المعارضة تتمنى تغيير خريطة لودريان الرئاسية… واللين يقابل بمثله

هيام طوق
هيام طوق

ليس هناك من موقف أو خطوة أو تقدم يمكن أن يبشر بأن الانفراج الرئاسي قد اقترب لا بل على العكس، فإن المشهد يبدو أكثر ضبابية، والتعقيد يزداد يوماً بعد يوم حتى أن هناك معطيات تتحدث عن تأجيل زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الى أواخر شهر أيلول المقبل بعد أن كانت مقررة في بدايته، إفساحاً في المجال أمام مساعي تليين موقف المعارضة من الحوار وربما لإمكان أي تطور أو خرق على محور حارة حريك وميرنا الشالوحي.

وبالتالي، فإن معظم قوى المعارضة، لا تزال على موقفها المبدئي الرافض لكل أنواع الحوار مع فريق الممانعة خارج المؤسسات الدستورية، أي مجلس النواب، وتؤيد بيان اللجنة الخماسية الذي شدد على ديموقراطية الاستحقاق مع العلم أن البعض يتحدث في الكواليس السياسية عن عدم حماسة الدول الممثلة في اللجنة أي الولايات المتحدة، السعودية، مصر وقطر للمسعى الحواري الذي تقوده فرنسا. كما أن المعارضة تضع في صلب أهدافها عدم السماح بإيصال أي مرشّح ممانع إلى قصر بعبدا، وبالتالي، فإن أي اتفاق محتمل بين رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل و”حزب الله” على دعم رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية سيفتح باب النقاش داخل أروقة المعارضة على كيفية الرد.

إذاً، موقف المعارضة الرافض للحوار في الاستحقاق الرئاسي، يشير إلى أن مسعى لودريان سيصطدم بكثير من العراقيل، والغالبية لا تنتظر أي حلحلة في أيلول حتى ان البعض ينعى هذا المسعى منذ اليوم، ويرى في تأجيل الزيارة، تخريجة لتسليم الملف الرئاسي اللبناني الى شخصية فرنسية أخرى غير لودريان الذي سيتفرغ لمهامه الجديدة كرئيس لـ”الوكالة الفرنسية لتطوير العلا” في السعودية.

وفيما البوادر الايجابية غائبة في الداخل، ولودريان يراجع خياراته وطروحه، ويجري سلسلة اتصالات مع ممثلي اللجنة الخماسية ليبني على الشيء مقتضاه، فإن أي تسوية بشأن لبنان ليست من الأولويات الخارجية في الوقت الراهن ما يعني أن الملف الرئاسي لن يسلك طريق الحلحلة في المرحلة القريبة. لكن، وسط كل تلك التعقيدات، هل ستليّن المعارضة مواقفها أو أنها ملتزمة عدم التحاور بشأن الاستحقاق الرئاسي؟ وما هي الطروح التي تقبل بها المعارضة خصوصاً أن الموفد الفرنسي يجوجل حالياً التوجّهات الأفضل لتفادي فشل جديد لمسعاه الرئاسي التوفيقي؟ وهل فعلاً دخلنا في مرحلة ما بعد لودريان، وبالتالي، الانطلاق من نقطة الصفر مع أفكار وتوجهات جديدة ما يعني أن ملف انتخاب رئيس الجمهورية سيرحّل الى السنة المقبلة؟

قال النائب جورج عقيص في حديث لـ “لبنان الكبير”: “لكل مقام مقال. اذا ليّن الفريق الآخر مواقفه يمكن حينها البحث في مواقفنا الحالية. اذا غيّر الفريق الآخر في أدائه ونهجه وأسلوبه، يمكن أن نبحث في مواقفنا، لكن اليوم هم يمارسون كل هذه الممارسات على الأرض من عين إبل الى الكحالة وغيرها، ويصرون على مرشحهم، ويطلبون منا أن نليّن مواقفنا. التصلّب ليس منا انما ممن يستبيح السيادة، ويفرض الحوار المشروط بترشيح معين ثم يطلب منا تليين المواقف. نحن حين ذهبنا الى التقاطع على اسم جهاد أزعور كنا نظن أننا نقدم التنازل ليلاقينا الطرف الآخر الى منتصف الطريق. اليوم هناك مبادرة فرنسية لم تتوقف، ونحن قلنا اننا نتبنى المواصفات التي حددها بيان الدوحة، ومع النقاشات الثنائية وليس مع طاولة حوار شكلية فولكلورية لن تؤدي الى أي نتيجة”.

وأوضح “أننا لا يمكن أن نقول من اليوم ما هي الخطوات التي يمكن أن نتخذها في حال تراجع الطرف الآخر عن مرشحه، لكن المعطى المختلف يجب التعاطي معه بصورة مختلفة”.

وتمنى أن “يحمل لودريان معه خريطة طريق واضحة وضمان حصول انتخاب الرئيس في جلسات متتالية، والتزام تام بالأحكام الدستورية، ولن نرضى بأقل من ذلك لأن الوسائل التقليدية في العلاجات وشراء الوقت والبقاء في الستاتيكو القائم لم يعد يناسب الشعب اللبناني ولا المؤسسات الدستورية”، مشدداً على “أننا نريد الحلول الجذرية التي تأتي من الدستور نفسه. واذا كان هناك من مبادرة فرنسية، وضغط من الدول الممثلة في اللجنة المعنية بالملف اللبناني، فيجب أن يتم الضغط في المكان المناسب أي على الفريق الذي عطّل ويعطّل الانتخابات الرئاسية”.

أضاف عقيص: “يطرحون الحوار كبديل عن انتخاب الرئيس بآلية لا ينص عليها الدستور، وانطلاقاً من فشل طاولات الحوار السابقة، نقول ان انتخاب الرئيس أولاً ويعود اليه القيام بالحوار. نحن ضد تكريس أعراف أنه قبل كل انتخاب رئيس يجب أن يكون هناك حوار واتفاق جامع والا نكون نعطل الدستور. لننتظر الأيام المقبلة، وما سيحمله لودريان في زيارته في أيلول”.

أما النائب أديب عبد المسيح فاعتبر أن “لودريان اذا طرح الحوار على طاولة مصغرة لا يتعدى المشاركون فيها 3 أطراف، أعتقد أنه ينجح في مسعاه على سبيل المثال اذا جمع التيار وحزب الله وحركة أمل ثم يجمع قوى المعارضة على طاولة أخرى، فتصبح العملية أسهل بحيث يجوجل خلاصة الأفكار، ويطرح الحلول والتوجه الذي اتفق عليه مع كلا الطرفين أي يكون الوسيط بين طرفين مختلفين، ويبدأ التفاوض معهما، وربما يتطور ويتوسع الى اتفاق معين، لكن المهم ألا نكرس فشلاً كما في السابق، ورأينا طاولة الحوار في عهد الرئيس ميشال سليمان”.

وأكد “أننا مع الحوار ولسنا ضده ولسنا ضد المبادرات، لكن هناك أصول للتحاور، ولا نريد أن نقع في الخطأ نفسه كما في السابق. أنا كنائب جديد لا أريد أن أقع في الخطأ التقليدي نفسه أي أدخل في حوار وأخرج منه لأكرّس أمراً آخر، وبدل أن أصل الى ما أريد يحصل الطرف الآخر على ما يريد. هذا فخ كان يقع فيه الجميع، ولا نريد أن نقع فيه مرة أخرى. نحن مع الحوار الثنائي أو حتى الثلاثي، لكن ليس جلوس كل القادة على طاولة واحدة ثم تفشل. كما أن الآلية الدستورية واضحة وسهلة، ونحن لدينا مرشحنا كما الفريق الآخر لديه مرشحه، فلنتوجه الى البرلمان، ونعقد جلسات مفتوحة، ومن يفوز نهنئه”، مطالباً بـ “مسار ناجح أي المسار الدستوري أو الحوارات الجانبية كتلك التي حصلت بين المعارضة والتيار الوطني الحر. ولا نرفض حوارات أخرى، لكن بمبادئ معينة وخلاصات ناجحة”.

وأشار الى أن “ليس هناك من معطيات جديدة في الاستحقاق الرئاسي، ولم نتلقَ أي معلومات من لودريان عن توجهه في المرحلة المقبلة، لكن أعتقد أنه ينتظر الى نهاية الشهر الحالي التي حددها للرد على رسالته الموجهة الى النواب. نحن تحدثنا في بيان عن موقفنا الرافض للحوار التقليدي، وبتنا بحاجة الى نمط جديد من الحلول كما أننا مصرون على تطبيق القوانين”.

ورأى عبد المسيح أن “من المبكر الحديث عن فشل مسعى لودريان الذي عليه أن يغرّد ضمن بيان اللجنة الخماسية، اذ يتبين أن هناك اختلافاً في وجهات النظر، وهذا مقلق لأن البيان دعا الى انتخاب رئيس، وتحدث عن المواصفات، وشدد على أن يكون من خارج منظومة الفساد”، لافتاً الى “أننا نأمل تغيير طريقة المبادرات، وعلى أساسها نبني على الشيء مقتضاه، لكن حالياً هناك جمود رئاسي قاتل، والبلد لم يعد يحتمل، ولا يجوز التكهن بتطور الأمور على المدى الطويل”.

شارك المقال