انتخابات المجلس الشرعي… “تحجيم” للمتمردين والمتطفلين

حسين زياد منصور

تأخذ انتخابات المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى حيزاً كبيراً من الاهتمام، لعدة عوامل متنوعة، أبرزها الظروف التي تمر بها البلاد عموماً والطائفة السنية خصوصاً، والتي تعد الطائفة الأكبر في لبنان، الى جانب المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها غالبية اللبنانيين، ولا نزال عالقين في مشكلاتنا السياسية، التي تعمقت أكثر إثر تعليق الرئيس سعد الحريري العمل السياسي، وهو الذي يمثل شريحة كبيرة من اللبنانيين بمختلف طوائفهم، لكنه الممثل الأول للطائفة السنية، وهذا ما ظهر وثبت في الانتخابات النيابية الماضية، التي ولدت مجلساً نيابياً هجيناً وعاجزاً.

غياب الرئيس الحريري خلّف انشقاقات وطمعاً لدى عدد كبير ممن كانوا ضمن فريقه السياسي، وشهدنا خلافات داخل أبناء الطائفة الواحدة، بدل الالتفاف والتضامن في ظروف كهذه.

ومنذ أيام تم الاتفاق على التمديد لمفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، بعد طرح عدد من أعضاء المجلس الحالي الفكرة، التي لاقت موافقة أكثر من غالبية الأعضاء، وذلك حفاظاً على المصلحة الوطنية والاسلامية.

ولا يخفى على أحد محاولات الكثيرين فرض أنفسهم على الساحة السنية كزعماء وممثلين عن الطائفة، وهم مجرد “متمردين” الى جانب محاولاتهم التدخل سابقاً في ما يتعلق بالتمديد للمفتي في سبيل السيطرة على دار الفتوى وفشلوا، والآن من خلال انتخابات المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى، كما حاولوا في الانتخابات النيابية الماضية وفشلوا “بجدارة”، ولم يحصدوا نائباً واحداً حتى، مع الاشارة الى أن هؤلاء لا يمونون حتى على من هم في دائرتهم الانتخابية.

الهيئة الناخبة وأماكن الاقتراع

هذه الانتخابات المنتظرة لها أهميتها لدى الطائفة السنية، فانعكاساتها ستكون على صعيد مصلحتها ومصلحة الوطن، ومن المفترض أن يضم المجلس نخبة من العلماء ورجال الاختصاص يرأسها مفتي الجمهورية اللبنانية، وتجرى الانتخابات كل 4 سنوات.

يضم المجلس 32 عضواً، 24 يتم انتخابهم، و8 يعيّنهم المفتي، والـ24 يتوزعون على الشكل التالي: 8 من محافظة بيروت، 8 من محافظة الشمال، 4 من محافظة الجنوب، 2 من محافظة جبل لبنان و2 من محافظة البقاع.

وتتكون الهيئة الناخبة من مفتي الجمهورية اللبنانية، رئيس مجلس الوزراء، رؤساء مجالس الوزراء السابقين، الهيئة التشريعية والتنفيذية (نواب ووزراء)، أعضاء المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى، أمين السر الخاص لمفتي الجمهورية، أمين الفتوى، الأمين العام للمجلس الشرعي الاسلامي الأعلى، القضاة الشرعيون العاملون، المدير العام للأوقاف، مدرّسو الفتوى، شيوخ القرّاء، لجنة المجلس الاداري لأوقاف بيروت، رؤساء الدوائر الوقفية، الأئمة المنفردون والمثبّتون والمتعاقدون والمكلفون، القضاة المسلمون السنّيون العدليون والاداريون العاملون، أعضاء المجلس الدستوري وموظفو الفئة الأولى في الادارات العامة، رئيس وأعضاء المجلس البلدي من المسلمين السنّة.

وتجرى الانتخابات في بيروت في مبنى دار الفتوى – عائشة بكّار، اما في الشمال ففي مديرية الأوقاف في طرابلس، وفي صيدا في دائرة الأوقاف عن الجنوب، وفي جبل لبنان في دائرة الأوقاف في الجيّة وفي البقاع في مبنى دار الفتوى.

أجواء الانتخابات

وتشير مصادر مطلعة لموقع “لبنان الكبير” الى أن “أجواء الانتخابات قبل التمديد للمفتي شيئ، وبعد التمديد له شيئ آخر، الجميع يعلم أن المجلس الجديد الذي سينتخب كان سيصوّت للمفتي الجديد بعد سنتين، واللائحة في بيروت التي تتألف من 8 أعضاء، قبل التمديد للمفتي، كانت ستتألف من أعضاء تابعين للشيخ محمد عساف المرشح للإفتاء أو الشيخ أمين الكردي والمرشح أيضاً للإفتاء كي يكون لهما العدد الأكبر والأفضلية، وحظوظهما مرتفعة عند حصول التصويت بعد سنتين لانتخاب المفتي. بعد التمديد اختلف الموضوع كلياً، وأصبحت للمفتي الكلمة الأولى والأخيرة، وهو من يختار الأشخاص المرشحين ضمن اللائحة”.

وتلفت المصادر الى حصول نوع من الاتفاق بين العديد من الأشخاص أبرزهم رئيس جمعيتي “بيروت للتنمية” و”إمكان” أحمد هاشمية، وأحمد الحريري والمفتي دريان، لتشكيل لائحة توافقية تضم الجميع، مؤكدة أن “هذا ما سعى اليه هاشمية، وتواصل مع الجميع كي يحصل توافق، ولم يقم بتسمية أي شخص تابع له، بل على العكس فاوض وتحدث مع الجميع وفق مبدأين الأول ألا يكونوا تابعين سياسياً لأي جهة، وثانياً أن يكونوا مميزين وعلى قدر من المعرفة والعلم، والأهم أن يكون الجميع متوافقاً”.

وترجح المصادر على الرغم من أن شيئاً لم يحسم بعد، “أن يقوم المفتي بتسمية 4 من أعضاء اللائحة التوافقية، بعد أن كان من المفترض أن يختار 2 فقط، والبقية سيختارها تيار المستقبل بعد التوافق وفق معايير ليست سياسية بل موضوعية أي أشخاص لديهم اطلاع وعلم على درجات عالية”.

وعن اللائحة أيضاً، توضح المصادر أن هناك خيارين، اما أن تكون من 8 أعضاء مكتملة، وهذا ما يريده البعض، فيما البعض الآخر يريدها 7 أعضاء، وستكون حينها لعبة انتخابية بامتياز، فيتجنبون عندها “التشطيب”، ويقوم به الخصوم في ما بينهم، ولا يشطبوا من اللائحة. وهناك من يرى أن تبقى اللائحة غير مكتملة، بسبب تنافس قضاة الشرع، اذ ان هناك 3 مرشحين (وسيم فلاح، وائل شبارو وعبد العزيز الشافعي)، وكي لا تحصل أي حساسية في تسمية أي مرشح منهم، يترك الخيار لقضاة الشرع كي يختاروا ممثلهم، وبالتأكيد في النهاية سيمثل اللائحة.

وعن تدخلات الرئيس السابق فؤاد السنيورة، تؤكد المصادر أنها “تبدلت نوعاً ما بعد التمديد للمفتي، فهو لم يدعم لائحة كاملة، بل كان يدعم أشخاصاً محددين، وبعد التمديد لدريان، خفّ تدخله، لكنه لا يزال يدعم أشخاصاً مثل محمد دندن”.

وعن الأسماء التي يعد وجودها محسوماً في المجلس، تقول المصادر: “الوزير السابق سمير الجسر سيكون نائباً للرئيس بدلاً من الوزير السابق عمر مسقاوي، وفي الجنوب سيبقى الأعضاء أنفسهم، اما في جبل لبنان فالأسماء الأبرز هي الشيخ رئيف عبد الله والقاضي حمزة شرف الدين”، وبحسب مصادر أخرى يتوقع أن يحصل شرف الدين على عدد كبير من أصوات القضاة وذلك لتاريخه في السلك القضائي وتميزه، مشيرة أيضاً الى معركة بين الشيخ رئيف عبد الله والشيخ عاطف القشوع.

اما في البقاع وبحسب المصادر، فالأمر ترك للمفتيين علي الغزاوي ووفيق حجازي لاختيار الأسماء.

شارك المقال