عقارية جبل لبنان “مهجورة” وخسائر بمليار دولار

حسين زياد منصور

فتحت بعض أمانات السجل العقاري في لبنان أبوابها بعد فترة اقفال طويلة، أي منذ تشرين الثاني الماضي، لكنها لم ولن تفتح بصورة يومية، ففي الجنوب والنبطية ومرجعيون وبيروت ستفتح يومين في الأسبوع، اما في البقاع والشمال فيوم واحد للاستقبال و3 أيام لتسلم الايصالات والسندات، أي أن العمل سيتركز على إنجاز المعاملات المتراكمة.

لكن أين امانات السجل العقاري في جبل لبنان من كل ذلك، خصوصاً وأن هذا القطاع يعد من أكثر مرافق الدولة حيوية، واغلاقه يكبد الدولة خسائر كبيرة يومياً.

صعوبات وحلول

تشير مصادر الدوائر العقارية في حديث لموقع “لبنان الكبير” الى أن الاقفال في أمانات السجل العقاري في جبل لبنان، لا يزال مستمراً لغاية اليوم منذ 5/12/2022، والأمانات هي 6: الشوف، بعبدا، عاليه، المتن (الزلقا)، جونية وجبيل، وأن هناك محاولات للعمل داخلياً، لكن الكارثة الكبيرة هي في المورد البشري بسبب الملاحقات القضائية التي أدت الى توقيف عدد كبير من الموظفين، عاد نصفهم، اما من تواروا عن الأنظار فلم يعودوا، وهذا الأمر أدى الى مشكلة في الكادر الوظيفي، فعلى سبيل المثال إن كان عدد الموظفين 40، عاد منهم للعمل 13، وهذه مشكلة صعبة لم يجدوا لها حلاً لغاية الآن.

وتلفت هذه المصادر الى الحلول المطروحة والمتوقعة وهي اللجوء الى الدمج، وهو موضوع يتم العمل عليه حالياً، مثلاً تلتحق أمانات بعد الظهر أو أيام الجمعة والسبت والأحد بأمانات أخرى.

وتقول المصادر: “ان التواصل دائم مع المعنيين وخصوصاً وزير المالية بما يخص تقديم الاقتراحات المتعلقة بتسيير أمور أمانات السجل العقاري في جبل لبنان، ومنها اقتراح يعد الآن وهو اللجوء الى الدمج، كي يتمكن الموظفون في جبل لبنان من القيام بمهامهم، وهذا الاقتراح لا يعني الاستغناء عن الموظفين أو أن يحلوا مكان غيرهم، بل هو لمساعدة الموجودين من خلال الاستعانة بموظفين من أمانات أخرى”.

وتوضح المصادر أن “الملفات القضائية تتراكم، اذ ان هناك ملفاً يحقق به فرع المعلومات، وملفاً آخر جديداً تستلمه أمن الدولة، والأجهزة الأمنية تأخذ وقتها وتحقق وتفتح الملفات في الوقت الذي يترقب فيه تقديم استقالات لعدد من الموظفين”، مؤكدة أن “من غير الممكن أن تفتح أبواب أمانات السجل العقاري في جبل لبنان في القريب العاجل ومعاودة العمل كما كان في السابق، وهذا الأمر من سابع المستحيلات”.

أضرار وخسائر

وعن الخسائر بسبب الاقفال، تقدر المصادر آنها بآلاف المليارات، مشيرة الى “أننا لم نتمكن حتى الآن من إحصاء هذه الخسائر، لكن وفق إحصاء بسيط أجري منذ مدة أظهر أنها بحدها الأدنى 100 ألف مليار ليرة ما يعادل المليار دولار، أي منذ 5/12 الى اليوم ونتيجة اقفال أمانات جبل لبنان الخسائر تقدر بمليار دولار، على اعتبار أن الايرادات منذ السنة الماضية كانت 1800 مليار مثلاً على سعر صرف 1500 ليرة، اليوم ضربت الإيرادات بـ 55 مرة، أي أنها أصبحت وفق 85 ألف ليرة، فتصبح تقريباً أكثر من 100 ألف مليار ليرة لبنانية”.

وعن القطاعات المتضررة من اقفال الأمانات العقارية، تشدد المصادر على أن “القطاعات التي تعمل مع العقارية أيضاً ضربت، مثلاً ان أردت أن تحصل على رخصة أو افادة عقارية، الرخص متوقفة في التنظيم المدني في وزارة الأشغال، أو أي معاملة أخرى كمهندسين أو محامين في نقابة المهندسين كلها متوقفة، حتى السماسرة الذي يعملون في هذا المجال، توقفت أعمالهم، الى جانب تعطل معاملات المواطنين من بيع أراضٍ أو شقق أو شرائها، الحركة كلها متوقفة”.

وتضيف: “المغتربون لدى مجيئهم في الصيف يحضرون معهم الدولار الفريش، واستغلالاً لانخفاض القيمة الشرائية للشقق، يريدون شراءها، وعمليات الشراء هذه توقفت أيضاً، ولم يتمكنوا من ادخال أموالهم والافادة منها. هذه الحلقة الكبيرة والممتدة والمتشعبة، تشعر المواطنين والجميع بالخوف. المواطنون والتجار والمطورون العقاريون والمهندسون والمساحون والمحامون ومعقبو المعاملات يراجعوننا بصورة دائمة للحصول على سنداتهم”.

وتذكر المصادر بأن “هذا القطاع يدخل الفريش دولار الى الخزينة، ومليار دولار خسائر ليست هينة”.

تجدر الاشارة الى أن فضائح الدوائر العقارية أدت الى انطلاق تحقيقات منذ أشهر عدة بحق عاملين في دوائر وأمانات السجل العقاري خصوصاً في جبل لبنان بعد سلسلة توقيفات بحق موظفين ومتورطين بتهم فساد، وسرقات كبيرة من موظفين صغار وكبار.

شارك المقال