واشنطن وطهران: صفقة السجناء تمهد لحسم قضايا أكبر

حسناء بو حرفوش

بعد سنوات من التوترات المتصاعدة مع الولايات المتحدة، ربما رأت إيران أن عملية تبادل السجناء فرصة أخيرة للوصول، ولو بصورة محدودة الى الأموال المجمدة (وتحديداً إلى 6 مليارات دولار من الاحتياطيات) في ظل تعثر الاقتصاد والعقوبات الدولية وسوء الادارة الاقتصادية، حسب مقال لسوزانا جورج في موقع “واشنطن بوست” الالكتروني.

ووفقاً للقراءة، “هناك أمل في أن تمهد هذه الخطوات الصغيرة الطريق لمناقشة قضايا أكثر موضوعية مثل العودة إلى الاتفاق النووي، على الرغم من أن ذلك قد يعوقه عدم اليقين بشأن نوع القيادة التي ستدير الولايات المتحدة بعد الانتخابات. ويلفت مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، علي فايز إلى تردد الايرانيين في التخلي عن نفوذهم كله لاستعادة الاتفاق النووي من دون معرفة من سيكون الرئيس الأميركي المقبل. لا يريد أحد حقاً التوصل إلى اتفاق، لكن الحديث يكثر عنه.

وكانت إدارة الرئيس الحالي جو بايدن قد تعهدت بإحياء الاتفاق النووي، ولكن في حال فاز مرشح جمهوري في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، ستشهد السياسة الأميركية تجاه إيران على الأرجح تحولاً جذرياً، كما حدث عندما تولى دونالد ترامب منصبه وانسحب من الاتفاق النووي الايراني. وبعد الاعلان عن الصفقة، قدم القادة الايرانيون المفاوضات على أنها دليل على استسلام واشنطن لمطالبهم. وقال ناصر كنعاني، المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية إنه كان ليحصل منذ فترة طويلة لو تعاون الجانب الأميركي بعيداً عن ربط عملية التبادل بقضايا أخرى.

وبينما أصر على أن الأموال ستكون متاحة للحكومة والأمة، لفتت وزارة الخزانة الأميركية الى مراقبتها قناة إنسانية بعناية لدعم وصول الشعب الايراني إلى الغذاء والسلع الزراعية والأدوية والأجهزة الطبية بموجب إجراءات العناية الواجبة الصارمة. ويقول محللون ومسؤولون إن الصفقة تعكس اقتناع واشنطن وطهران بأن التوترات المتصاعدة لن تخدم أياً من الجانبين. لكن هذا الادراك ليس راسخاً وقد ينهار بسهولة.

ووفقاً لفايز، لم تحل الولايات المتحدة وإيران أي شيئ، لقد اتفقتا للتو على إبقاء خلافاتهما تحت السيطرة، مضيفاً: ان تنفيذ عملية تبادل الأسرى بنجاح يضمن استدامة العلاقات الحالية بين الولايات المتحدة وإيران، ويمنع التوترات من الخروج عن نطاق السيطرة، بدلاً من إنشاء ديناميكية جديدة. ولا يتناول الاتفاق الذي سهّل عملية التبادل قضايا تتجاوز تبادل الأسرى ونقل الأموال الايرانية وكيفية مراقبة الأموال. لكن أشهر المحادثات التي سبقت الاتفاق قد تمهد الطريق للمفاوضات المستقبلية. واعتبر مسؤول مطلع على المفاوضات تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته أن ما حصل بمثابة بناء الثقة بين الجانبين.

وتفاوض مسؤولون من الولايات المتحدة وإيران على شروط المبادلة لأكثر من عام بعد أن وصلت المحادثات حول مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك الاتفاقات النووية، إلى طريق مسدود في يونيو (حزيران) 2022، بحيث أقام ممثلو الولايات المتحدة وإيران في فندقين منفصلين في الدوحة من دون أي تفاعلات مباشرة أو اتصال مباشر.

وأفسدت السياسة الداخلية في البلدين منذ فترة طويلة محاولات التقارب وأحبطت كلا الجانبين أثناء سعيهما الى إيجاد أرضية مشتركة بشأن مسألة أبسط نسبياً وهي تبادل الأسرى، ناهيك عن إعادة التفاوض على اتفاق نووي. وعلق إريك بروير، من مؤسسة أبحاث مبادرة التهديد النووي ومسؤول سابق في المخابرات الأميركية قائلاً إنه يعتقد أن المبادلة تشير إلى تهدئة مؤقتة، محذراً مع ذلك من خطر انهيارها: هناك مشكلات لا يزال يتعين حلها مثل الدعم العسكري الايراني لروسيا والقمع الوحشي لحركات الاحتجاج. ومن المحتمل أيضاً أن لدينا بعض المشكلات الجديدة التي ظهرت منذ ذلك الحين. بالتالي، مع مرور الوقت، قد يصبح التوصل إلى اتفاق أكثر صعوبة. ومع تخفيف العقوبات ونجاح إيران في إصلاح العلاقات في المنطقة وإقامة شراكة أقوى مع روسيا والصين، قد تعتقد إيران أنها تستطيع الحفاظ على برنامجها النووي المتقدم بتكلفة مقبولة”.

شارك المقال