“بريكس”: كتلة مناهضة للغرب أم تجمع غير متجانس؟ 

حسناء بو حرفوش

انطلقت قمة “بريكس” الـ15 الثلاثاء في جوهانسبرغ، وسط تعويلات على توسع الكتلة وتساؤلات حول مساعي الدول الأعضاء لتأسيس نظام دولي جديد. سيمون مكارثي، المحللة في مجموعة “سي أن أن” ركزت في قراءة لها على المستفيد من توسع “التكتل الصديق لروسيا”. فهل “بريكس” في النهاية كتلة تطمح الى أن تناهض الغرب أم تجمع سينتهي بمواجهة أزماته الداخلية؟

وفقاً لمكارثي، “يعوّل أعضاء مجموعة بريكس الاقتصادية للاقتصادات الناشئة الكبرى هذا الأسبوع على قمة ربّما تحدد مستقبل التكتل وتحسم مدى صعوبة التراجع عن النظام العالمي غير الذي يهيمن عليه الغرب. لا شك في أن البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا لم تكن أكثر بروزاً على الساحة العالمية، إلا أن هذا لا ينفي أن مجموعة بريكس هي نفسها معقدة. فبالنظر إلى المشاركين، يلحظ غياب الرئيس الروسي بسبب مذكرة اعتقال قد تلزم الدولة المضيفة بإلقاء القبض عليه (ولذلك ألقى كلمته عبر الشاشات). ومن ثم، هناك الهند والصين اللتان يحتدم بينهما نزاع حدودي. أضف إلى ذلك، أنه بينما تخوض بكين منافسة مع الولايات المتحدة، تتمتع نيودلهي بعلاقات وثيقة مع واشنطن.

هذا يعني أن هذا التجمع ليس الأكثر تجانساً ولكن ذلك لا يثنيه عن فتح الأبواب أمام انضمام المزيد من الأعضاء أو زهاء عشرين دولة من الاقتصادات الرئيسة الناشئة. بالتالي، من المتوقع أن تحتل المناقشات حول إضافة أعضاء جدد مكانة عالية على جدول أعمال القمة التي تستمر ثلاثة أيام.

هوية التجمع

وفي ظل الكلام عن توسعة نطاق التجمع، تطرح الأسئلة حول الاتجاه والهوية التي تبقى على المحك. ويهدف أعضاء بريكس الى الظفر بدور أكبر في النظام الدولي الذي يرون أنه يفضل الغرب ودول مجموعة السبع، على الرغم من التحول في الاقتصاد العالمي على مدى السنوات الخمس الماضية وفي العقود الأخيرة. 

ويقول المحللون إن الكتلة تخاطر بأن تصبح جيوسياسية أكثر وضوحاً في محاولتها لاعادة توازن القوى العالمية، خصوصاً وأن الصين وروسيا تسعيان الى الحصول على دعمها في مواجهة التوترات المتزايدة مع الغرب، وهو أمر يخدم توسعها.

وفي هذا السياق، قال مبعوث الصين إلى جنوب أفريقيا في مؤتمر صحافي قبل القمة الأسبوع الماضي: إن المزيد والمزيد من الدول تأمل في الانضمام إلى بريكس لحماية مصالحها المشروعة. وأشار السفير تشن شياودونغ إلى أن إصرار دور بريكس على الحوار والتشاور على قدم المساواة في مواجهة بعض الدول التي تلوح بعصا للعقوبات أحادية الجانب والانخراط في نزاع قضائي طويل الأمد. هذه هي لغة بكين النموذجية لانتقاد سياسة الولايات المتحدة.

“بريكس” مناهضة للغرب؟ 

قد تكون مسألة التوسع أول اختبار خلال ما يقرب من عقد ونصف العقد من وجود التجمع، وفقاً لبهاسو ندزندزي، الأستاذ والباحث في السياسة والعلاقات الدولية في جامعة جوهانسبرغ. وحسب الباحث، من شأن إضافة أعضاء أن يوسع الوجود العالمي للجماعة ويزيد من التأييد لأجندتها لمواجهة الهيمنة السياسية الغربية. لكن هناك اختلافات في الرأي حول ما إذا كان التوسع سيتم أم لا، وبالتأكيد لن يحظى ذلك بتأييد كل الأعضاء. ويرى محللون أن قرار بوتين ورؤساء الصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا وسواهم، وكيفية اختيارهم الأعضاء المحتملين الجدد، سيتركان تأثيرات عالمية كبيرة.

وسيكون التوسع هو الثاني في تاريخ المجموعة التي تركز على التنمية الاقتصادية وعلى رفع الصوت في المحافل العالمية. وحالياً، أعربت 22 دولة رسمياً عن رغبتها في الانضمام إلى بريكس، في حين بعث العديد أيضاً باستفسارات غير رسمية، حسب ما أعلن سفير جنوب إفريقيا لدى البريكس، أنيل سوكلال، الشهر الماضي. ومن الممكن أن يحفز المنضمون الجدد الذين يتمتعون بالنفوذ الاقتصادي قدرة المجموعة على إعادة تشكيل أو خلق بدائل لمؤسسات السلطة العالمية القائمة. ويقول الخبراء إن اختيار ضم الدول التي تعادي الغرب بصورة علنية، مثل إيران، قد يحول بريكس بشكل أكبر إلى كتلة مناهضة للغرب.

ويشكل الاهتمام بالانضمام إلى مجموعة بريكس أيضاً دفعة قوية لبوتين الذي بقي موضع ترحيب فيها على الرغم من نبذه في الغرب. ويقول محللون إن ذلك يشير أيضاً الى اتساع الفجوة بين أولويات الدول التي تصطف في مجموعة بريكس والدول الغربية الغنية التي اتحدت ضد بوتين دعماً لأوكرانيا.

إنقسامات داخلية؟

عندما يتعلق الأمر بتوسع بريكس، لكل دولة أسبابها الخاصة لتوخي الحذر بشأن من ستسمح له بالانضمام، منذ أن أثيرت هذه القضية خلال رئاسة جنوب إفريقيا الأخيرة في العام 2018 ثم قررت الدول استكشافها بصورة أكبر بعد استضافة الصين القمة الافتراضية العام الماضي. ويمثل موقف جنوب إفريقيا من روسيا مصدر حيرة، بينما بالنسبة الى الهند، هناك النزاع الحدودي مع الصين والمخاوف المشتركة بشأن بكين، بالتالي، ليست هناك من رغبة في كتلة مناهضة للولايات المتحدة بصورة صارمة. 

بالاضافة إلى ذلك، ماذا إن حوّل التوسع التكتل إلى قوة أكثر تعقيداً وأقل فاعلية في ظل التباين في المواقف؟ قد تكون البرازيل وجنوب إفريقيا منفتحتين على التوسع المحتمل، لكنهما أكثر حذراً في الترحيب بالدول المناهضة للولايات المتحدة بصورة واضحة، وفقاً لروبنز دوارتي، منسق لمركز أبحاث حول العلاقات الدولية في البرازيل. يضيف دوارتي: قد لا يسعى التجمع الى مثل هذا التحول علماً أن المزيد من الأعضاء قد يساعد في تنويع وجهات النظر في مناقشة القضايا العالمية. وإذا قررت بريكس التوسع ثم عززت دورها العالمي، فقد تدفع الى تغيير أكبر يؤثر على النفوذ الدولي لأوروبا والولايات المتحدة”. 

شارك المقال