إنتخابات “المجلس الشرعي” في البقاع: المنافسة واضحة ولا تدخلات سياسية

راما الجراح

تخاض إنتخابات المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى هذه المرّة في البقاع وفقاً للكفاءة والالتزام الديني للمرشّحين، على عكس إنتخابات العام ٢٠١٩. وجاءت دعوة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان للهيئات الناخبة في الأول من آب الى اختيار أعضاء المجلس في الأول من تشرين الأول، في استحقاق يحصل كل أربع سنوات، سعياً الى إدارة الأزمة التي نشأت داخل الطائفة السنية منذ تعليق الرئيس سعد الحريري العمل السياسي، لتستعيد معه الطائفة موقعها الوطني.

يضمّ المجلس الشرعي ٢٤ عضواً موزّعين وفق الآتي: ثمانية لمحافظة بيروت، ثمانية لمحافظة الشمال بينهم عضو لعكار، أربعة للجنوب ثلاثة منهم لصيدا وواحد لحاصبيا ومرجعيون، اثنان لجبل لبنان، واثنان للبقاع، على أن يعيّن مفتي الجمهورية ثمانية أعضاء يوازي عددهم ثلث المجلس ويختارهم بعد أسبوع من صدور نتائج الانتخابات. وفي البقاع، هناك ١١٢ ناخباً يشكّلون الهيئة الناخبة، سيختارون عضوين للمجلس الشرعي من بين ٦ مرشّحين هم: يونس عبد الرزاق، أحمد عبد الرحمن عواض، محمد خالد العجمي، سعد الدين محيي الدين حسنة، بلال عمر زين الدين وصالح قاسم الدسوقي.

يؤكد مصدر خاص لموقع “لبنان الكبير” أن “هناك في المبدأ برودة واضحة في حركة الناخبين والمرشحين، ويبدو أن المنافسة حتى اللحظة لمصلحة المرشح القاضي يونس عبد الرزاق، المرشح سعد حسنة وهو عضو سابق في المجلس الاداري لأوقاف البقاع، والمحامي بلال زين الدين، وسمعنا من أحد المرشحين أن هناك مفاجأة يوم الانتخابات، ما يعني أن هناك شيئاً يطبخ وراء الكواليس. بالنسبة الى الأعضاء، اثنان يتم انتخابهما، واثنان يتم تعيينهما، ولا صحة للكلام حول شرط أن ينجح في الانتخاب مرشح من البقاع الغربي ومرشح من البقاع الأوسط، إذ لا مانع من أن ينجح اثنان من المرشحين من القضاء نفسه، وعلى أساس النتيجة يتم التعيين من مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، وغالباً سيتم تعيين عضو من بعلبك، وآخر من راشيا”.

ويعتبر النائب بلال الحشيمي في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن دعوة المفتي دريان الى اجراء إنتخابات المجلس الشرعي “مهمة وضرورية حتى ننهض بمؤسساتنا، ونحافظ على المواد القانونية الموجودة والتي لها علاقة مباشرة بالموضوع، والمرشحون جميعهم خير وبركة”. ولا يتوقع أن تكون هناك أي تدخلات سياسية، قائلاً: “برأيي المرشحون يجب أن ينجحوا بجهدهم، أي تكثيف زياراتهم واتصالاتهم، والعمل على عرض برامجهم الانتخابية وعلى هذا الأساس يتم الانتخاب، والصندوق الذي يلعب دوره، وليس طبيعياً أن نسمع من أي مرشح أنه لم ينجح بحجّة تدخلات سياسية، بل لأنه ما اشتغل صح”!.

ويرى أمين سر دار الفتوى عاصم جراح أن “المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى من أهم قلاع أهل السنة والجماعة في لبنان، ومؤسسة مهمة جداً تُعنى بأمور المسلمين الدينية من الأحوال الشخصية، تنمية الأوقاف واستثمارها، الاهتمام بالدعوة والدعاة، قلعة الحفاظ على الوطن والتكافؤ السياسي، والتوازن الانمائي، لذلك تعقد الآمال على هذا المجلس ليبقى منارة وحصناً في هذا البلد، وتحسين ما يلزم وتعديله لاستمرار المؤسسات”.

وبالنسبة إلى المرشحين الأكثر حظاً، يقول جراح لـ “لبنان الكبير”: “هناك مَن لديهم أكثر إطلالة في المجتمع ومعروفون لدى كثير من الهيئة الناخبة والجهات المجتمعية، والبعض من خلال ترشيحاتهم تعرفوا الى الهيئة الناخبة وأطلعوها على سيرتهم وتطلعاتهم، وهنا يعود الأمر إلى هذه الهيئة تقويم كل مرشح والاختيار بينهم. بحسب ما أسمع من البعض، يمكن أن أشير إلى أن فضيلة القاضي الشيخ يونس عبد الرزاق يتصدر المشهد، ولكن هذا لا يعني أن غيره ليس له حظ، هناك لكل ناخب استطاعة التصويت لاثنين من المرشحين”.

ويضيف: “بقاء المرشحين الستة قد يأتي بمفاجآت لا يتوقعها أحد، بمعنى لو حضر ٩٥ شخصاً من الهيئة الناخبة ولا أعتقد أن جميعهم قد يأتي للاقتراع فهناك من هو مريض، أو مسافر، أو مَن لا يحب المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية، وأعدادهم بين ١٠ إلى ١٥ صوتاً، وإذا قسمنا ٩٥ صوتاً على ٦ أشخاص، أي كل مرشح قد يحصل على ١٥ صوتاً، وتخيلوا أن كل مرشح ضمن لنفسه هذا العدد، قد يحصل اختراق من جهة ما أو شخص ما غير متوقع وليس من الأسماء المعروفة، وهذا الامر يعتمد على الهيئة الناخبة التي تعتبر رشيدة وتعقد عليها الآمال في انتخاب مَن هو مناسب”.

ويؤكد أنه لم يسمع بأي تدخلات سياسية، “ولكن سمعنا أنه يمكن حصول توافق على إسمين من المرشحين ولكن ليس هناك تبني رسمي وعلني”، متمنياً من أعضاء المجلس الشرعي الجديد “التعاون، ومشاورة الدوائر الوقفية ومفتي المناطق، والوقوف عند الدُعاة وشؤون الدعوة، وأن يعدلوا القوانين الجائرة في حق الدوائر الوقفية والمناطق، بحيث لا يستطيع أي مجلس إداري أن ينفذ قراراته إلا بالرجوع إلى المجلس في بيروت وقد تأخذ الأمور شهوراً حتى يلتئم المجلس، ولا ندري سبب هذه التأخيرات مع الِعلم أن هناك مشاريع غنية وتقرها المجالس الادارية المحلية للأوقاف واستثمارها يناسب جداً المنطقة”. ويشدد على وجوب “أن يكون هناك تعاون سريع، وإجراءات مستعجلة خاصوصاً إذا كانت الأمور تتعلق بتنمية عقار وقفي، على أن تكون هناك لجان أسبوعية لحل مثل هذه القضايا، وخيرها ونفعها يعود إلى المجالس المحلية، وما على المجلس الشرعي إلا أن ينظر في هذه القرارات والموافقة عليها”.

أما رئيس دائرة أوقاف البقاع محمد عبد الرحمن فيشير الى أن “من يترشحون للمجلس الشرعي غالباً هناك أشخاص منهم لا يعرفون ما هي مهمتهم، ويقتصر عملهم على التصوير والبروباغندا أو إذا صح القول يرون هذا المنصب كنوع من أنواع الوجاهة! والبعض مارس العمل الاداري مع دائرة الاوقاف ويعلم المشكلات والعوائق في المجلس الشرعي من تأخير وتأخر في القرارات، وعدم النظر فيها، وأحياناً يأتينا متبرع لمشروع ما ولكن يذهب الموضوع حوالي ٦ أشهر حتى يُقر في المجلس الشرعي، وهنا المتبرع لا يكون جاهزاً في هذه الفترة لعدة أمور، وحصلت معنا هذه المشكلة أكثر من مرة، للأسف هذا يعني أن هناك إهمالاً واضحاً”.

ويضيف عبد الرحمن: “مرّت فترة طويلة لم يسألنا أحد من أعضاء المجلس الشرعي عن أوضاع دائرة الأوقاف الاسلامية بما يخص قرارات يمكن أن يتم الاسراع فيها أو تشريعها. بالنسبة الى المرشحين اليوم، هم أهل ثقة، والمجلس الشرعي يعتبر أساساً للطائفة في ظل الفراغ السياسي الذي نعيشه، ينبغي أن تأخذ دار الفتوى دورها الحقيقي في موضوع إدارة الطائفة والحصول على حقوقها الحقيقية”.

وفي ما يخص التدخلات السياسية، يؤكد عبد الرحمن أن ذلك “أصبح أمراً عادياً في لبنان في أي إنتخابات بمختلف المستويات”. ورأى في المرشحين “أصواتاً جريئة ومتفهمة لواقع الوقف”، آملاً “أن نلمس تغييراً جدياً في شؤون المساجد، الدعوة، التربية والتعليم وغيرها من الأمور، وننتظر منهم رفع الصوت على الحاجات والمعوقات التي يعاني منها المجلس الشرعي”. وأشار الى أن “هناك تكراراً في المرشحين في المناطق الأخرى، وقد يعتبر البعض هذا المنصب سُلّم للترشح إلى الانتخابات النيابية أو مناصب معينة”.

إذاً، يبقى الأمل في أن تُنتج هذه الانتخابات أعضاء فاعلين ومدركين لمسؤوليتهم ومهامهم، ليطغى التحديث والتجديد على المجلس الشرعي، وعدم اعتبار هذه المناصب شكلية وفخرية!

شارك المقال