حال اللاجئين في لبنان… “لا سوريا بدها ولا لبنان قادر”

ساريا الجراح

بين الانتعاش والارتعاش يعيش بلدنا الحبيب أزمة تحت مسمّى “استقبل وودّع”… من ودّع لبنان غير المغتربين الذين يشكلون قاعدة ازدهار اقتصاده لاستقبال وفود لا تعد ولا تحصى من اللاجئين خلسة أو شرعاً اليه؟

الشعب السوري تحمّل ما يكفي من الأزمات والصعوبات حتّى أنه تشتت في وطنه الأم، وكذلك اللبنانيون الذين حاصرتهم الأزمات وكبّلت مسار حياتهم ومستقبلهم. لكن اللافت اليوم تصدّر ملف اللاجئين السوريين مجدداً واجهة المشهد اللبناني مع تصاعد المواقف بين تلك المطالبة بعودتهم بعد استقرار الوضع الأمني في كثير من المناطق السورية، والرافضة لتلك العودة قبل توفير “الضمانات” الأمنية لها. الأعداد أصبحت تفوق المتوقع، بحسب وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين الذي كشف أن عدد الذين دخلوا عبر المعابر الشرعية في شهر آب بلغ 8 آلاف، أما العدد منذ بداية السنة فيتجاوز الـ20 ألفاً. الثابت هنا سؤال ذو حدّين: هل سوريا عصية عن ضبط معابرها كما لبنان؟ وهل هناك امكان للعودة الآمنة للاجئين؟

مصادر مقربة من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تشير لـ”لبنان الكبير” الى أن “الرئيس ميقاتي وضع النقاط على الحروف في مسألة التهريب غير الشرعي المنتشر بين العديد من الدول. ويشير إلى أن هناك صعوبة كبيرة في ضبط الشريط الحدودي بين لبنان وسوريا نسبة الى امتداده، وأن الجدّية كانت واضحة من خلال إحباط تسلل نحو 1200 سوري إلى لبنان الأسبوع الحالي، في ظاهرة يعلن عنها بصورة متزايدة مؤخراً”.

وعلى أثر تضافر جهود الأجهزة الأمنية، تؤكد المصادر أن “الاجراءات اللبنانية لا تكفي وحدها بل تحتاج الى تعاون سوري، ويعتقد أن الاجتماع السابق بحثت فيه الحكومة الأمور اللوجيستية والاجتماع المقبل هو لتفعيل الخطط بناءً على المستوى الأمني”.

وتعتبر الصحافية عليا منصور في حديث لـ “لبنان الكبير” أن “المشكل الأساس بدأ عام 2011 عندما افتقد ملف اللاجئين التنظيم، واصرار الحكومة على تسميتهم نازحين هو جريمة بحق لبنان، لأن النازح قانونياً يكون ضمن اطار الدولة الواحدة ولا يمكن لأحد أن يلزمه بالعودة، أما اللاجئ فهو من يقطع الحدود”، مشيرة إلى أن “سلوك بشار الأسد لا يقتصر على اعادة الفارين مسبقاً من سوريا وحسب، بل يريد إخراج المزيد والمزيد على قاعدة كيفية تعاطيه مع الكبتاغون”.

وتضيف: “ان سياسة الأسد هي ابتزاز للدول العربية التي أصدرت بياناً واضحاً جداً بعناوين صفحاتها الاعلامية كبتاغون أو لاجئون، حتى أتى الرد السوري بإرسال المزيد من الكبتاغون اضافة الى مسيرات غزت الأجواء الأردنية محمّلة بالمتفجرات”.

وتشدد منصور على أن “جوهر المشكلة هو بشار الأسد، والمشكلات الحاصلة ما هي الا تبعات للقضية السورية والحل في الداخل السوري واضح جدّاً، طبّقوا القرار 2254 والا فلن تنتهي المعركة، وطالما أن بشار الأسد لا يزال يعتلي كرسي الرئاسة السورية فلن نجد الحل في الداخل ويده ستبقى مصدراً للابتزاز ليس الا”.

وعن أسباب خروج اللاجئين من سوريا على الرغم من الأوضاع شبه الآمنة فيها، تقول منصور: “الوضع الاقتصادي في سوريا والفساد المتفشّي يمنع السوريين من الاستمرار، بروباغندا دعم الأمم المتحدة تعود بالنفع على مناطق النظام فقط”. وتأسف أيضاً على الوضع: “ما كان عنا قدرة ناخد تاكسي نعلّم أولادنا في الجامعات، ولا حق جرة الغاز، بينما أنت وزوجتك ووسيم الأسد عم تتمتعوا بالمليارات من السيارات للبيوت. على أساس أن النظام جمهوري لكن اليوم أطل وسيم الأسد بدو يربي العالم وهو يملك مالاً أضعاف ما يملكه المحارب في صفوف بشار الأسد”.

“سوريا غير قابلة للحياة” هكذا تصف منصور واقع الحياة السورية، معربة عن غضبها حيال عدم امكان الاستمرار في ظل الغلاء الفاحش في سوريا ورفع الدعم. وتوضح أن هروب السوريين الى لبنان يقتصر على أنه وسيلة للهروب عبر البحر والوصول الى بلدان أخرى تخرجهم من سلطة آل الأسد، لافتة الى أن هناك نوعين من اللاجئين الأول اقتصادي والآخر سياسي “وهذا ما ينطبق على الشعب السوري تماماً، فاللاجئون الذين أعادتهم الدولة اللبنانية استحكمت بهم الدولة السورية وقبضت منهم وأعادتهم الى لبنان”.

ويصف مصدر أمني الحدود السورية – اللبنانية بأنها “غير مضبوطة، ويستطيع أي كان عبورها، ولا يمكن نشر عناصر من الجيش فيها بالكامل”.

شارك المقال