نار انهيار هدنة غزة تلفح لبنان… البطريرك يتحسر على “أرزة بلا راس”

لبنان الكبير / مانشيت

انتهت الهدنة ورفض الاسرائيلي تمديدها، وعادت أمطار النار تتساقط على قطاع غزة من جديد، واشتعلت معها الجبهة الجنوبية، بإصرار من اسرائيل التي استهدف جيشها منزلاً في حولا تسبب باستشهاد أم وابنها، بينما يؤكد وسطاء الهدنة، تحديداً قطر، استكمال المفاوضات للعودة إليها.

وليست الحدود الجنوبية وحدها مشتعلة، اذ تلتهب الجبهة الداخلية بملف قيادة الجيش، على وقع مغادرة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان خالي الوفاض، إن كان في الرئاسة أو في التمديد لقائد الجيش، وسط رفض برتقالي قاطع وعدم قبول “مونة” البطريرك الماروني.

وكان وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم زار بكركي حيث التقى البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي بادر ضيفه بالقول: “المنطقة تغلي ونحن بلا رأس وفي الديمان لدينا أرزة كبيرة أصابتها صاعقة فانكسر رأسها ويحاول كل غصن فيها أن يكون هو الرأس وهكذا نحن في لبنان فكيف نحمي وطننا؟”.

وفي تصريح سليم بعد اللقاء كان واضحاً الخلاف حول تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزيف عون، بحيث أسهب في تلاوة بيان أعده سلفاً تضمن ما أسماه “الموانع” القانونية التي لا تسمح له بطلب تأجيل تسريح أحد الضباط إلا لأسباب لا تتوافر في وضع قائد الجيش على حد قوله. لكنه اعتبر أن اقتراح القانون المتعلق بتأجيل تسريح قائد الجيش في حال مرّ في مجلس النواب “ليس علي سوى الرضوخ”.

وأفادت معلومات “لبنان الكبير” أن رئيس مجلس النواب نبيه بري في صدد الدعوة الى عقد جلسة تشريعية قريباً، إلا أنه لن يحصرها بملف قيادة الجيش والتمديد، بل سينتزع بها اعترافاً من معارضي الجلسات التشريعية.

إلى ذلك، علم “لبنان الكبير” أن النقاشات تجري على قدم وساق بشأن دمج اقتراح كتلتي “الجمهورية القوية” و”الاعتدال الوطني”، كي يشمل مشروع القانون كل المواقع الأمنية، لاسيما قيادة قوى الأمن الداخلي.

في الميدان الجنوبي، عاد القصف المتبادل من جديد، ودوى صوت انفجارات في أجواء سهل مرجعيون قبالة مستعمرة المطلة، تبين لاحقاً أنها صواريخ اعتراضية. وأعلن الجيش الاسرائيلي أن “المنظومة الدفاعية اعترضت جسماً طائراً مشبوهاً اخترق الحدود من جهة لبنان”. وعاد تحليق الطيران الحربي فوق الجنوب والأراضي اللبنانية، وأدى القصف الاسرائيلي على منزل في حولا إلى مقتل ناصيفة مزرعاني وابنها محمد، وسجلت إصابات إثر قصف في منطقة الجيبين. ونعى “حزب الله” أحد عناصره، بينما أعلن استهداف تجمعات الجيش الاسرائيلي في موقعي المرج وراميا.

وفيما تتوزع القذائف على مناطق حدودية عدة وتسجل رشقات صاروخية باتجاه المواقع الاسرائيلية، عقد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إجتماعاً مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على هامش مشاركته في مؤتمر “كوب 28” في الامارات، وتم البحث في العدوان الاسرائيلي على غزة والوضع في لبنان. كما تطرق البحث الى أهمية الالتزام بتنفيذ القرار 1701 ومندرجاته ووقف العدوان الاسرائيلي على جنوب لبنان واستخدام الفوسفور الحارق وما نتج عنه من خسائر وأضرار. واجتمع رئيس الحكومة مع وزير خارجية بريطانيا ديفيد كاميرون وتناول البحث العلاقات اللبنانية – البريطانية والوضع في المنطقة.

وأشارت مصادر قيادية قريبة من الثنائي الشيعي لموقع “لبنان الكبير” إلى أن الحديث عن تعديلات على القرار 1701 هو كلام “ليس عليه جمرك”، لافتة الى أن لودريان لم يتحدث بها ولكنها مجرد “دزّات” أميركية حرّكت بعض الأطراف الداخلية، لن تكون لها أي مفاعيل أو أي استجابة.

ولم يكن ميقاتي وحده يناقش الشؤون السياسية في “كوب 28″، فقد أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنه اجتمع مع مسؤولين من دول عربية وركزت المحادثات على الوضع الحالي في غزة وكيفية إحلال “سلام دائم وآمن”. وأفاد مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية بأن بلينكن اجتمع مع وزراء خارجية قطر والامارات ومصر والأردن والبحرين بالاضافة إلى ممثلين للسلطة الفلسطينية على هامش مؤتمر المناخ في دبي.

في ظل هذه التطورات، لا يبدو أن ملف قيادة الجيش قد يحل قريباً، على الرغم من المساعي الحثيثة للخارج والداخل، بحيث لم يمن البطريرك الراعي على الوزير سليم للسير بالتمديد لقيادة الجيش، وتحجج الأخير بقانون الدفاع، وعدم انطباق الحالات الخاصة على الاستحقاق الحالي، إلا أن البطريرك تيقن أن مرجعية سليم ليست بكركي، بل ميرنا الشالوحي، وآياته ليست من الكتاب المقدس، بل من ملاحظات الصهر المدلل، الحاكم بأمره، وطالما هو يرفض لن يقبل سليم بالتمديد ولو كان وحياً من السماء. وعن الحجج القانونية ربما على وزير الدفاع تذكر “جريصاتي” الدستور والقوانين، الذي جعل منها مطية للرغبات الباسيلية.

الميدان الغزاوي شهد نهاية الهدنة، وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن مقتل 178 وإصابة 589، منذ تجدد القصف، فيما ردت الفصائل الفلسطينية برشقات صاروخية استهدفت المستوطنات الاسرائيلية، ودوت صفارات الانذار في تل أبيب التي أعلنت إثرها “كتائب القسام” استهدافها بوابل من الصواريخ.

ونددت الأمم المتحدة باستئناف العمليات العسكرية في غزة، ووصفت الأعمال القتالية هناك بأنها “أمر كارثي”. وحثت الأطراف على ضمان الالتزام بوقف إطلاق النار.

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الانسان فولكر تورك: “ان استئناف الأعمال القتالية في غزة أمر كارثي. وأحث جميع الأطراف والدول التي لها تأثير على مضاعفة الجهود، على الفور، لضمان وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية وحقوق الانسان”.

وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في منشور على منصة “إكس” عن أسفه لاستئناف القتال وعن أمله في التوصل إلى هدنة جديدة. وكتب: “يؤسفني بشدة أن العمليات العسكرية بدأت مرة أخرى في غزة… العودة إلى الأعمال القتالية تظهر مدى أهمية التوصل إلى وقف حقيقي لاطلاق النار لأسباب إنسانية”.

وفي مناشدة لوقف دائم لاطلاق النار، وصفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) التقاعس عن التحرك بشأن غزة بأنه “موافقة على قتل الأطفال”. وقال جيمس إلدر المتحدث باسم “يونيسف” للصحافيين عبر رابط فيديو من غزة: “يجب تنفيذ وقف دائم لإطلاق النار”، مضيفاً: “التقاعس عن التحرك هو في جوهره موافقة على قتل الأطفال… من العبث الاعتقاد بأن زيادة الهجمات على سكان غزة ستؤدي إلى أي شيء آخر غير المذبحة”.

شارك المقال