“الخماسية”: آمال وتوقعات!

صلاح تقي الدين

يبدو أن محركات اللجنة الخماسية المعنية بإيجاد حل للمعضلة الرئاسية في لبنان، عادت لتدور بسرعة كما بدا ظاهراً من خلال تحرك سفير خادم الحرمين الشريفين في لبنان الدكتور وليد بخاري، والجولات المكثفة التي يقوم بها الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان باسم اللجنة الخماسية والذي من المنتظر أن يصل إلى بيروت في غضون الأسبوعين المقبلين.

واستناداً الى مصادر معنية، فإن اللجنة الخماسية من المفترض أن تجتمع على مستوى وزراء الخارجية في إحدى عواصم الدول التي تشكلها لكي تضع جدولاً نهائياً بمواصفات الرئيس وإعادة تشكيل السلطة في لبنان من خلال وضع المعايير التي ستتشكّل بموجبها الحكومة الأولى في العهد الجديد، كما يتم البحث في موعد انعقاد الاجتماع الخماسي الخاص بلبنان ومكان انعقاده.

ولم تخرج التحركات الديبلوماسية التي تشهدها الساحة اللبنانية عن هذا الاطار، بحيث سجّل تحرّك قام به السفير القطري في بيروت سعود بن عبد الرحمن آل ثاني باتجاه رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل أيام، كما أن بخاري عقد سلسلة لقاءات بينها لقاء مع السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو وآخر مع السفير المصري علاء موسى للبحث في توحيد جهود اللجنة الخماسية وسط معلومات تتحدث عن إمكان عقد اجتماع للسفراء الخمسة في بيروت.

وتشير معلومات المصادر إلى أن لودريان سيعود إلى لبنان هذه المرة مزوداً بتوجيهات حاسمة حول البحث عن مرشح ثالث وليس للبحث في الاسم أو الاسمين اللذين يتقدمان في السباق الرئاسي “إعلامياً” وهما رئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزيف عون، بل سيكون متسلحاً بقرار اللجنة الخماسية التي لن تتردّد في اتخاذ “إجراءات” جدية بحق معرقلي التوصل إلى اتفاق يحمل رئيساً للجمهورية إلى قصر بعبدا.

وعلى الرغم من أن بعض القوى السياسية المحلية تشكّك في احتمال أن تنجح جهود اللجنة الخماسية في الوصول إلى الغاية المنشودة وهي انتخاب رئيس للجمهورية قبل أن تتضح الصورة النهائية للحرب على غزة، إلا أن الزيارات المتتالية للموفدين الغربيين وللوسيط الأميركي آموس هوكشتاين والساعين إلى منع انتقال الحرب على غزة إلى جنوب لبنان، تطغى على أجواء التشاؤم الذي تعبّر عنه هذه المصادر.

ولا يمكن فصل الحراك السياسي الداخلي عن الاندفاعة التي يروّج لها للجنة الخماسية، فرئيس كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط، وبمواكبة من والده الرئيس السابق للحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، كسرا الجمود الذي كان مسيطراً على الساحة السياسية منذ فترة ما قبل الأعياد، وتوّج بعشاء أقامه جنبلاط الأب على شرف فرنجية، وزيارة لافتة في التوقيت والمضمون قام بها جنبلاط الابن إلى دارة خلدة حيث اجتمع مع وفد من “اللقاء الديموقراطي” والحزب “الاشتراكي” برئيس الحزب “الديموقراطي اللبناني” النائب السابق طلال أرسلان.

وبعيداً عن نتائج هذه اللقاءات وتأثيرها على المسار الانتخابي الرئاسي، إلا أن جنبلاط الأب المعروف عنه اتصالاته وعلاقاته الدولية قد يكون التقط إشارات معينة حول الحراك المستجد للجنة الخماسية، فأراد أن يواكبه من خلال توسيع مروحة الاتصالات الداخلية وهو القادر على التواصل مع جميع القوى من دون الخروج عن ثوابته وهذا ما عبّر عنه مراراً.

ولهذه الأسباب، تعتقد مصادر مقربة من الحزب “التقدمي الاشتراكي” أن الحراك السياسي الداخلي اليوم وإن لم تكن نتائجه قريبة إلا أنه حين تأتي اللحظة الاقليمية المناسبة للتسوية، يجب أن يكون الداخل اللبناني قادراً على مواكبتها من خلال نسج خيوط التفاهمات السياسية التي تشكل ضرورة لتمرير الانتخابات الرئاسية.

وبالعودة إلى أجواء “الخماسية”، تشدد المصادر المعنية على أن التوافق والانسجام التامين يجمعان دول هذه اللجنة، وكل ما تثيره الزوابع الاعلامية حول انقسامات أو تحالفات موضعية هي بمثابة “هلوسات” لا يجب الركون إليها، فمواقف الدول الأعضاء واحدة والتنسيق بينها متواصل ومستمر وسيعبّر عنها لودريان حين يصل إلى بيروت.

وتشير المصادر إلى أن الاجتماع المرتقب لأعضاء اللجنة سينعقد في الأسابيع القليلة المقبلة وسيكون الهدف الرئيس له مساندة لبنان ومساعدته على الخروج من أزماته العالقة، وبداية ذلك يكون بانتخاب رئيس للجمهورية.

وبين التفاؤل “الخماسي” والتشاؤل “الداخلي”، قد يكون التحوّل الكبير في خطاب الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله الذي استخدم مصطلح “المصلحة الوطنية اللبنانية” مؤشراً إضافياً على أن الحل “الرئاسي” قد يكون وضع على نار حامية، وأوان استواء “الطبخة” قد لا يكون بعيداً جداً.

شارك المقال