اهتمام عالمي بإفريقيا… إنقلاب الغابون وقائي فرنسي؟

ساريا الجراح

سلسلة انقلابات شهدتها عدة بلدان في غرب إفريقيا مؤخراً رافقها رفض مستمر لامتداد النفوذ الفرنسي فيها، مع زيادة التعاون في المقابل مع روسيا والصين، وسبقتها بفترة قليلة 3 انقلابات أخرى في غينيا ومالي وبوركينا فاسو، ناهيك عن المحاولات الانقلابية التي حدثت في أكثر من دولة أفريقية أخرى خلال الأعوام الماضية. ويُعد انقلاب الغابون الأحدث عقب اعلان مجموعة من كبار ضباط الجيش الغابوني صباح أمس استيلاءها على السلطة، ووضع الرئيس علي بونغو قيد الإقامة الجبرية، بعد ساعات قليلة من إعلان لجنة الانتخابات فوزه بولاية رئاسية ثالثة. وسبقه انقلاب النيجر، بحيث احتجز الحرس الرئاسي الرئيس محمد بازوl وأعلن قائد الحرس الرئاسي نفسه قائداً للمجلس العسكري الجديد.

وطمأن رئيس الجالية اللبنانية في الغابون حسن مزهر في حديث لـ “لبنان الكبير” الى أن اللبنانيين هناك بخير، وقال: “منذ الخامسة صباحاً لحظة حصول الانقلاب طلب من جميع اللبنانيين الموجودين هناك التزام منازلهم، وهم وأملاكهم بخير ولا زلت على تواصل مع الكثيرين منهم والموجودين في عدّة مناطق في العاصمة وهم على ما يرام”.

وأوضح أن “أعداد الجالية اللبنانية في منطقة الغابون تصل الى خمسة أو ستة آلاف لبناني يعيشون الاغتراب منذ حوالي مئة سنة، مقارنة بالنيجر التي تضم قرابة الـ 600 لبناني. وفي ظل الأوضاع التي تعيشها المنطقتان أطمئن الجميع بأن اللبنانيين بخير. وما تشهده المنطقة من خروج للبنانيين ليس سوى اجازات صيفية، فوضعهم مستتب ولا خوف عليهم أبداً، ونحن حافظنا على الأمن والاستقرار لهم ونتابع خطواتهم بدقة”.

وشبّه الزميل والكاتب في موقع “لبنان الكبير” ياسين شبلي، المغترب والمتابع للتطورات، الوضع في إفريقيا بـ “وضع البلدان العربية في حقبة الخمسينيات والستينيات من حيث الصراع الدولي والظلم اللاحق بالمجتمعات الافريقية جراء السياسات الفرنسية التي استبدلت الاستعمار العسكري بديكتاتوريات محلية أمّنت لها مصالحها الاقتصادية، مع بعض الاستثناءات الايجابية في كل من ساحل العاج والسنغال خصوصاً بحيث تهيأت لها قيادات تاريخية كالرئيس السنغالي الأسبق ليوبولد سنغور والرئيس العاجي المؤسس فيليكس هوفوي بوانيي، ما أسهم في تنميتها نسبياً بصورة مغايرة لبقية البلدان في غرب إفريقيا الفقيرة مثل جمهوريات مالي وبوركينا فاسو وغينيا كوناكري”.

وأشار الى أن “الصراع فرنسي – روسي ترجم بالانقلابات العسكرية الأخيرة في كل من هذه البلدان الثلاثة الأخيرة إضافة إلى النيجر، أما إنقلاب اليوم (امس) وإن كان كما يبدو يدخل في السياق نفسه إلا أنه لا يعرف بعد إن كان من قاموا به تابعين لموسكو أو باريس، تبعاً لأن هناك رأياً بين المراقبين يخمن بأنه إنقلاب وقائي فرنسي مستغلاً الخلاف الداخلي حول الانتخابات الرئاسية التي حصلت والتي لم تكن فرنسا راضية عنها بالكامل كونها الولاية الرئاسية الثالثة للرئيس المعزول”.

أما المحلل السياسي قاسم قصير فقال: “من الواضح أننا أمام واقع عالمي جديد تحصل فيه تغيرات عديدة تثير إشكالات أمام الدول الكبرى، أي أن ما جرى في النيجر من حيث مواجهة الدور الفرنسي دليل على أن هناك حالة جديدة تجري في إفريقيا وتريد الخروج من النظام القديم بالعلاقات مع الدول الكبرى، والواضح أن القوى العسكرية في هذه الدول تسعى الى دور سياسي في مواجهة المتغيرات كما حصل في السودان من اصطدامات وما يحصل اليوم في ليبيا من صراعات”.

وأكد “أننا أمام مشهد جديد نهى فيه الحكم عن مثل هذه التغييرات”، متسائلاً: “هل هذه الانقلابات تخدم مواطني إفريقيا أم أنها ستحوّلها الى مركز صراعات دولية واقليمية؟”.

واعتبر قصير أن “العالم بأكمله يتجه اليوم الى إفريقيا بدءاً من الصين وروسيا الى أميركا وغيرها، وهذا الاهتمام العالمي يدل على أن هناك صراعاً جديداً كما جرى سابقاً في الصومال ويجري الآن في السودان وليبيا ودول أخرى”.

وعن امكان استفادة الأفارقة أو النظام من هذا الانقلاب، رأى قصير أن “استقرار النظام السياسي واعتماده على الأساليب الديموقراطية هو الطريقة الأفضل لأي دولة، واللجوء الى الانقلابات يعني أن هناك خللاً في النظام السياسي ما سيؤدي الى مشكلات داخلية ستحوّل البلد الى صراع قد يكون المواطنون هم ضحاياه. ولكي نحكم بصورة دقيقة علينا انتظار تبعيات هذا الانقلاب وأهدافه إن كانت تنفّذ أجندة خارجية أم لا”.

شارك المقال