لودريان في بيروت الاثنين وملائكته لم تحضر… هل تتوحد الحوارات؟

هيام طوق
هيام طوق

كل ما يُحكى عن الاستحقاق الرئاسي يمكن وضعه في خانة الضبابية، وعلى الرغم من المعطيات المتناقضة التي تتراوح بين الايجابية والسلبية، فإن الثابت الوحيد أن ما من شيئ ملموس الى اليوم يشير الى أن ملء الشغور الرئاسي بات قريباً الا اذا كانت الطبخة الرئاسية تطبخ في الكواليس السياسية، وهذا ما تستبعده أكثر من جهة.

يوم الاثنين المقبل، سيزور المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان بيروت في محاولة جديدة لحل الأزمة السياسية المستمرة منذ 11 شهراً، إذ كشفت وكالة “فرانس برس” أنّ مقربين من لودريان قالوا، الأربعاء إن وزير الخارجية الأسبق سيكون في لبنان الاثنين، من دون مزيد من التفاصيل حول برنامجه. مع العلم أنه أوضح في ختام زيارته الأولى الى لبنان أواخر تموز أن “الهدف من اللقاء في أيلول هو خلق مناخ من الثقة يتيح للبرلمان الاجتماع في ظل ظروف مؤاتية لانتخاب رئيس”.

مهمة لودريان ليست سهلة خصوصاً أن الأحزاب المسيحية المعارضة حسمت أمرها بعدم المشاركة في الحوار حول الاستحقاق الرئاسي حتى أن البعض نعاها، واعتبرها ماتت قبل أن تولد على الرغم من أنه نقل عن دوائر الرئاسة الفرنسية أن الرئيس ايمانويل ماكرون متفائل بتحقيق تقدم، خلال الزيارة المرتقبة لموفده الشخصي الى لبنان، وأنه يعمل لتحقيق اختراق في الملف الرئاسي، الذي سيبحثه مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عندما يلتقيه غداً السبت على هامش قمة العشرين في الهند.

وزيارة الموفد الفرنسي تتزامن مع طرح رئيس مجلس النواب نبيه بري حوار الأيام السبعة تمهيداً لجلسات انتخاب مفتوحة، ما دفع البعض الى الاستنتاج أن مهمة لودريان لن تؤدي الى أي نتيجة. كما حصل تطور رئاسي تمثل في لقاء بين رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد وقائد الجيش العماد جوزيف عون بقي بعيداً عن الأضواء، وذلك للمرة الأولى إذ إن “الحزب” كان يفصل بين تقديره لأداء قائد الجيش على مستوى المؤسسة العسكرية وبين الانتخابات الرئاسية.

إزاء هذا الواقع، لا بد من طرح الأسئلة: هل أبلغ لودريان الذي يصل الى بيروت بعد 3 أيام برنامج عمل مسعاه الرئاسي الى المعنيين خصوصاً أن طاولة الحوار تتطلب تحضيرات لوجيستية وتنظيمية؟ وهل يحمل جديداً أكثر قابلية للتنفيذ بعد أن سمع الكثير من الاعتراض على مبادرته الحوارية؟ ومع بدء العدّ العكسي لهذه الزيارة، هل يعقد الرئيس بري حواره قبل حوار لودريان أو أن طاولتي الحوار ستتحدان وفق صيغة معينة في طاولة واحدة طالما أن الهدف نفسه؟ وهل يمكن أن تؤشر المعطيات المتوافرة الى توافق على اسم رئيس في ظل الحديث عن تسوية خارجية بعيداً من طاولات الحوار والنقاش؟

أشار النائب ميشال موسى الى أن “الموفد الفرنسي لم يبلغنا بعد برنامج عمله خلال زيارته المرتقبة، وعلينا الانتظار لنبني على الشيئ مقتضاه، ولا بد أن الاتصالات قائمة بينه وبين الرئيس بري، ولا يمكن التكهن إن كان يحمل جديداً أم لا، لكن أصبحت لديه معطيات شاملة بعد ردود الكتل النيابية على الأسئلة التي وجهها اليها”، موضحاً أن “لودريان سيلتقي الفرقاء من جديد ليناقش معهم آراءهم. وعلينا أن نرى شكل الحوار الذي ينوي عقده ان كان ثنائياً أو مجموعة كتل متحالفة أو حواراً جامعاً. ليس من معطيات واضحة الى اليوم”.

ولفت الى أن “الأمور لا تزال في مرحلة تواصل الثنائي الشيعي مع الكتل النيابية ومرحلة الردود على مبدأ الحوار، لكن لا بد أن الصورة ستتضح أكثر في الأسبوع المقبل”، معتبراً أن “كل ما يمكن أن يخدم القضية الأساس أي انتخاب رئيس الجمهورية يمكن أن يحصل، ويكون جيداً، ولا تتضارب الحوارات مع بعضها البعض، لكن ما من صيغة واضحة اليوم، ولا بد أن يلتقي لودريان بري عند وصوله، وأن التواصل قائم بينهما قبل مجيئه”.

وأكد موسى أن “الكل مهتم اليوم بانتخاب رئيس الجمهورية لأن الأوضاع لم تعد تحتمل التأجيل. الفرنسيون يعملون بزخم كما أن الدول الممثلة في اللجنة الخماسية مهتمة أيضاً بالوصول الى نتيجة ايجابية، ونأمل خيراً، ولا يمكن أن نقول فول تيصير بالمكيول، والحوار هو الطريق الأنسب للوصول الى تفاهم بين الفرقاء لانتخاب الرئيس”.

ورأى النائب عبد الرحمن البزري أن “الموفد الفرنسي يطرح النقاش، والحوار الذي دعا اليه الرئيس بري يختلف عما طرحه، اذ ان بري يطرح بنداً وحيداً يتعلق برئاسة الجمهورية على الرغم من أن الخطوط العريضة متشابهة بين المبادرتين. علينا انتظار الموفد الفرنسي واللقاءات التي سيجريها خصوصاً أنه مزود بآراء النواب من خلال الأجوبة عن أسئلته، وهو كما الرئيس بري لم يوجّه الدعوة الى الحوار لأي طرف”، مؤكداً أن “الحراك السياسي لم يتوقف على الرغم من أنه لم يؤدّ الى أي نتيجة لكن الأزمة طالت، ونحن بحاجة الى مخرج من خلال انتخاب الرئيس وعودة الانتظام الدستوري والا الكل يدفع الثمن”.

وقال النائب سجيع عطية: “لم يصلنا أي تفصيل عن طرح لودريان المقبل. نحن أعطينا الأجوبة عن الأسئلة التي أرسلها، وحددنا شخصية الرئيس المقبل، وسنشارك في الحوار الذي دعا اليه. ربما يتم الاتصال بالكتل النيابية يوم الاثنين المقبل أو الثلاثاء للمشاركة في جلسة حوارية، لكن ليس واضحاً شكل الجلسة ان كانت ثنائية أو جماعية.”.

وأوضح أن “الموفد الفرنسي كان يقول في زيارته الأخيرة اذا لا يمكن التوافق على شخصية جامعة يمكن التوافق على اسمين أو ثلاثة للتصويت لهم في البرلمان عبر جلسة مفتوحة بدورات متتالية، وهذا ما دعا اليه الرئيس بري”، معرباً عن اعتقاده أن “هناك تقاطعاً بين مبادرتي الرئيس بري والموفد الفرنسي لايجاد صيغة معينة توصل الى انتخاب رئيس للجمهورية. اذا نجح لودريان في عقد الحوار إن كان ثنائياً أو ثلاثياً أو جماعياً تنتفي الحاجة الى حوار آخر لأن القوى نفسها ستتحاور، والرئيس بري لن يحدد موعداً للحوار قبل أن يرى ما سيحمل معه لودريان الذي يتم التنسيق معه”.

واعتبر أن “الفرصة الأخيرة في أيلول، اما يتم انتخاب الرئيس أو نذهب الى المجهول لأن الأوضاع على مختلف الأصعدة لم تعد تحتمل، بالاضافة الى الضغوط الدولية والمبادرات التي تحتم الوصول الى فسحة أمل مع تنازل كل الفرقاء”.

شارك المقال