في ظل بروز ملف النزوح بصورة كبيرة على الساحة اللبنانية في الآونة الأخيرة، لا سيما بعد الاعلان عن الهبة الأوروبية، ما استدعى عقد جلسة مناقشة عامة في مجلس النواب أمس، تمكنت من جمع أعتى الخصوم، دعا الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله إلى فتح البحر أمام اللاجئين، من أجل الضغط على أميركا وأوروبا في هذا الملف، وهو موقف قريب من موقف “القوات اللبنانية” التي تعتبر أنها تخوض معركة وجود في مسألة النزوح، تحت عنوان أن لبنان بلد عبور وليس بلد لجوء، ولكن هل “فتح البحر” قابل للتنفيذ؟
رئيس “المجلس اللبناني لحقوق الانسان” وديع الأسمر قال في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “عدنا الى الاقتراحات اللاعقلانية والخنفشارية، فالمسافة بين لبنان وقبرص يعرفها الأمين العام لحزب الله، وهي تشكل خطراً كبيراً على الذين يهاجرون عبر البحر، وأحب أن أذكره وبقية المسؤولين أن الحدود البحرية مراقبة من اليونيفيل، وبالتالي هناك اشكالية كبيرة في أن تعبر سفن كبيرة”.
أما عن فكرة أن “لبنان بلد عبور وليس بلد لجوء”، فاعتبر الأسمر أن “اللبنانيين وسياسييهم يخترعون تعابير خنفشارية ويصدقونها، ويريدون أن يعطوها طابع الصفة القانونية، ليس هناك شيء اسمه بلد عبور، لبنان موقع على الشرعة الدولية لحقوق الانسان، بل ويفتخر بأنه أحد المشاركين في كتابتها عبر وزير الخارجية الشهير شارل مالك، وهذه الشرعة واضحة، يحق لأي انسان اللجوء الى بلد آخر هرباً من الاضطهاد، وبالتالي منطق اللجوء موجود في لبنان، والدليل منح لبنان اللجوء للقيادي في منظمة الجيش الأحمر الياباني كوزو أوكاموتو عندما لزم الأمر”.
ووصف الأسمر تعابير “فتح البحر”، و”نازحون وليسوا لاجئين”، و”لبنان بلد عبور وليس بلد لجوء”، بأنها تعابير شعبوية، لافتاً الى أن “الهدف أصبح واضحاً، النظام السوري يريد استغلال قضية اللاجئين لخلق حالة من عدم الاستقرار، ولا يهمه إن أدى الأمر إلى حرب أهلية في لبنان، وللأسف بعض السياسيين اللبنانيين يساعده في الأمر، وذلك فقط من أجل تبرير عودة التطبيع الأوروبي والأميركي مع النظام. البعض يساعده عن غير قصد، ولكن البعض الآخر يتعمد ذلك، وموضوع فتح البحر يشكل خطراً على لبنان، فماذا يفعل من يدعو الى هذا الأمر إن تعرض البلد لحصار أمني أو اقتصادي؟ هذا رفع سقف، والهدف واضح ولعل الأبواق السياسية تقوله، اذهبوا وتحدثوا مع الأسد، كل السياسيين لا يملكون الجرأة للنقاش مع النظام السوري مباشرة”.
أضاف: “نحو 70% من السوريين في لبنان ممن تسوية أوضاعهم باعفاءات بسيطة تحفزهم على العودة، ويا ليت الأحزاب تسأل الأمن العام في عهد اللواء عباس ابراهيم، عندما تمت اعادة ألفي نازح كم اسم أرسل من أجل الموافقة على ألفين؟”.
أما مدير المكتب الاقليمي للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الانسان محمد المغبط فأكد لـ “لبنان الكبير” أن لبنان على الرغم من أنه غير مصادق على اتفاقية اللاجئين، هناك أربعة أمور يجب الحديث عنها عند التعامل مع اللاجئين أو فتح البحر أمامهم للعبور إلى أوروبا:
– أولاً: مبدأ عدم الترحيل، وهو عرف دولي وليس من الضروري أن تكون الدولة مصادقة على اتفاقية اللاجئين، وقد يكون هنالك انتهاك لهذا المبدأ لأنه عرف دولي ملزم للبنان فعند وصولهم الى الأراضي الأوروبية قد يكونون عرضة للمحاكمة أو يقع الضرر عليهم.
– ثانياً: الحق في اللجوء، وهو مذكور في المادة 14 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان والمادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وبحسب القرار 5 على 2021 للمجلس الدستوري يقول المجلس ان أحكام الاعلان العالمي هي جزء من الدستور اللبناني، أما العهد الدولي الخاص فهو ملزم للبنان لأنه صادق عليه عام 1972.
– ثالثاً: هناك اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها لبنان، وبفتح الباب امام الهجرة غير الشرعية عبر البحر، نعرض الأطفال للاستغلال أو للاتجار بالبشر والعنف، وهذا يخالف التزامات لبنان بهذه الاتفاقية.
رابعاً: انتهاك لبنان لسيادات الدول الأخرى، وعلى الرغم من أن النقد لهذا الأمر هو أن اللاجئين ينتهكون سيادة لبنان، المفروض على الدولة اللبنانية أن تحافظ على سيادة لبنان وسيادة الدول، وعدم فتح المجال لهم بالقول انهم يريدون انتهاك سيادة لبنان.
ورأى المغبط أن “الطرح غير واقعي، فالرئيس التركي رجب طيب اردوغان بكل الضغط الذي مارسه على الأميركيين والأوروبيين، أتت خلاصة المفاوضات معهم بالحصول على المزيد من الأموال، ولكن حل جذري لقضية اللاجئين لا يتم بهذه المقاربة”.