العيْن الأمنية على المخيّمات الفلسطينية والحدود الجنوبية

إسراء ديب
إسراء ديب

لا يُخفي اللاجئون الفلسطينيون إلى لبنان فرحتهم واعتزازهم الشديديْن بعملية “طوفان الأقصى” المستمرّة منذ أيّام بلا توقف مع غياب هدنة عسكرية تُوفّر الراحة للفلسطينيين الذين أنهكتهم غارات العدو المتتالية التي لم ترحم برجاً أو أيّ مبنى سكنيّ في قطاع غزّة المحاصر. وفي وقت يُشدّد فيه الجيش الاسرائيلي ضرباته على القطاع الذي طُوّق بحزام من نار، يُؤكّد مسؤولون في بعض المخيّمات لـ “لبنان الكبير” أنّ عدداً من شبّان مخيّم عين الحلوة كانوا توجهوا إلى الحدود اللبنانية – الفلسطينية بعد اشتعال المعركة جدّياً واندلاع هذه الأحداث التي يتسمّر من أجلها الملايين محلّياً، وعربياً ودولياً أمام شاشات التلفزة، وسط دعوات مشدّدة انتشرت بين المخيمات المحلّية من الشمال إلى الجنوب، للمشاركة في مظاهرات عند الحدود قد تدفع الشبان فيما بعد إلى محاولة “التسلّل” رغبة في الدخول إلى الأراضي المحتلّة وخوض معركة ضدّ العدو.

إنّ الفلسطينيين الذين يحملون أرواحهم في كفّهم داخل بلادهم المحتلّة، كانوا قد حرّكوا مشاعر اللاجئين الذين يُخطّطون للتوجه إلى الحدود، ويقول أحد المسؤولين في مخيّم البداوي الشمالي: “نعجز عن تحمّل الاعتداء السافر الذي يرتكبه العدو بحقّ الأهالي حالياً، والمرابطين والمرابطات سابقاً، لذلك حاول بعض شبان مخيّم عين الحلوة الوصول إلى الحدود، الا أن الجيش منعهم، فهذه المسألة لا تُعدّ سهلة وبسيطة أبداً، لكن ندرك تماماً أنّ الحدود في حال فتحت، سنتوجّه جميعنا وفي مقدّمنا الفصائل الفلسطينية مباشرة إلى تلك البقعة لإعلان تأييدنا لبلادنا وقضيتها المحقّة”.

وإذْ يلفت المسؤول إلى أنّ الدعوات إلى التظاهر لنصرة الشعب الفلسطيني تتمّ عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يُشدّد على أنّ هذه الخطوة تحتاج إلى شروط عدّة أبرزها يرتبط بأهمّية “التنسيق مع حزب الله الذي يقوم بدوره بالتنسيق مع الجيش اللبناني كي يسمح للشباب بالوصول، وهذا ما أعاق وصول الشبان المنتفضين إلى الحدود، فإذا لم يتمّ الاتفاق والتنسيق على عدد الشبان وتأمين ضمانات لهم ثمّ الموافقة، لن يحصل هذا الأمر، بغضّ النّظر عن إمكان التوجّه والوصول بسيّارة مثلاً تحمل عدداً محدوداً لا يفي بالغرض، لكن حتّى هذه اللحظة لا موافقة على هذه الخطوة التي نستعدّ لها بكلّ طاقتنا”.

إلى ذلك، يعتبر المدير العام للهيئة 302 للدّفاع عن حقوق اللاجئين علي هويدي، أنّ “التوجه إلى الحدود بات حلم كلّ فلسطينيّ في لبنان ليشعر بانتمائه إلى هذا الحدث وليُسهم أيضاً في استهداف الكيان الصهيوني بعد 75 عاماً على اللجوء بحيث آن الأوان للوصول إلى حقّه في العودة إلى بلاده، ولهذا السبب يُمكن القول، إنّ الدعوة إلى فتح الحدود أو إلى التظاهر والتجمهر جنوباً كلّها دعوات محقّة ومشروعة للاجئين الفلسطينيين الذين يُعانون الأمرين مع حرمانهم من حقوقهم الانسانية، الاقتصادية، الاجتماعية والصحية وغيرها من الحقوق التي رفعت بحرمان اللاجئين منها نسبة الفقر والاضطّهاد بوضوح، وبالتالي إنّ طلب العودة يُعدّ مطلباً أساسياً في هذا المجال، كما نؤكّد أنّه مطلب سياسي أكثر من كونه إنسانيّ”.

ويُضيف لـ “لبنان الكبير”: “المطلوب اليوم تقدير الموقف الإنساني الذي يُلقي على عاتق المحلّيين تقدير هذه الظروف والسماح بحصول هذه التجمّعات أو عدم حصولها، لكنّها وقفة مشروعة مع حقوقنا التي نعمل على تحقيقها، وقد تنجح تلبية هذه الدعوات وقد تفشل، الا أنّنا نؤكّد أنّها دعوات شعبية وليست صادرة عن الفصائل حتّى اللحظة، وكلّها مرتبطة بحقّ العودة بصورة رئيسة والوقوف قطعاً إلى جانب شعبنا ودعمه ضدّ الاحتلال الذي آن الأوان ليتدخل المجتمع الدّولي لكفّ يده عن البلاد، عبر دعم المشاريع والمواثيق المرتبطة بنا لأنّنا كما قلنا قضيتنا سياسية محقّة بالدرجة الأولى…”.

ويُشير مصدر أمني إلى أنّ إثارة الفتنة في البلاد لا تقتصر على تطوّرات الوضع عند الحدود الجنوبية فقط، إذْ تعيش المخيمات حالاً من الغليان نظراً الى التطوّر السريع الذي تشهده بلادهم أمنياً، وانعكاس هذه الحرب الشاملة على لبنان والدّول الإقليمية. ويرى أن “وضع المخيّمات أمنياً يبقى مقلقاً لأسباب عدّة، لكنّ الجيش اللبناني أو الأجهزة سيبقيان على تنسيقهما القائم أساساً مع قيادات الفصائل لضبط الوضع عموماً بالتعاون معها”، موضحاً أنّ الكثير من المخيمات يُمكن التنسيق معها إلّا بعضها الذي يخرج عن السيطرة بسبب الفوضى الأمنية، لكن “الأجهزة الأمنية تُسيطر على هذه الأحداث كيّ لا تحصل أيّة دعسة ناقصة من أيّ جهة تُقحم البلاد في مواجهات قاسية”.

شارك المقال