المغرب وليبيا: كارثتان مأساويتان وتحذيرات من الأسوأ

حسناء بو حرفوش

الكارثتان المأساويتان اللتان ألمّتا بالمغرب وليبيا بقيتا على الصفحات الأولى للاعلام المحلي والعالمي. الفيضانات التي أغرقت شرق ليبيا، ترافقت مع تحذيرات من حصيلة “ضخمة” للقتلى مع تأكيد أجهزة الطوارئ حتى الساعة أن أكثر من 2300 قتيل لقوا حتفهم.

وكانت العاصفة “دانيال” قد اجتاحت البحر المتوسط وهطلت أمطار غزيرة في وقت سابق على تركيا وبلغاريا واليونان. وتسببت الفيضانات بسيول عارمة وأغرقت مبان وأحياء بأكملها خصوصاً في مدينة درنة حيث انهار سدان.

رئيس حكومة شرق البلاد أسامة حماد نعى أكثر من ألفي قتيل، بينما قدّر المتحدث باسم حكومة الشرق أحمد المسماري عدد المفقودين ما بين 5000 إلى 6000 مفقود وهو رقم مرشح مع الأسف للارتفاع. وحذر الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر الثلاثاء من فقدان عشرات الآلاف.

المغرب: أعنف زلزال منذ قرن!

أما في المغرب، فيستمر الحشد للدعم المحلي والخارجي بعد زلزال وصف بالأعنف من نوعه منذ قرن من الزمن. وتسبب الزلزال غير المتوقع كما وصفه البعض، والذي ضرب منطقة الأطلس الكبير في وقت متأخر من مساء الجمعة الماضي، بدمار واسع في مراكش وفي بلدات وقرى في أقاليم الحوز وشيشاوة وتارودانت.

ونقل موقع downtoearth الالكتروني المتخصص عن مقابلة مع عالم جيولوجي يدرس جبال الأطلس تستفسر حول الأسباب وراء زلزال المغرب. ووفقاً لخيسوس جاليندو زالديفار، الذي كان يجري أبحاثًا حول تكوين جبال الأطلس وجيولوجيا المنطقة، أن “جبال الأطلس تقع جنوب حدود الصفائح التكتونية الرئيسة لأوراسيا وإفريقيا (النوبة). ولا تشهد هذه المنطقة عادة الكثير من الزلازل مقارنة بالأماكن الأخرى القريبة من حواف الصفائح التكتونية، حيث تتسبب تحركات الصفائح بنشاط زلزالي مكثف، مع الاشارة إلى أن زلزال أغادير تسبب في العام 1960 بأضرار جسيمة وخسائر في الأرواح”.

يقول العالم: “يُظهر بحثنا أن جبال الأطلس تشكلت أثناء تفكك قارة البانجيا العملاقة، وهي الآن سلسلة جبال ترتفع بصورة نشطة، كما يتضح من قممها العالية ومنحدراتها الشديدة. وتشير المنحدرات الشديدة للجبال والخطوط المستقيمة التي تشققت فيها القشرة الأرضية الى حركة حديثة للأرض تحت هذه المنطقة. ومن المدهش أن لا وجود للمزيد من الزلازل هنا. وهكذا، تندفع جبال الأطلس معاً بمعدل حوالي 1 ملم كل عام. يحدث هذا لأن الصفائح الأوراسية والافريقية تقترب من بعضها البعض. وتتحمل عملية الضغط مسؤولية وجود أعلى الجبال في المنطقة، وهي الحافة الجنوبية حيث تلتقي هاتان الصفيحتان الكبيرتان”.

ويضيف: “أما عن الزلزال، فقد نتج عن ظاهرة جيولوجية تسمى الصدع العكسي. ويحدث هذا عندما تصطدم الصفائح التكتونية، ما يؤدي الى زيادة سماكة القشرة الأرضية. ويمكن أن يؤدي الضغط على طول خطوط الصدع هذه إلى حدوث زلازل بحيث تتحرك الصخور فجأة لتحرر الضغط المتراكم، وهو ما يميز الصدع الزلزالي. وتشير قوة 6.8 درجات إلى أن الصدع المسؤول عن هذا الزلزال ربما يبلغ طوله حوالي 30 كيلومتراً. يأخذ هذا التقدير في الاعتبار العلاقات بين طول الصدع النشط وحجم الزلزال. وفي هذا الحزام الجبلي، قد لا تنتج الصدوع زلازل في كثير من الأحيان. بعد الزلزال، تحركت الصخور في المنطقة وتكيفت، لكن الصدوع الأخرى المجاورة قد تكون الآن تحت ضغط إضافي، ويمكن أن تنتج زلازل أصغر تُعرف باسم الهزات الارتدادية التي قد تستمر لأشهر أو حتى سنوات”.

كيف تستعد السلطات؟

يوضح العالم أن “من الصعب التنبؤ بالزلازل ولا يمكن تجنبها. ومع ذلك، يمكننا التخفيف من تأثيرها. ومن خلال الدراسات المتكاملة لجيولوجيا المنطقة، يمكننا معرفة أماكن وجود الصدوع الزلزالية النشطة. يمكننا أيضاً تقدير مدى قوة الزلازل التي تحدث على هذه الصدوع وعدد مرات تواترها مجدداً. ويساعدنا ذلك على فهم مدى قوة الزلازل المستقبلية في منطقة معينة. وفي المستقبل، سيكون العثور على هذه الأنواع من الصدوع ودراستها محوراً لأبحاث الزلازل”.

ويلفت الى أن “أفضل طريقة لتقليل أضرار الزلازل تكمن في تحسين قوانين تصميم المباني الزلزالية لتحمل أعلى نشاط زلزالي ممكن. سيساعد ذلك المباني والهياكل الأخرى على الصمود بصورة أفضل ضد الاهتزازات القوية. بالاضافة إلى ذلك، من المهم تعزيز المنازل التقليدية والانشاءات الصخرية في القرى الجبلية لمنع الكوارث المستقبلية، كما يجب اختبار الإنشاءات الجديدة وتصميمها بتكلفة منخفضة وبكفاءة، مع احترام معايير البناء الجديدة الخاصة بالزلازل”.

شارك المقال