البريكس 11: نقاط قوة وخطوط صدع

حسناء بو حرفوش

خلاصتان مهمتان يمكن استنتاجهما من قمة “بريكس” الخامسة عشرة حسب قراءة لـبيتر إيرل، الباحث في الأسواق المالية والسياسة النقدية في موقع المعهد الأميركي للبحوث الاقتصادية (AIER): أسواق الطاقة العالمية هي مركز الثقل الاقتصادي للمجموعة الموسعة من 5 إلى 11 عضواً، ومن ثم هناك الميل السياسي الأقرب لالى الأنظمة السلطوية في المقام الأول.

ومن الواضح وفقاً للمقال، “أن هناك روابط موجودة مسبقاً تجمع بين أعضاء مجموعة البريكس الجدد والقدماء منهم. ومن الأمثلة، طورت إيران علاقات وثيقة مع كل من الصين وروسيا على مدى العقد الماضي أو نحو ذلك. كما ينظر لإثيوبيا، على الرغم من الحرب الأهلية المدمرة، بصورة متزايدة على أنها دولة ذات أهمية استراتيجية محتملة لعدة سنوات.

ومن المرجح أن تستفيد بعض الدول من أوجه التآزر بين الكتل لتشرع في العمل معاً على الفور، على الرغم من أنه سيكون من السذاجة عدم ملاحظة بعض خطوط الصدع المحتملة. ويشكل الناتج المحلي الإجمالي العالمي المجمع لأعضاء البريكس الخمسة الأصليين ما يقرب من 42 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي العالمي. ومع الأعضاء الجدد، سترتفع هذه النسبة إلى ما يقرب من 50 في المائة. لكن هذه الاحصائية، مثل معظم الاحصاءات الاقتصادية، مضللة إلى حد كبير خارج السياق.

وتعاني الأرجنتين حالياً من دوامة تضخم مفرط، وديون إثيوبيا بحاجة ماسة الى إعادة الهيكلة، والروبل يتراجع إلى مستويات غير مشهودة منذ الغزو الأولي لأوكرانيا، ويشهد قطاع العقارات في الصين حالة من السقوط الحر بحيث تواجه العديد من الشركات الكبرى انهيارات شبيهة بانهيار بنك ليمان براذرز. ويزعج عدم الاستقرار الاقتصادي حالياً نحو نصف أعضاء مجموعة البريكس-11، وبالنسبة الى الكثيرين كان هذا الوضع الافتراضي لعقود من الزمن. لا شك في أن أهداف مجموعة البريكس الواضحة، والتي تشمل توسيع نطاق بنك التنمية الجديد والتعاون التجاري الوثيق والعملة البديلة للدولار، يُنظر إليها بلا أدنى شك كوسيلة للتخفيف من المشكلات الدائمة الناجمة عن سوء الادارة الاقتصادية، وبالطبع، تجاوز مناطق النفوذ الغربية.

أما في ما يتعلق بإنهاء هيمنة الدولار، وهو الجانب الذي كان الأكثر توقعاً في قمة هذا العام، فلم تسمع سوى رسائل متضاربة، وفي نهاية المطاف تأجل الموضوع. وقبل عدة أيام من بدء الاجتماع، انتشرت إعلانات عن تقديم قروض بالراند الجنوب إفريقي والريال البرازيلي. والواقع أن التعليقات الافتتاحية التي ألقاها الرئيس البرازيلي لولا دي سيلفا تضمنت في واقع الأمر العبارة الخطابية القوية: من قرر أن يكون الدولار هو العملة (العملة العالمية)؟ ومع ذلك، في نهاية القمة، علق وزير مالية جنوب إفريقيا، إينوك جودونجوانا، قائلاً: إن أحداً لم يطرح قضية عملة مجموعة البريكس، ولا حتى في الاجتماعات غير الرسمية. وأضاف: إن إنشاء عملة مشتركة يستلزم مصرفاً مركزياً، وهذا يعني فقدان الاستقلال في السياسة النقدية، ولا أعتقد أن أي دولة مستعدة لذلك. أضف إلى ذلك أن خلق اتفاق بين دول من قارات وثقافات مختلفة، ولها تاريخ مختلف وموارد متنوعة بصورة ملحوظة، سيمثل عبئاً ثقيلاً من الناحية التنظيمية. ومن المرجح أن يعاني الأعضاء الأضعف من تهميش مصالحهم بفعل الديناميكية الناتجة الأقرب إلى ما نشهده في الأمم المتحدة مقارنة بمنظمة أوبك على سبيل المثال. كما أن قلة من الأعضاء المقترحين يتمتعون بسجلات ملهمة بالثقة عندما يتعلق الأمر بحقوق الملكية.

وفي ختام القمة، كلّف وزراء مالية مجموعة البريكس-11 بالاجتماع مجدداً في القمة السادسة عشرة والمرتقبة في العام 2024، وبالانتظار من المفترض أن يعكفوا على استكشاف قضايا العملات المحلية وأدوات الدفع والمنصات. بالنسبة الى بعض المتفرجين المشاركين، أتت نهاية القمة محبطة بلا شك. ومع ذلك، تعكس بوضوح التوترات الناشئة عن المستويات المختلفة من الاعتماد على الدولار وإدراك صعوبة التحرر من هيمنته على الاقتصاد العالمي”.

شارك المقال