لبنان في ذكرى إستقلاله الثمانين: دولة منزوعة القرار

عبدالرحمن قنديل

لبنان هذا البلد الصغير الذي لطالما تغنى شعبه بعيد إستقلاله على مر التاريخ على الرغم مما مر به من صراعات وإنقسامات وحرب أهلية دمرته على مدى 15 سنة، وأزمة إقتصادية لا يزال اللبنانيون يعانون من تبعاتها حتى اليوم وصولاً إلى فراغ كرسي الرئاسة الأولى الذي بات ظاهرة إعتادوا أن يكون رهينة الخلافات السياسية الداخلية بين الأطراف المتناحرة أو رهناً بكلمة سر خارجية، لم يعرف منذ الاستقلال حتى أيامنا هذه، معنى الاستقرار بصورته الفعلية بسبب الانقسامات التي لطالما ساهمت في تعطيل إستحقاقات رئاسية أو حكومية أو أمنية تبعاً لمصالح القوى السياسية الضيقة بما فيها مصالح “التيار الوطني الحر” الراعي الرسمي للتعطيل منذ أن كان رئيسه ميشال عون قائداً للجيش أواخر الثمانينيات.

حصل لبنان على استقلاله في الثاني والعشرين من شهر تشرين الثاني من العام 1943، بعد نضالات رجالات الاستقلال ومقاومتهم للانتداب الفرنسي لكي يكون للبنان الحق في تقرير مصيره ويكون وطناً حراً سيداً ومستقلاً بعيداً عن التدخلات الخارجية ولعبة الأمم، ولكن الانقسامات السياسية لم تدع ذلك يدوم طويلاً.

80 سنة على هذا الإستقلال، ولبنان مهدد بفراغ أخطر قد يشمل المؤسسات الأمنية بعدما طال منصب حاكمية مصرف لبنان، بحيث بات الخطر يحوم حول قيادة الجيش وهذا ما استدعى إستنفاراً سياسياً لتطويقه مع من يسعى إلى منع التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون.

أشار عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب نزيه متّى في حديث لـ”لبنان الكبير” إلى أن “لبنان يعيش أزمة كبيرة جداً في تاريخ لبنان وهي إستكمال لأزمة يعيشها منذ فترة طويلة وتحديداً من العام 2008 أي وقت إتفاق الدوحة”.

وقال: “قبل هذا العام كان لبنان يعيش ضمن وصاية النظام السوري على كل مؤسسات الدولة إن كانت العسكرية أو الرئاسية أو مجلس النواب أو مجلس الوزراء، ولكن بالنسبة الى اللبنانيين كان يعتبر أن الفريق الوصي على البلد هو ليس إبن البلد، أي كان هناك أمل في ذلك الوقت أن يكون اللبنانيون موحدين لاقتلاعه وهذا ما حدث في العام 2005. وبعد هذا العام أتت وصاية أخطر وهي وصاية أولاد البلد الذي كانوا ذراع إيران في المنطقة أي حزب الله ومن ورائه خط الممانعة وهذا ما شكل خطورة على كيان البلد وتكوينه وجعل الشرخ داخليّاً وأصبح من الصعب جعله قضية وطنية”.

واعتبر متى أن “لبنان في أخطر أزمة يعيشها لأن هناك إنقساماً عمودياً بين مشروعين، مشروع بناء الدولة ومشروع أن نكون أداة لدولة أخرى، بالاضافة إلى أن هناك فريقاً متفرجاً يعمل لمصلحته الخاصة، وهذا ما يمكن أن يوصل إلى شرخ كبير داخل البلد”.

وأوضح أن “هناك خطة ممنهجة لتدمير مؤسسات الدولة إنطلاقاً من الفراغ على مستوى رئاسة الجمهورية وتصريف أعمال على مستوى مجلس الوزراء وتقاعصس المجلس النيابي عن القيام بدوره في وقت رئيس مجلس النواب الذي يفترض أن يكون مشرفاً على النواب يتحكم بالمجلس النيابي وفقاً لمزاجيته من خلال فتح المجلس أو عدم فتحه وفقاً لأجندة الممانعة السياسية، مروراً بالفراغ في حاكمية مصرف لبنان والمديرية العامة للأمن العام وهذا ما يشكل خطراً على البلد”.

أما بالنسبة الى التمديد لقائد الجيش، فأكد متى أن “لبنان لو كان في وضع طبيعي فنحن لسنا مع التمديد ولا مع تأجيل التسريح بل مع تداول السلطة ضمن مجراه الطبيعي، ولكن لأن لبنان في وضع إستثنائي خصوصاً أن قائد الجيش يشكل الضمانة في ظل الظرف الذي نعيشه لأسباب عدة أبرزها الحرب الموجودة على الجبهة الجنوبية بالاضافة إلى الفلتان الذي نشهده على الحدود الشرقية وغياب المرفأ عن الخدمة ووضع المطار وأزمة اللاجئين السوريين والوضع الفلسطيني الذي نشهده، يجب أن يبقى الأمن ممسوكاً بالحد الأدنى، لذلك نحن حريصون على آخر معقل من مؤسسات الدولة أن يبقى قوياً ومتماسكاً”.

أما النائب بلال الحشيمي فرأى أن “الوضع الذي وصل لبنان إليه هو بسبب المناكفات السياسية والشخصنة في التعاطي بالإضافة إلى السمسرات التي تتحكم بمصالح القوى السياسية، وهذه العوامل أدت إلى الشغور الذي وصلنا إليه في مؤسسات الدولة الأساسية وبالأخص موقع رئاسة الجمهورية”.

ولفت الحشيمي إلى أن “هناك أيضاً قيادة الجيش والأزمة الحاصلة حولها من خلال طريقة التعاطي الذي ينتهجها التيار الوطني الحر في هذا الملف من ناحية عدم قبول النائب جبران باسيل بالتمديد لقائد الجيش من خلال قوله بأنه ممنوع على الحكومة أن تعين وكأنه أصبح هو من يريد أن يعين قائداً للجيش”.

واعتبر أن “استقلالنا أفقد معناه الحقيقي من خلال وجود الطائفية والمحاصصة في الدولة، وما يحدث في الجنوب في الوقت الحاضر أكد أن ليس هناك قرار للدولة للتكلم عما يحصل فيه، وهذا ما أكده الرئيس نجيب ميقاتي حينما نأى بنفسه عنما يحدث وقوله بأن قرار الحرب والسلم ليس بيد الدولة، ما يشير الى أن قرار الدولة ليس قراراً داخلياً إنما قرارها يأتي من إيران، لذلك الاستقلال في الوقت الحاضر بعيد عن لبنان”.

وشدد على أن “إنتظام عمل المؤسسات أصبح ضرورة لإعادة كيان هذا البلد الى طبيعته بالحد الأدنى مع وجود الأزمة الاقتصادية والمالية والمعيشية والانهيار الذي نشهده في القطاع العام وغيره، لذلك المطلوب إنتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن لأن لا أحد لدينا للأسف يتكلم بإسم لبنان”.

وأكد أن “المؤسسة الوحيدة الصامدة والموجودة هي مؤسسة الجيش اللبناني والمناكفات الحاصلة في خصوصها غير مقبولة لأن أكثر ما يهم الناس هو الأمن والأمان والإستقرار، وهذا ما بتنا نفتقده في لبنان من خلال المناكفات الحاصلة حول التمديد لقائد الجيش أو التعيين ودخول الجميع في هذا السجال، ما يؤكد غياب الدولة، لذلك المطلوب هو إعادة هيكلة الدولة وإنتظام العمل فيها”.

شارك المقال