باسيل يستعد لانتخاب نفسه وريثاً للتيار العوني!

زياد سامي عيتاني

يعد رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل نفسه لتولي رئاسة التيار “البرتقالي” ولاية ثالثة، في 10 أيلول المقبل، من خلال إنتخابات داخلية معلبة ومدجنة، رافعاً شعار “استكمال النضال”! وتأتي الولاية الرئاسية الثالثة المحسومة والمؤكدة لباسيل، بعدما أورثه التيار عمه المؤسس كـ”تركة عائلية”، متسبباً بشرخ داخل أسرته وانقسام واضح داخل البيت الواحد، ما أجّج صراع أجنحة داخل القصر الرئاسي (خلال عهد ميشال عون)، طرفاه باسيل ومستشارة عون ابنته ميراي وصهره النائب شامل روكز وزوجته كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية.

وتبني عون لصهره “المدلل”، جعله طيلة الولايتين السابقتين لرئاسة “التيار البرتقالي” يحكم سيطرته على كل مفاصل التيار، ليتحول من “تيار عوني” إلى “تيار باسيلي”، بعدما تعمّد “تطهير” التيار إثر تولي باسيل رئاسته في العام 2015، من خلال إقصاء الصقور والحرس القديم والمعارضين من “رفاق النضال”، فضلاً عن تطويع قانون الانتخاب الداخلي لمصلحته، وذلك على مدى مراحل ثلاث، كانت الأولى عند التسوية الرئاسية، والثانية بدأت بعد انفجار الأزمة المالية في حراك 17 تشرين 2019، واليوم بعد الانتخابات النيابية، دخل التيار المرحلة الثالثة، التي يشهد فيها إنقسامات داخلية بين فريق مؤيد لباسيل وفرقاء على خصوم جذرية معه.

لكن المؤكد أن كل هذه الخلافات، لن تغيّر من واقع هيمنة باسيل شيئاً، لجهة التزكية المؤمنة له، على غرار التزكيات السابقة، على الرغم من إختلاف الظروف وتغييرها، والتي تتعطل مفاعيلها أمام تمسك “الجنرال” به، وتجيير رمزيته لورثيه الشرعي الوحيد، وإن إقتضى ذلك التدخل المباشر للحسم، كما حصل في السابق. ففي انتخابات العام 2015 كانت المعركة حامية جداً على موقع الرئاسة بينه وبين النائب آلان عون، وكان هناك شبه إجماع في ذلك الوقت على تقدّم عون عليه، إلى أن تدخّل ميشال عون وحسمها لصالح باسيل، طالباً بالمباشر من آلان الانسحاب وهكذا كان.

وخلال ولايته الأولى عرف جبران كيف يتسيّد مسرح التيار “وان مان شو”، مثبتاً نفسه في موقعه حتى أصبح الآمر الناهي. أما الولاية الثانية، فتزامنت مع إنفجار ثورة 17 تشرين، ووقوع الإنهيار الإقتصادي والمالي الكبير، ووجهت سهام تحميل المسؤولية للعهد، ومن خلفه جبران باسيل، الذي نال النصيب الأكبر من تلك السهام، ما جعله مرشحاً أحادياً، لعدم تجرؤ أحد على الترشّح ضده وخوض معركة رئاسة التيار. أما بالنسبة الى المرحلة المقبلة، فمما لا شك فيه، أن باسيل لن يواجه أية عقبات أو موانع تحول دون وصوله الى ولاية ثالثة في رئاسة التيار، طالما هو فصّل قوانين الحزب على مقاسه، وأبعد كل المنافسين والمعارضين والطامحين الى رئاسة التيار. كذلك، فباسيل يستفيد اليوم في السياسة بعد نهاية عهد الرئيس عون، عبر الانتقال من ضفة داعم العهد والمستفيد منه بعد نهايته، الى ضفة “المعارض المسيحي الأول” لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ويستفيد واستفاد من الجفاء والتجاذب الذي بلغ ذروته مع “حزب الله”، قبل عودة الحوار بين الطرفين، فضلاً عن مجاهرته بطلب اللامركزية المالية الموسعة والاصلاحات في بنية المال، والتمسك بالصندوق السيادي. إضافة إلى ذلك، يدخل باسيل مرشحاً زاعماً أنه يحمل برنامجاً واضحاً يقوم على استكمال مشروعه بمأسسة التيار، أي أن يتحول الى مؤسسة فعلية كاملة، معتبراً برنامجه نقلة نوعية في حياة التيار السياسية والتنظيمية والمؤسساتية.

وفي الختام، لا يعير باسيل أي إهتمام لكل ما سماه سابقاً “حركات تمرد” (محدودة التأثير) من عدد من النواب، والتي لم تلقَ أي تأييد حزبي فاعل، بل يذهب أبعد من ذلك، بحيث يدعو “أي منتسب تتوافر فيه الشروط القانونية ويتمتع بالأهلية وغير راضٍ عن قيادته للتيار السياسية أو الإدارية، ويملك مشروعاً أفضل للمنافسة الديموقراطية، إلى الترشّح”… كل هذه الأسباب والظروف التي تحيط بالانتخابات الداخلية “الشكلية” للتيار “الباسيلي” تسمح لجبران بأن يعيد إنتخاب نفسه رئيساً للتيار الذي ورثه من عمه كـ”تركة سياسية”!

شارك المقال