“لأ ما بتفل”… هكذا استقبل الحريريون رئيسهم

فاطمة البسام

منذ ساعات الصباح الأولى، بدأت الحشود تتجمع في ساحة الشهداء، في الذكرى الـ19 لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. طغى اللونان الأسود والأزرق على المشهد العام كالعادة، صغار وكبار، بعضهم وضع شالات تيار “المستقبل”، والبعض الآخر حمل صور الشهيد أو الشيخ سعد، أو أيّ شيء يعبّر عن حبه وولائه لمدرسة الحريري.

“لأ ما بتفل”، جملة كررها الحاضرون رفضاً لمغادرة الرئيس سعد الحريري البلد، موجهين اليه الدعوات بالعودة إلى العمل السياسي فمن دونه “ضاعت البوصلة” على حد تعبير الشارع السني.

لم يمر الكثير من الوقت حتى بدأت الشعارات والهتافات ترتفع من كلّ الاتجاهات، فعشرات الآلاف من المشاركين توزعوا على أدراج مسجد محمد الأمين، ومحيط الضريح.

وبدا لافتاً التنظيم الذي اعتمدته الفعاليات والهيئات المنظمة هذا العام، تفادياً لأي تدافع قد يحصل وحفاظاً على الأمن، خصوصاً أن الجو العام كان يوحي قبل أسابيع بأن أعداد المشاركين ستكون بالآلاف، وأضعاف الأضعاف عن العام السابق، لأن الدافع يطغى عليه البعد العاطفي أكثر من كونه سياسياً، فالكثيرون عبّروا عن اشتياقهم الى الشيخ السعد، وافتقاد الشارع السني له كحاضن للطائفة بعد عامين على تعليقه العمل السياسي، وكأن غيابه امتد وأخذ حجمه الحقيقي، تاركاً مكانه الفراغ الذي لن يملؤه أحد سواه.

وأنت تتجول بين الحاضرين، تلفتك اللهجات المتعددة، البيروتية، العكارية، البقاعية، الجنوبية والطرابلسية وكلّها تتلاقى عندما يترحمون على الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وعندما يدعون للشيخ سعد بطول العمر والصحة الجيدة، فكل الفروق تجتمع عند حب هذين الرجلين.

عند حوالي الساعة الواحدة من بعد الظهر، وتزامناً مع قطرات المطر التي تحوّلت إلى أمطار غزيرة، أطل الرئيس سعد الحريري، بقامته الممشوقة وبذلته الكحلية، يتوسط عمته بهية وعمه شفيق الحريري.

ارتفعت الهيصات والأصوات، بعضهم تسلّق على متن الشاحنات علّه يلمح الرئيس وهو يلوّح، أو يلتقط له صورة، وبعضهم الآخر رفع صغاره لأنه أراد أن يروا الشيخ سعد، الذي يحبه الأطفال أيضاً.

وعندما أنهى الرئيس قراءة الفاتحة على ضريح الشهيد ومرافقيه، اشتدت غزارة الأمطار والرياح، لكن هذا لم يمنع الجماهير من متابعة هتافاتها، لا بل ازدادت قبل أن ينسحب الرئيس من بين الجموع مبللاً أيضاً، علّها دلالة على الخير.

شارك المقال