لم تنعكس المذكّرة الديبلوماسية التي اطّلعت عليها وكالة “رويترز” ونقلتها السفارة الأوكرانية في لبنان (والمتضمّنة في تفاصيلها طلباً مباشراً مصدره المسؤولون الأوكرانيون منع سفينة شحن مملوكة لسوريا من الرسو في مرفأ طرابلس لأنّها تحمل حبوباً أوكرانية “مسروقة” على متنها)، على علاقة المرفأ بالسفارة الأوكرانية محلّياً.
هذه العلاقة التي لم تُعكّر صفوها الحرب الأوكرانية – الروسية وقطع العلاقات الديبلوماسية بين سوريا وأوكرانيا منذ العام 2022، لا تزال قائمة ومستمرّة، بحسب ما يُشدّد المدير العام للمرفأ أحمد تامر في حديث لـ “لبنان الكبير”، قائلاً: “علاقتنا جيّدة معهم، ولكن كان من المفترض أن يحصل تنسيق مسبق معنا قبل إصدار أيّ بيان أو تفاصيل متسرّعة لتظهر فيما بعد عبر الاعلام، وفي هذا الموضوع يُمكن القول إنّ الأوكرانيين تسرّعوا نوعاً ما في إطلاق الحكم بهذه الطريقة، مع العلم أنّهم يُدركون أنّ بعض السفن المتجهة إلى طرطوس قد تمرّ من مرفأ طرابلس لتذهب إلى وجهتها الحقيقية لاحقاً”.
يُمكن القول، إنّ عقوبات “قانون قيصر” المقيّدة للحرّكة الاقتصادية السورية، تمنع رسو أيّ سفينة سورية في مرفأ طرابلس وكذلك بيروت، لكنّ تامر الذي كان نفى تلقّيه أيّ طلب سواءً أكان من السّفارة الأوكرانية في بيروت أو من أيّ جهة رسمية محلّية بمنع السفينة من الرسو في المرفأ، لم يكن قد تلقّى أيضاً أيّة معطيات أو اتصالات متعلّقة بهذه السفينة التي لم تكن هي الأولى التي أثارت الجدل شمالاً على الصعيديْن الاقتصادي والديبلوماسي.
ولا ينسى الطرابلسيّون سفينة “لوديسيا” التي كانت أثارت جدلاً كبيراً العام الماضي، بين السفارتين الأوكرانية والروسية وصل إلى حدّ “التراشق الاعلامي والسياسي”، وكانت محمّلة بالشعير والطحين ليتبيّن أنّها مواد سرقتها روسيا وهرّبتها من أوكرانيا لترسو في مرفأ طرابلس، وأبلغ السفير الأوكراني لدى لبنان إيهور أوستاش حينها رئيس الجمهورية السابق ميشال عون في اجتماع معه أنّ “المحكمة الأوكرانية قرّرت توقيف السفينة مع الحمولة”.
إنّ تعرّض مرفأ طرابلس لهذا النّوع من البيانات لا يُقلق سير عمله إنمائياً واقتصادياً والذي يصفه تامر بأنّه “ممتاز، إذ تبلغ نسبة تشغيل الأرصفة فيه 80 بالمائة من طاقتها، أمّا على مستوى الحاويات فتبلغ نسبة 40 بالمائة”، معتبراً أن “لا عين معرقلة” تستهدف هذا المرفأ. ويؤكد أن “الدّولة موجودة والكلّ يدعمنا على المستويين الحكومي والوزاري، إذْ يتعاون معنا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وكذلك وزير الأشغال العامّة علي حمية لتطوير عمل المرفأ ودعمه بكلّ طاقة وجهد، وهذا ما يُؤكّد لنا أنّ المرفأ غير مستهدف كما يرى البعض، فنحن مدعومون سياسياً خلافاً للأحاديث السائدة، خصوصاً من ميقاتي وحمية ومجلس الإنماء والإعمار”.
ورداً على سؤال عن تطوّرات مشروع توسعة المرفأ الذي كان من المفترض أن ينتهي خلال عامين ونصف العام منذ دخوله المرحلة التنفيذية لتطوير واستكمال بناه التحتية بعد توقّيع حصل في 12 تشرين الأوّل عام 2021 بيْن مجلس الإنماء والإعمار وشركة “المقاولون العرب” المصرية بتمويل يأتي على شكل قرض من “البنك الإسلامي للتنمية” يبلغ 86 مليون دولار، يُوضح تامر أنّ إجراءات التوسعة لا تزال قائمة، لكنّ “البنك الاسلامي لم يُحوّل المبلغ المطلوب حتّى اللحظة بسبب مشكلة قائمة مالياً مع الدّولة، التي اقترضت في وقتٍ سابق من البنك ولم تردّ أو تُسدّد ديونها له خصوصاً في ظلّ هذه الظروف المالية الصعبة، لكنّ البنك طلب منها تسديد الديون لإرسال المبلغ المطلوب، وهو ما يُعرقل هذه التطوّرات”.