41 عاماً على انتخاب “البشير”… “لبنان الحلم” عالق في نفق الفراغ

آية المصري
آية المصري

41 عاماً مرت على انتخاب الرئيس السابق بشير الجميل، ولبنان الذي لطالما حلم به، لا يزال حلماً يتمنى اللبنانيون أن يتحقق يوماً، بعد الويلات الكثيرة التي عاشوها على مدار السنين، ومنعت البلاد من التقدم، بسبب العهود السابقة وآخرها عهد جهنم الذي أعادها ألف عام الى الوراء، لا بل الى “العصر الجاهلي” المصطلح الذي يستخدمه البعض في تهديداته معرّضاً لبنان لحروب هو في غنى عنها.

الرئيس الجميل كان يدرك جيداً أي جمهورية تسلم وأي واقع يعيشه وسيعيشه في المرحلة المقبلة، كان يعلم أن الدستور غير مصان، والقوانين لا تطبق والاستقلال حبر على ورق، والأمة غير موحدة، ومع هذا كله قبل هذه القيادة والمسؤولية، مشدداً على عدم تمييع أي استحقاق أو تأجيله. كل ذلك كان في عزّ الحرب الأهلية التي قسمت بيروت الى شرقية وغربية، وذاق الأمرين منها الشعب اللبناني بمختلف انتماءاته وطوائفه.

وعلى الرغم من أن مدة حكمه لم تتجاوز الـ21 يوماً الا أنه نجح في اعادة انتظام العمل في المؤسسات العامة والرسمية، لكن الوقت لم يمهله ليطبق برنامجه بالكامل فكانت يد الشر أقوى حين اغتالته في تفجير هزّ الأشرفية.

بعد مرور كل هذه السنين، لا تزال البلاد تفتقد رجال دولة لا سماسرة تعيينات وصفقات ومحاصصات “على عينك يا تاجر”، والشعب لم يعد يريد رئيساً يقدم شعارات فضفاضة تبقى حبراً على ورق، فهذا الاستحقاق جوهر الحياة السياسية، ومن دونه يهيمن الشغور القاتل بدءاً برئاسة الجمهورية وصولاً الى كل المؤسسات العامة والمراكز المهمة في الدولة. فلا الدستور مصان، ولا القوانين تطبق على الجميع، ولا الاستحقاقات الدستورية تجري ضمن المهل القانونية، وأكبر دليل مرور كل هذا الوقت من دون انتخاب رئيس للجمهورية بالاضافة الى التعيينات بالانابة التي فُرضت على عدّة مؤسسات، فيما الاستقلال منقوص نتيجة تدخلات خارجية واملاءات تفرض على البلد، وسيادة تخترق يومياً في ظل وجود سلاح غير شرعي يهدد بنية الدولة بأكملها.

هذا حال البلاد اليوم بعد مرور ما يقارب العام على الفراغ في القصر الجمهوري، فالأحوال ازدادت سوءاً وسط مجلس نيابي عقيم وعاجز عن حل مشكلة الاستحقاق الرئاسي، ورحلة البحث عن الرئيس المناسب لم تنتهِ بعد، فيما القوى السياسية تغني على ليلاها، فهذا فريق يفرض مرشحه على الجميع، وآخر مبعثر ومشرذم، تارةً يريد هذا رئيساً وتارةً أخرى لا يريد، وسط إصرار البعض على رفض الحوار بكل أشكاله جملةً وتفصيلاً. وهذا ما يؤكد أن السوداوية تهمين على سماء لبنان ولا حل في المدى القريب لا سيما أن القوى تنتظر الدعم وكلمة السر الخارجية التي تتنافى مع مبادئ السيادة والاستقلالية التي نادى بها اتفاق الطائف.

“حلم بشير” لم يتحقق نتيجة التبيعات والفترة العصيبة التي عاشها لبنان في ذاك الوقت، فهل يكون الفرج قريباً مع رئيس قادر يحتاج اليه لبنان، أم يكون نسخة مكررة من رؤساء العهود السابقة؟

شارك المقال