عن ملف اللاجئين: الأسد يعدّ لفتنة… وتهويل بشأن “دليفري” الأشرفية

ساريا الجراح

غاب المعنيون اللبنانيون عن ملف اللاجئين السوريين في الوقت الذي كان يتوجب عليهم تقديم توضيح ولو شفهي عن “معرفتهم بالأرقام التي تدخل وتخرج وتغيب عنهم القدرة على ضبط المعابر نفسها؟” بحسب الصحافية عالية منصور التي أكدت أن “الحل اللبناني يدعو الى طلب مساعدة دولية لضبط الانفلات الحاصل والذي يعتبر حزب الله جزءاً لا يتجزأ منه بإدخال مقاتليه وإخراجهم عبر الحدود”. ولفتت الى أن “الفرق بين كيماوي الغوطة ومجزرة المسجدين في طرابلس هو 48 ساعة فقط، لهذه الدرجة الأسد خطير ونظامه شيطاني”. يأتي ذلك بعد سلسلة الحملات التي أطلقتها أكثر من بلدية في مناطق عدة مطالبة بترحيل السوريين إثر إشكالات واعتداءات ارتكبوها، ونسبة الى الاحصاءات الرسمية التي تشير إلى أن 85 في المئة من الجرائم المسجلة في لبنان يرتكبها لاجئون و40 في المئة من الموقوفين لدى الأجهزة الأمنية المختلفة هم من السوريين، فضلاً عن الأعباء الاقتصادية التي يعتبر اللبنانيون أنهم يواجهونها نتيجة الأعداد الكبيرة لهم، إضافة إلى مشكلة التحول الديموغرافي الذي برز أخيراً مع تزايد الولادات لدى تلك الشريحة الوافدة.

البستاني: “الدليفري” السوري يعلم كل تحركاتنا

ونشر عضو تكتل “لبنان القوي” النائب فريد البستاني وثيقة خطيرة تظهر أن عدد هؤلاء اللاجئين بلغ مليونين ومئة وثلاثة عشر ألفاً وسبعمئة وستين نازحاً، أي ما يقارب نصف عدد اللبنانيين، متوجهاً الى المعنيين بقوله: “من يريد التحدث بالأرقام فليكشف لي عما تقوم به الدولة اللبنانية التي حتّى تاريخ اليوم لم يجتمع فيها مجلس الوزراء لأخذ قرار رسمي بالاجماع لمفاوضات مع سوريا”. وأعرب عن امتنانه الدائم للمؤسسة العسكرية التي لطالما وضعت الأمور الأمنية في نصاب الأمان.

وقال البستاني لـ “لبنان الكبير”: “ان دليفري الأشرفية جميعهم من الجنسية السورية يملكون معلومات عن أسماء المواطنين وأماكن سكنهم وعناوين بيوتهم ما يشكل ظاهرة غزو سوري أمني على المنطقة”. وحذر من أن “هذا الاستهتار قد يدفعهم الى دخول منازل الناس من دون إنذار وارتكابهم جرائم عشوائية نسبة الى معرفتهم المسبقة بلوائح الـ data base وصلابة العلاقة التي استطاعوا أن يكوّنوها بينهم وبين سكان المنطقة نفسها”. وفي ضوء ذلك، أشار البستاني الى أنهم اتخذوا قراراً بمنع “الدليفري” السوري من العمل في أرجاء المنطقة، وأعطوا اللبناني أفضلية الاستلام ضمن هذه المهنة الشريفة، داعياً الجميع الى اتّباع هذه المبادرة والسير بها قدماً .

وعن مداهمات الجيش للسوريين، أكد البستاني أن “ثقتي بالجيش كبيرة والمعابر غير الشرعية معروف عددها، والتغلغل لا يقتصر على الخيم السورية التي تحوي أسلحة وكبتاغون وحسب، بل على مصدر دخول السوريين المشروع عبر المعابر محمّلين بالكبتاغون والسلاح وعلى عينك يا تاجر”.

منصور: الأزمة نتيجة الأعداد المنتشرة عشوائياً

أما الصحافية عالية منصور فقالت لـ “لبنان الكبير” ردّاً على سؤال عن أن الدولة السورية تعمل مع لبنان لوضع النقاط على الحروف: “سنوات وهم يضعون النقاط ألم ينتهِ حبرهم بعد؟”. وأشارت الى أن الأرقام التي صدرت عن البستاني ليست جديدة وسببها الحكومة اللبنانية التي رفضت إقامة مخيمات على الحدود، تاركة خلفها أعداداً منتشرة بطريقة عشوائية نتيجتها الأزمة اليوم، وبعيداً عن دقة الأرقام التي تصدر عن الاعلام فلا قرار رسمياً واحداً يثبت مدى صحّتها.

واعتبرت منصور أن “السوريين لا يدخلون خلسة فكيف لهم بمعرفة الأرقام التي تدخل وتخرج وتغيب عنهم القدرة على ضبط المعابر نفسها؟”، كاشفة أن أحد أفراد عائلتها يحتاج الى طلب إذن دخول من الأمن العام وانتظار الموافقة على الاذن. ولفتت الى أن ما قبل الـ 2015 واستراتيجية الهوية ليست كما بعده، مستندة الى حادثة أحد أقاربها المسنّة التي لا تزال حتى اليوم تنتظر العودة الى بلدها ولكنها لم تستطع بسبب عرقلة حصلت في “سيستم” الأمن العام، متسائلة: “يمكنكم معرفة أعداد السوريين ولا يمكنكم معرفة ما يحصل في سيستم أمن عام؟”.

“واحد بالألف منهم لديه حالة إنسانية فقط” بحسب منصور التي جزمت بأن الخلط بين اللاجئ السوري من 2012 المراد ترحيله اليوم ومن يريد الدخول خلسة ومن مناطق خاضعة لسيطرة النظام خاطئ، مشيرة الى أن التقرير الذي صدر قبل أيام عن تهريب النظام لسوريين بـ 300 دولار كان واضحاً. وعن الوضع القادم، رأت أن “مخطط الكبتاغون الذي استخدمه الأسد في الأردن فشل لكن التواطؤ الرسمي اللبناني كارثة مفاعيلها تعود على المواطنين”، مؤكدة أن “مستقبل السوري يكون في سوريا فقط”. وسألت الله تعالى أن يحمي لبنان من رمي بشار الأسد لـ”فتّيشة” في الملعب اللبناني والآتي أعظم. وأوضحت أن الكثيرين يدّعون أمان سوريا لكن الأمر خلاف ذلك تماماً والدليل “قانون قيصر”، مشددة على أن “الحل اللبناني يدعو الى طلب مساعدة دولية لضبط الانفلات الحاصل والذي يعتبر حزب الله جزءاً لا يتجزأ منه بإدخال مقاتليه وإخراجهم عبر الحدود”. ولفتت الى أن “الفرق بين كيماوي الغوطة ومجزرة المسجدين في طرابلس هو 48 ساعة فقط، لهذه الدرجة الأسد خطير ونظامه شيطاني”.

مصادر رئاسة الحكومة: ضبط الحدود ليس سهلاً

وأصرّت مصادر رئاسة الحكومة على أنها لا تزال تبذل أقصى جهدها في ما يخص الملف السوري، معتبرة أن “من غير المنطقي في ظل الامكانات اللبنانية المتوافرة والواقع الذي نعيشه القول إن مسألة ضبط الحدود سهلة الى هذه الغاية”.

وأكدت المصادر أن “الأردن بلد يملك كل الامكانات وعلى الرغم من ذلك فإن تصريح الملك عبد الله الثاني بن الحسين كان واضحاً في معاناته من اللاجئين السوريين، فماذا عن لبنان الذي يفتقد رئيساً للجمهورية ومؤسساته المعطّلة والتي لم يبقَ منها سوى المؤسسة العسكرية التي تعمل ضمن الامكانات المتوافرة أمامها؟ كما أن عمليات الضغط والحلول الجذرية ليست متوافرة في الوقت الراهن لكن هذا لا يمنع أننا نضبط المعابر بقدر المستطاع نسبة الى الآلاف الذين يوقفهم الجيش ويعيدهم الى بلادهم”، واصفة مسلسل يوميات القاء القبض على المتسللين من الأراضي السورية الى لبنان بـ”الكارثة”.

“نحتاج الى انتظام عمل المؤسسات العسكرية التي تتلقى مردوداً لا يساعدها في تأمين معيشتها ونسبة الى المشكلات التي تحصل في الداخل العسكري” هذا ما اعتبرته المصادر “عنصراً أساسياً يساعد في معالجة الوضع الراهن ودعم المؤسسة العسكرية بكل ما أوتينا من قوة”.

وعن زيارة وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب الى دمشق، قالت المصادر: “تفصيلياً لو كانت هناك رغبة في الاعلان عن النتائج لعلمنا بها ولكن لا شك في أن الخريطة والدراسات وضعت للوصول الى نتائج وعليها يبنى المقتضى. ففي النهاية أبدى الجانب السوري جهوزية للتعاون في هذا الملف ولنركّز دائماً على الجهة الحسنة من كل شيئ”.

ورأت أن “ما حصل هو من مصلحة اللبنانيين ونحن بانتظار نتائج وزيارة رسمية تنضج الأمور من خلالها”، مشيرة الى أن “العوامل التي تدفع بالسوري للذهاب الى لبنان تندرج تحت اعتقاده أن الاوضاع اللبنانية أكثر استقراراً، بالاضافة الى الذين يملكون أقرباء يأتون بداعي الزيارة وغيرهم ممن يعتبر أن لبنان محطة عبور للوصول الى الخارج”.

وشككت المصادر في أن “الدولة السورية هي من تدفع بالمواطنين السوريين الى الخروج من بلدهم نحو لبنان، بل يخرجون طوعاً نسبة الى الأسباب الاقتصادية”.

شارك المقال