أوكرانيا: كيف يمكن إنهاء الحرب؟

حسناء بو حرفوش

لم تعتد روسيا في عهد الرئيس فلاديمير بوتين إنهاء حروبها على طاولة المفاوضات، كما لم تُبد أي اهتمام بتقديم تنازلات تقترب من الحد الأدنى من متطلبات أوكرانيا وحلفائها، فهل من طريقة لإنهاء الحرب؟ الاجابة في مقال بموقع “بوليتيكو” الالكتروني.

ووفقاً للمقال، “صدق الرئيس (جو) بايدن حين قال في خطاب ألقاه في بولندا هذا العام، إن أوكرانيا لن تشكل أبداً انتصاراً لروسيا. ولكن ما هو التعريف الممكن للنصر في أوكرانيا، على الأقل في المرحلة الحالية من المنافسة التي من المحتمل أن تستمر بشكل ما لسنوات عديدة؟

هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة لهذا السؤال على الأقل. تتمثل الطريقة الأولى والأكثر وضوحاً لفوز أوكرانيا في استعادة قواتها المسلحة جميع الأراضي التي احتلتها روسيا بصورة غير قانونية منذ غزوها الأول في العام 2014، بما في ذلك شبه جزيرة القرم. ولا يزال ذلك ممكناً لكن يجب على الولايات المتحدة أن تفعل كل ما في وسعها لدعم كييف، بما في ذلك، توفير الأسلحة الأكثر تقدماً التي طلبتها أوكرانيا، إذا وافق الكونغرس على المزيد من التمويل.

في الوقت نفسه، علينا أن نعترف بأن أوكرانيا قد لا تحقق نجاحاً عسكرياً كاملاً في العام أو العامين المقبلين. هجومها المضاد يحرز تقدماً ولكن ببطء وبصورة مؤلمة. أما الجيش الروسي، فبقي صامداً على الرغم من تعرضه للضرب والإحباط حتى في وجه الأسلحة والتكتيكات الغربية المتقدمة.

في غضون ذلك، ليس هناك ما يضمن استمرار الولايات المتحدة وحلفائها في دفع تكاليف العمليات الهجومية لأوكرانيا، التي سيكون الحصول على طلب التمويل الأخير من بايدن لها من خلال مجلس النواب أمراً صعباً. كما يدرك بوتين أن المرشح الجمهوري الأبرز لمنصب الرئيس العام المقبل، الرئيس السابق دونالد ترامب، سينهي دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا وأن هناك آخرين مثله في أوروبا. وأي حرب تطول إلى الأبد هي حرب في صالح بوتين وليس أوكرانيا.

الطريقة الثانية لكسب أوكرانيا، على الأقل من الناحية النظرية، ستكون من خلال اتفاقية ديبلوماسية. في وقت سابق من هذا الشهر، اجتمعت 40 دولة، بما في ذلك الصين والولايات المتحدة، لمناقشة خطة الرئيس فولوديمير زيلينسكي التي تضم 10 نقاط للسلام والتي تتطلب انسحاب جميع القوات الروسية من أوكرانيا وعودة الأطفال المخطوفين وتحقيق العدالة حول جرائم الحرب.

لكن روسيا في عهد بوتين لم تنهِ حروبها على طاولة المفاوضات، وفي أحسن الأحوال جمّدت الصراعات، مع إبقاء خياراتها مفتوحة. كما لم تُظهر أي اهتمام بتقديم تنازلات تقترب من الحد الأدنى من متطلبات أوكرانيا وحلفائها. وطالما أن الجيش الروسي يتجنب الانهيار التام، ويعتقد أن هناك فرصة للتغيير السياسي في الغرب، من المرجح أن يواصل بوتين القتال.

بالتالي، في حال نجحت روسيا في إحباط الخطط ما الذي يجب توقعه العام المقبل مثلاً؟ هل ينبغي لأوكرانيا وحلفائها الاستمرار على أمل تحقيق انفراجة في العام 2025 أو ما بعده؟ بالنظر إلى ما هو على المحك، يظهر أن الخطر لا يتعلق ببقاء أوكرانيا فحسب وإنما يهدد النظام الدولي بأكمله. وسيعتمد النجاح على الأحداث التي لا يمكننا التنبؤ بها أو السيطرة عليها، بما في ذلك نتائج الانتخابات في الدول الغربية وتحديداً الولايات المتحدة.

وأخيراً، هناك سيناريو ثالث يسمح بتحقيق النصر لأوكرانيا. في هذا السيناريو، ستمنح الولايات المتحدة الجيش الأوكراني كل ما يحتاجه للتقدم إلى أقصى حد ممكن في هجومه المضاد. في وقت مناسب في العام المقبل، ستعلن أوكرانيا وقفاً في العمليات العسكرية الهجومية وتحول تركيزها الأساس إلى الدفاع عن المناطق المحررة وإعادة بنائها مع الاندماج مع المؤسسات الغربية. بعد ذلك، سيدعو الناتو في قمته المرتقبة في تموز 2024 في واشنطن، أوكرانيا للانضمام إلى الحلف الغربي، ما يضمن أمن جميع الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة الأوكرانية في تلك المرحلة بموجب المادة 5 من معاهدة الناتو.

سيكون تقديم حماية بموجب المادة 5 للأراضي الأوكرانية بهذه الطريقة أقرب الى قبول انضمام ألمانيا المنقسمة إلى الناتو بعد الحرب العالمية الثانية والاتفاق الأمني بين أميركا وكوريا الجنوبية بعد الهدنة التي أوقفت الحرب الكورية من دون إعادة توحيد شبه الجزيرة الكورية. قد يكون هذا اتفاقاً دفاعياً، لكن ليس التزاماً بالمشاركة المباشرة في أي عمليات هجومية مستقبلية قد تختار أوكرانيا القيام بها.

وكانت إدارة بايدن قالت إن الحرب يجب أن تنتهي قبل أن تتمكن أوكرانيا من الانضمام إلى الناتو، لأنها لا تريد المخاطرة بالتدخل الأميركي المباشر، لكنها لم تحدد ما يعنيه انتهاء الحرب في هذا السياق. هل تعني معاهدة سلام رسمية؟ أم فترة هدوء، أشهر أو سنوات لا تطلق فيها روسيا قذيفة واحدة على أوكرانيا؟

قد يشكل انضمام أوكرانيا الى الناتو بحد ذاته الطريقة التي تنتهي بها الحرب، بما يتفق مع سياسة بايدن الحالية ووفقاً للشروط التي وضعتها أوكرانيا وحلفاؤها، وليس روسيا، كما أن إضافة أوكرانيا الديموقراطية إلى الناتو من شأنه أن يمثل الهزيمة المطلقة والدائمة لحملة بوتين الصليبية لاستيعابها ضمن إمبراطورية روسية. بالطبع، هذا لا يعني أن القوات الروسية لن تحاول شن هجوم مرة أخرى، لكن احتمال عدم جدوى مهاجمة المواقع الأوكرانية المحصنة المدعومة حينها من حلف شمال الأطلسي سيمثل رادعاً قوياً بحد ذاته”.

شارك المقال