صفقة تبادل الأسرى بين واشنطن وطهران: خرق أم تخدير؟

حسناء بو حرفوش

تعتبر صفقة تبادل الأسرى بين الولايات المتحدة وإيران تطوراً إيجابياً نادراً في ظل تصاعد التوترات بين البلدين، ولكن هل تمثل خرقاً أم هي مجرد عملية تخدير مؤقتة وبلا آفاق؟ الاجابة في قراءة لسينا توسي، الباحث في مركز أبحاث السياسة الدولية (CIP).

المحلل ذكّر في مقاله بأن “الولايات المتحدة وإيران دخلتا في دوامة من التوترات المتصاعدة منذ العام 2018، عندما انسحبت إدارة دونالد ترامب من الاتفاق النووي لعام 2015 وفرضت عقوبات شديدة على إيران. وأدى ذلك إلى سلسلة من المواجهات العدائية بين البلدين، بما في ذلك ضربات المسيرات والهجمات الصاروخية والاغتيالات البارزة والهجمات السيبرانية. كما توقفت إيران عن الالتزام بالاتفاق النووي وخصبت اليورانيوم بما يتجاوز الحدود المتفق عليها وأثارت مخاوف من حدوث سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط.

وفي هذا السياق المتوتر الذي لم يتحسن في ظل إدارة جو بايدن، عززت صفقة تبادل الأسرى الآمال في تحقيق خرق ديبلوماسي وتهدئة أوسع للتوترات في المنطقة. وبرزت الصفقة كتطور إيجابي نادر وسط مؤشرات مقلقة، مثل إرسال الولايات المتحدة الآلاف من القوات إلى منطقة الخليج العربي، ودرس خيار نشر القوات الأميركية على السفن التجارية لردع عمليات الاستيلاء على ناقلات النفط، وهو تكتيك لم تستخدمه واشنطن منذ الحرب العالمية الثانية.

وفي حين أن الصفقة التي أعلن عنها في 10 آب تمثل بلا أدنى شك تطوراً مفيداً ومرحباً به، لا تزال ترتيباً محدوداً وغير كفيل بمعالجة الأسباب الجذرية للصراع الأميركي – الايراني، كما أنها لا تضمن حلاً دائماً وشاملاً للمسألة النووية التي تكمن في قلب النزاع.

وتقدم صفقة الأسرى بصيص أمل في الصراع طويل الأمد بعد أن أتت حملة الضغط الأقصى على إيران بنتائج عكسية على جميع الجبهات. ودفعت إيران الى استئناف أنشطتها النووية وشن المزيد من الهجمات ضد الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.

ويبدو أن بايدن يلعب لعبة العصا والجزرة أو الوعد والوعيد من خلال عرض تبادل الأسرى وبعض الاغاثة الاقتصادية الانسانية لإيران مع زيادة الوجود العسكري الأميركي في المنطقة وربما وضع القوات الأميركية على متن سفن تجارية. وتمثل صفقة تبادل الأسرى بادرة ترحيب، لكنها مجرد خطوة أولى، إذ يجب على الولايات المتحدة أن تسعى الى التفاوض على اتفاقية نووية تستند إلى تنازلات متبادل، والاعتراف أيضاً بالمصالح الاقليمية المشروعة لإيران والسعي الى ديبلوماسية أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط تشمل جهات فاعلة رئيسة أخرى، مثل أوروبا والصين وتركيا وتعزز الانفتاح الديبلوماسي الذي أوجده التقارب بين إيران والسعودية.

واتخذ بايدن خطوة مهمة من شأنها أن تفتح الباب لمزيد من الحوار والتعاون، لكن كسر حلقة العداء بين الولايات المتحدة وإيران، وحتى تنفيذ تبادل الأسرى، سيكون صعباً للغاية بالنسبة الى إدارة بايدن التي ستواجه محاولات تقويض الصفقة في الداخل والخارج. لذلك، من الأهمية بمكان أن يغتنم الطرفان هذه الفرصة للتهدئة وللتفاوض بحسن نية، لأن المخاطر كبيرة للغاية بالنسبة الى البلدين والمنطقة ككل، وذلك لأن البديل هو طريق المواجهة والصراع الذي لن توفر عواقبه الوخيمة أياً من الأطراف”.

وبموجب الصفقة بين إدارة بايدن وإيران، ستفرج واشنطن عن 6 مليارات دولار كانت خاضعة للعقوبات، مقابل إفراج إيران عن 5 أميركيين كانوا محتجزين لديها.

شارك المقال