس بالراس كي نطرح الاستراتيجية الدفاعية؟ إذ كان من المفترض تطبيقها والتفكير في طرحها لحظة وصولنا الى الحكم، كما أن استخدام أسلوب التراخي وانتظار وقوع المشكلة والتصرف تبعاً لمدى تأثيرها علينا يضعنا في موقف يجعلنا نتساءل اليوم جميعنا أين الاستراتيجية الدفاعية؟ ففي حال تأثر الوضع اللبناني بأي خضّة جديدة تكون الاستراتيجية الدفاعية باب سلام يرحب بكل القادمين وفي الوقت عينه يحمّل مفتعليها المسؤولية بصورة واضحة وفورية”.

ويؤكد أبو جمرة لـ “لبنان الكبير” أن الحاكم اذا لم يكن سيّد قراراته، يستعد لفرض هيبته على الحكومة والدولة وغيرها من المناصب وهو المعني والمسؤؤل الأول عن تسلم زمام الأمور، فالمغادرة “أشرف” بكثير له من البقاء مكتوف الأيدي أو عاملاً منفّذاً.

وفي هذا السياق، يعتبر النائب السابق محمد الحجار “أننا قد نستفيد من قدرات الحزب العسكرية ولكن بحصرها تحت سلطة الدولة وهذا المطلب ليس بجديد على الساحة اللبنانية والدولية، بل أصبحت أهميته تتسع عقب استشهاد الرئيس رفيق الحريري عام 2005. كما أن مؤتمرالحوار الذي حصل في العام 2006 عن الاستراتيجية الدفاعية خصص حيّزاً كبيراً لاعتبارها نقطة أساسية آنذاك”.

ويقول: “لقد كنت شاهداً ومشاهداً في تلك الجلسة آنذاك، ففي ذلك الوقت لم يكن حزب الله يريد أن تكون هناك استراتيجيات تلزمه بمواقف التخلّي عن المشروع الايراني في المنطقة العربية والعالم أجمع، بحيث تمكن بفعل التحالفات التي أقامها من أن يفقد أهمية أي نقاش يجول حول هذه الاستراتيجية وفرضية حصر سلاحه بالدولة”.

ويضيف الحجّار: “في هذه الأيام يجب أن تكون الاستراتيجية الدفاعية مبدأ يُصر عليه، هدفه الأساس أن تكون الدولة بمؤسساتها الشرعية هي الوحيدة القادرة على ادارة القرارات أجمع بين الحرب والسلم وبين ممارسة سيادتها بقواها على كامل الأراضي اللبنانية وتمنع بأي شكل من الأشكال السلاح المتفلت سواء لجهة حزب الله أو أي جهة أخرى”. ويذكر بأن “المستقبل هو من طرح موضوع الحوار وتنظيم السلاح الفلسطيني داخل المخيمات كخطوة باتجاه ممارسة سيادة الدولة، ورأينا التفلت السلاحي ماذا فعل وماذا يمكن أن يفعل أي سلاح مشابه له اذا لم يضبط”.

ويشدد الجحار على أهمية “الاصرار على عدم وجود أي سلاح خارج نطاق الدولة وقواها الشعبية لكي لا تفقد هيبتها أو تسمح لأي سلاح آخر بأن يأخذ قراراته عوضاً عنها”.

وعليه، لا بد من التشديد على أن الخطر على لبنان ليس خطراً اسرائيلياً وحسب، فهناك مخاطر عديدة أخرى تُحدق به ولا تقل شدة عن المخاطر الاسرائيلية، تبدأ بالارهاب ولا تنتهي، وهي أيضاً يجب أن تكون مشمولة في أي خطة للدفاع، ومهما تأجل هذا الاقتراح سيبقى السلاح خارج الدولة محوراً أساساً لا بد من اطلاق سراح لبنان منه.

شارك المقال