جدل بين الحكومة والمفوضية… “داتا” اللاجئين رهن المفاوضات التقنية

ساريا الجراح

تتسارع وتيرة المواقف اللبنانية من مسألة تنظيم اللاجئين السوريين في لبنان وتأمين العودة الآمنة لهم، في حين أثارت الجدل مسألة “الداتا” التي حددها الأمن العام والحكومة بمهلة لمفوضية شؤون اللاجئين، اذ باشر الأمن العام تسجيل أسماء اللاجئين الراغبين في العودة، بناء على توجيهات المدير العام بالانابة العميد إلياس البيسري. وكانت هذه الاجراءات قد توقفت لأسباب لوجيستية في وقت سابق، فيما يتسبب الوضع الراهن بين اسرائيل و”حماس” بمخاوف من موجات نزوح ليست في الحسبان، طارحاً اشكالية عدم الانتهاء من الداتا السابقة لفتح أبواب التوقعات الجديدة. ولكن يبقى السؤال: ما هي الأرقام الحقيقية لأعداد اللاجئين في لبنان؟ وهل هناك تقاعس مقصود أو اهمال داخلي للمماطلة في مثل هذا الاجراء؟

“مسؤولية الدم الذي سقط في فلسطين تقع على عاتق حماس بقدر ما تتحملها إسرائيل” هكذا وصفت الصحافية عالية منصور لـ “لبنان الكبير” حقيقة ما يحصل في غزّة، مشيرة الى أن الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني ما هو الّا حسابات اقليمية بعيدة عن مبتغى الشعوب. وقالت: “ان التركيز الدائم لم يكن على فلسطين كدولة بل صوّب المتحدثون وعلى رأسهم حماس نحو الضفّة الغزّاوية فقط”، مستشهدة بما صرّح به الرئيس المصري الراحل حسني مبارك عن أن “حماس ستحوّل القضية وتختصرها بغزّة فقط”.

وفي سياق عودة اللاجئين، رأت أن “بشار الأسد لو أراد إعادة اللاجئين لما هجّرهم”، أي أن الضغط السياسي لن يؤثر سلباً عليه خلافاً للضغط العسكري الذي لم يحصل حتى الآن، موضحة أن التوقيت الذي حصلت فيه أحداث غزّة أتبعه الأسد في اليوم التالي بارسال قذيفة “هاون” تحمل كبتاغون الى الأردن.

ولفتت منصور الى الفشل الذي أثبتته الحكومة في ملف اللاجئين، قائلة: “وجعلي قلبي (نجيب) ميقاتي بتوسله حزب الله لعدم الانجرار الى حرب، يا للسيادة”. كما أن الدخول السوري الى لبنان “خلسة” توقّف في الوقت نفسه ببيان صدر عن قيادة الجيش يثبت توقّف عمليات الدخول الى لبنان خلال عشرة أيام. وأكدت أن المفاوضات التي تحصل في قطر لوقف اطلاق النار بين “حماس” واسرائيل “خبر غرّد به مهند الحاج علي ويشير الى أن مخيم عين الحلوة سيكون ملجأ للحماسيين المهجرين من غزة”، مستنكرة نوايا الفصائل الموالية لايران والتي تحاول تحضير الأرضية لعمل أكبر من قدرة لبنان والمنطقة على تحمّله. وطمأنت المهتمين الى أن “الحرب ليست الهدف بل استعمال الملف السوري وعين الحلوة، وصراع فلسطين هدفه جذري”.

“لماذا لا نسمع عن أن الحكومة الأردنية والمفوضية تواجهان خلافات حول داتا اللاجئين؟”، هذا ما تساءلت عنه منصور، معتبرة أن “المفوضية لو لم تجد تقصيراً أو ثغرات لسلّمت الداتا مسبقاً، أي أن الحكومة ليست مصدراً للثقة. لبنان دخل في حرب أكبر من حربه مع اسرائيل والتي نتج عنها مليون ونصف المليون لاجئ سوري بسبب الفريق الذي لم يستطع ضبطه لمرة واحدة”.

وأشارت مصادر مطلعة لـ “لبنان الكبير” الى أن “المفوضية منذ اللحظة التي تم الاتفاق فيها على تسليم الداتا التزمت بالفترة المطلوبة، وما يحصل هو المسار الطبيعي بين الطرفين، ويحق للدولة اللبنانية معرفة أعداد اللاجئين الموجودين على أراضيها باعتباره حقاً سيادياً لا يشوبه أي خلاف. أما عن مشاركة الداتا من المنظمة الدولية (المفوضية) والهيئة الحكومية (الحكومة اللبنانية) فتحكمها القوانين الدولية لحماية الداتا والحفاظ عليها، وبحسب التصريحات الرسمية تلتزم الحكومة اللبنانية بعدم مشاركة الداتا مع أي طرف ثالث بما فيه بلد المنشأ وذلك تبعاً للمبادئ الدولية لمشاركة الداتا وحماية خصوصيتها”.

وبحسب موقع المفوضية، هناك حالياً ٧٩٥ ألف لاجئ سوري مسجّل لدى المفوضية، والى جانبه الرقم التقديري الذي صدر عن الحكومة اللبنانية وهو حوالي مليون ونصف المليون، وهذا الرقم تخطيطي يُعمل به في خطة الاستجابة للأزمة (LCRP) ويتم من خلالها تحديد حجم المساعدات للاجئين السوريين في لبنان، فضلاً عن مساعدة قرابة مليوني لبناني وحوالي مئتي ألف لاجئ فلسطيني.

وعن امكان تقاعس المفوضية عن تسليم الداتا، قالها البيسري سابقاً: “هؤلاء أجانب، ما يعني أنهم بحاجة إلى إقامات للبقاء في لبنان، ونحنا منعرف شو منعمل”.

شارك المقال