حرب غزة ترفع أسهم شركات أسلحة أميركية

محمد شمس الدين

في فيلمه “سيد الحرب” يقول الممثل الشهير نيكولاس كايج: “هل تعلم من سيرث الأرض؟ تجار الأسلحة، لأن الجميع مشغولون جداً بقتل بعضهم البعض”.

الفيلم الشهير يقتبس قصته من تجار السلاح الأبرز في العالم في ذلك الوقت بينهم لبناني كان يلقب بـ “تاجر الموت”، وكما في الفيلم، عندما قال كايج للضابط الذي يحقق معه: “أكبر تاجر أسلحة في العالم هو رئيسك، رئيس الولايات المتحدة، الذي يشحن بضائع في يوم واحد أكثر مما أشحنه في عام”، كذلك الأمر في الواقع، فالولايات المتحدة هي أكبر مصدر للأسلحة في العالم، بحيث وصلت حصتها إلى 40٪ من مبيعات الأسلحة العالمية عام 2022، العام الذي ارتفعت فيه مبيعات الأسلحة الأميركية بنسبة 49%، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية في كانون الثاني الماضي، ويأتي ذلك على إثر الحرب بين روسيا وأوكرانيا، التي تزودها أميركا بأسلحة للدفاع أمام الغزو الروسي، والتي أثبتت فاعلية أمام الآلة الحربية الروسية الضخمة.

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية في بداية العام أن المبيعات العسكرية المباشرة للشركات الأميركية ارتفعت بنسبة 48.6% إلى 153.7 مليار دولار في السنة المالية 2022 من 103 مليارات دولار في السنة المالية 2021، في حين ارتفعت المبيعات التي تم ترتيبها من خلال الحكومة الأميركية بنسبة 49.1% إلى 51.9 مليار دولار في العام 2022 من 34.8 مليار دولار في العام السابق.

وتقع أكبر 5 شركات تصنيع أسلحة عالمية في الولايات المتحدة، وهي: لوكهيد مارتن، RTX (رايثيون سابقاً)، نورثروب جرومان، بوينغ وجنرال دايناميكس، وقد دأبت الشركات الخمس منذ فترة طويلة على بيع أسلحة لاسرائيل تُستخدم ضد الفلسطينيين، وقد ارتفعت أسهمها مع بداية الحرب على غزة.

يعد الجيش الاسرائيلي من أكثر الجيوش تقدماً في العالم، وهو ممول بصورة شبه حصرية، من مليارات الدولارات لدافعي الضرائب الأميركية، فقد أنفقت الولايات المتحدة أكثر من 130 مليار دولار على تزويد إسرائيل بالأسلحة منذ تأسيسها عام 1948.

تمتلك اسرائيل 30 طائرة f35، تصنعها لوكهيد مارتين، و196 طائرة f16، تصنعها شركة جنرال دايناميكس، و83 طائرة f15 و43 مروحية أباتشي تصنعها بوينغ، بالاضافة إلى ذلك فإن غالبية القنابل الاسرائيلية التي يستخدمها الجيش هي MK80، تليها قنابل JDAM التي تصنعها بوينغ. ووفقاً لمقال نشرته مجلة “تايم” في 3 تشرين الثاني، فإن الشركة تعمل على تسريع تسليم ما يصل إلى 1800 صاروخ JDAM إلى اسرائيل، وتقوم الشركات الثلاث بتصنيع نظام الباترويت الأساس للدفاع الجوي الاسرائيلي أو ما يعرف بـ “القبة الحديدية”.

وفيما تصنع بوينغ قنابل الـ GBU ولوكهيد مارتين صواريخ الـ hellfire، تعتبر شركة RTX من أكبر مزودي اسرائيل بالصواريخ، اذ تصنع لها مجموعة متنوعة منها أبرزها: TOW، AGM-65 Maverick، Sidewinder وAIM-120 AMRAAM.

أما نورثروب جرومان، فتزود الجيش الاسرائيلي بمجموعة واسعة من الأسلحة، بما في ذلك أنظمة الصواريخ المختلفة. كما تم دمج تقنيات الشركة في أنظمة الأسلحة الرئيسة في إسرائيل، بما في ذلك الطائرات المقاتلة وسفن الصواريخ وطائرات التدريب، وغالباً ما تقدم هذه الأسلحة إلى إسرائيل من خلال حكومة الولايات المتحدة.

وحصلت هذه الشركات الخمس على إيرادات مذهلة مرتبطة بالجيش بقيمة 196 مليار دولار في العام 2022. ويحصل رؤساؤها التنفيذيون الخمسة على مبالغ ضخمة من التعويضات، فمن العام 2020 إلى العام 2022، حصلوا معاً على حوالي 318 مليون دولار من إجمالي التعويضات والرواتب ومكافآت الأسهم وأشكال الدفع الأخرى. علاوة على ذلك، يمتلك الرؤساء التنفيذيون كميات هائلة من أسهم الشركات، ما يعني أنهم يربحون بصورة كبيرة عندما ترتفع أسعار الأسهم، وهؤلاء شخصيات قوية، ولهم علاقات مؤثرة في عالم السياسة.

على الرغم من أن الحروب التقليدية لم تعد مربحة كما في السابق، بحيث أصبحت غالبيتها اقتصادية وتكنولوجية، إلا هناك حاجة إلى الأسلحة التقليدية في بعض بقع العالم، وتحقق شركات الأسلحة أرباحاً طائلة من هذه الحروب، بل وتحاول التأثير في الحكومات من أجل خوضها كي تستطيع أن تحقق أرباحاً على حساب دماء ضحايا الحروب. وكما قال نيكولاس كايج في فيلمه: “هناك أكثر من 550 مليون سلاح ناري متداول في جميع أنحاء العالم. هذا سلاح ناري واحد لكل اثني عشر شخصاً على هذا الكوكب. والسؤال الوحيد هو: كيف يمكننا تسليح الـ 11 الآخرين؟”، بما معناه أن شركات الأسلحة ستحاول دوماً إيجاد أسواق لتحقق أرباحاً منها، وهي لا تهتم بحقوق الانسان ولا تملك الضمير الذي قد يؤرقها بسبب قتل آلاف الأشخاص.

شارك المقال