خيبة فرنسية جديدة في الزواريب اللبنانية

رواند بو ضرغم

لا يتوانى الفرنسي عن الانغماس في الزواريب اللبنانية، وفي كل مرة يخرج بشهادة فشل ذريع، يعود بها الى العاصمة الفرنسية باريس، ليضعها على صدر الرئيس ايمانويل ماكرون بعد إخفاقه في تفكيك العقد عند تشكيل حكومة العهد الأخيرة للرئيس السابق ميشال عون، ثم تفكيك لغز تفجير مرفأ بيروت وتصويب التحقيقات وتزويد الدولة اللبنانية بصور الأقمار الاصطناعية، وأخيراً المبادرات الفرنسية وتغيير مبعوثيها بهدف وضع حد للفراغ الرئاسي وتجنيب المؤسسة العسكرية كأس الشغور والمخاطرة بالجيش.

وفقاً لما توقعت الأوساط السياسية، جاءت نتائج جولة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان “صفرية”، ومجرد استعراض ينعكس سلباً على الملف الذي حمله “التمديد لقائد الجيش جوزيف عون”، بحيث لم يحصد أي إيجابية مقرِّرة، والمقاربة التي طرحها بربط قيادة الجيش والأمن القومي الفرنسي “من خلال إغلاق المنافذ البحرية في وجه النازحين السوريين والحد من هجرتهم غير الشرعية باتجاه أوروبا”، مقاربة رآها مصدر سياسي قيادي تنعكس سلباً على قيادة الجيش وفكرة التمديد نفسها.

تركيز لودريان صبّ على فكرة التمديد لقائد الجيش أكثر مما كان على رئاسة الجمهورية، ما أوحى لمن التقاهم بأن الملف الرئاسي مؤجل بحيث اقتصر كلامه على التمنيات بإنجاز الاستحقاق في أسرع وقت ممكن، لما ينتظر المنطقة من استحقاقات مهمة يحتّم أن يكون رأس الدولة اللبنانية حاضراً فيها وفي صلب نقاشاتها، وشدد لودريان على التوافق على مرشح ثالث يُفترض أن يكون من خارج الأسماء المتداولة.

الموقف الفرنسي من قيادة الجيش لا يعني بالضرورة أنه موقف “الخماسية” وخصوصاً أن القطري يفضل التعيين على التمديد وفق مصادر التقت الموفد الرئاسي “أبو فهد” الذي لم يأتِ على سيرة التمديد للعماد جوزيف عون. أما الأميركي فيركّز على ضرورة حفظ استقرار المؤسسة العسكرية وضمان عدم الفراغ فيها، من غير الدخول في الآلية والمخارج القانونية.

ما فعله لودريان، وفق مصادر سياسية رفيعة، عقّد الأجواء الداخلية ولم يخدم المؤسسة العسكرية، ويبقى التعويل على وعود رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ببتّ ملف قيادة الجيش ضمن المهلة التي أعطاها رئيس مجلس النواب نبيه بري على طاولة مجلس الوزراء، الذي ينطلق من أولوية تأخير تسريح العماد عون بالتوازي مع تعيين رئيس الأركان والمجلس العسكري، وإذا لم ينجح فيبقى طرح تعيين رئيس الأركان هو الأكثر تقدماً. أما الجلسة التشريعية التي سيحددها الرئيس بري في منتصف الشهر الجاري فتبقى الملاذ الأخير للأطراف السياسية لانتشال المؤسسة العسكرية من براثن الفراغ.

وفي حين تتقدم المؤسسة العسكرية باتجاه الحل، تبقى رئاسة الجمهورية معلقة على أشهر الفراغ الى حين انقشاع رؤية مستقبل المنطقة بعد حرب غزة. أما الحديث عن تعديلات على القرار رقم 1701 فتحسم مصادر قيادية أنه كلام “ليس عليه جمرك”، لم يتحدث بها لودريان ولكنها مجرد “دزّات” أميركية حرّكت بعض الأطراف الداخلية، لن يكون لها أي مفاعيل أو أي استجابة.

شارك المقال