الوضع الانساني في رفح كارثي وعرقلة في مجلس الأمن تلوح بالأفق

لبنان الكبير

استهدفت ضربات إسرائيلية جديدة اليوم الثلاثاء قطاع غزة حيث لا يزال الوضع الانساني كارثياً خصوصاً في مدينة رفح المهددة بهجوم إسرائيلي وحيث يحتشد نحو مليون ونصف المليون فلسطيني، فيما يلوح في الأفق مأزق جديد في مجلس الأمن الدولي وسط تلاشي الأمل بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار.

ووصف رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو رفح بأنها “المعقل الأخير” لـ “حماس”، قائلاً إنه مصمم على مواصلة الهجوم “حتى النصر الكامل”.

وليل الاثنين الثلاثاء، خلّف القصف الإسرائيلي أكثر من مئة قتيل حسبما أفادت وزارة الصحة التابعة لحركة “حماس”. وأشارت الى ارتفاع حصيلة ضحايا العمليات العسكرية الاسرائيلية في قطاع غزة إلى 29195 قتيلاً منذ 7 تشرين الأول.

واستهدفت ضربات مدينة خان يونس على بعد بضعة كيلومترات شمال رفح، بحسب وكالة “فرانس برس”. وأعلن الجيش الاسرائيلي قتل “عشرات الارهابيين” في خان يونس الاثنين وتدمير مخزن كبير للأسلحة.

وأكد المكتب الاعلامي التابع لـ “حماس” أن “عشرات الغارات الجوية وقصفاً مدفعياً مكثفاً” استهدف خصوصاً خان يونس وحي الزيتون في جنوب شرق مدينة غزة ومخيم النصيرات ودير البلح.

وتحدث شهود عن “اشتباكات عنيفة تركزت على محاور التوغل في خان يونس وشمال شرق رفح وجنوب وشرق حي الزيتون”.

“أن نموت في البيت أشرف لنا”

وقال عبدالله القاضي (67 عاماً) المقيم في حيّ الزيتون بمدينة غزة: “سمعنا قصفاً في الليل (…) لم نغادر البيت، لا نعلم الى أين نذهب”.

وأضاف: “كل مكان ضرب وقصف وموت. أن نموت في البيت أشرف لنا من الاذلال الذي نسمع عنه من أقاربنا النازحين”.

وبعد نحو عشرين أسبوعاً من الحرب، باتت تقارير المنظمات الانسانية حول الوضع في قطاع غزة تثير قلقاً متزايداً. وقالت وكالات الأمم المتحدة إنّ الغذاء والمياه النظيفة أصبحت “نادرة جداً” في القطاع الفلسطيني المحاصر، وإنّ جميع الأطفال الصغار تقريباً يُعانون أمراضاً مُعدية.

وحذر نائب المدير التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” تيد شيبان من أنّ غزّة على وشك أن تشهد “انفجاراً في وفيات الأطفال التي يُمكن تفاديها”.

ويتأثّر ما لا يقلّ عن 90% من الأطفال دون سنّ الخامسة في غزّة بواحد أو أكثر من الأمراض المُعدية، وفق تقرير صادر عن “اليونيسف” ومنظّمة الصحّة العالميّة وبرنامج الأغذية العالمي.

وقال أيمن أبو شمالة الذي أصيب خلال قصف على مبنى في الزوايدة وسط قطاع غزة: “الصواريخ تسقط علينا، فإلى متى يستطيع الانسان تحملها؟ الناس في الشمال يموتون جوعاً ونحن هنا نموت بسبب القصف”.

وحذّر الوزير الاسرائيلي بيني غانتس، عضو حكومة الحرب برئاسة نتنياهو، الأحد من أن “العالم يجب أن يعرف وعلى قادة حماس أن يعرفوا أنه إذا لم يعد الرهائن إلى ديارهم بحلول شهر رمضان، فإن القتال سيستمر في كل مكان، بما في ذلك في منطقة رفح. سنفعل ذلك بطريقة منسقة لتسهيل إجلاء المدنيين بالحوار مع الشركاء الأميركيين والمصريين وتقليل الخسائر في صفوف المدنيين قدر الامكان”.

وقال غانتس: “لدى حماس الخيار. يمكنهم الاستسلام وتحرير الرهائن وسيتمكن المدنيون في غزة من الاحتفال بشهر رمضان” الذي يتوقع أن يبدأ في حدود 10 آذار تقريباً.

مأزق جديد في الأمم المتحدة 

ويُثير احتمال الهجوم على رفح قلق المجتمع الدولي. والاثنين دعت 26 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي من أصل 27 إلى “هدنة إنسانية فورية” في غزة، مطالبة إسرائيل بالإحجام عن أي عمل عسكري في رفح. لكن الآمال في التوصل إلى هدنة تتضاءل.

ويبت مجلس الأمن الدولي اليوم الثلاثاء في نصّ جديد أعدّته الجزائر منذ أسابيع يطالب بوقف “فوري” لإطلاق النار. لكنّ مشروع القرار هذا مُهدّد بفيتو جديد من الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل، سيكون الثالث لها منذ بداية الحرب.

ويطالب مشروع القرار بحسب “فرانس برس” بـ”وقف إنساني فوري لإطلاق النار يجب على جميع الأطراف احترامه”. ويُعارض النصّ “التهجير القسري للمدنيّين الفلسطينيّين”، في حين أنّ إسرائيل كانت تحدّثت عن خطّة لإجلاء المدنيّين قبل الهجوم البرّي في رفح ودعت إلى إطلاق سراح جميع الرهائن.

وحذّرت الولايات المتحدة من أنّ النصّ الجزائري غير مقبول. وأكّد نائب السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة روبرت وود الاثنين أنّ بلاده لا تعتقد أنّ هذا النصّ “سيُحسّن الوضع على الأرض، وبالتالي إذا طُرح مشروع القرار هذا على التصويت، فإنّه لن يمرّ”.

ويعتقد الأميركيّون أنّ هذا النصّ من شأنه أن يُعرّض للخطر المفاوضات الديبلوماسيّة الدقيقة للتوصّل إلى هدنة بما في ذلك إطلاق سراح مزيد من الرهائن. وفي هذا السياق، وزّعوا مشروع قرارٍ بديلاً يتحدّث عن “وقف موقّت لإطلاق النار في غزّة في أقرب وقت” على أساس “صيغة” تشمل إطلاق سراح جميع الرهائن.

ويُعبّر المشروع الأميركي أيضاً عن القلق بشأن رفح، ويحذّر من أنّ “هجوماً برّياً واسع النطاق يجب ألّا يُشنّ في ظلّ الظروف الحاليّة”.

وبحسب مصدر ديبلوماسي، فإنّ هذا المشروع البديل ليست لديه أيّ فرصة لاعتماده في وضعه الحالي، ولا سيّما بسبب خطر الفيتو الروسي.

ويشهد مجلس الأمن منذ سنوات انقساماً كبيراً بشأن القضيّة الاسرائيليّة-الفلسطينيّة، ولم يتمكّن منذ 7 تشرين الأوّل سوى من تبنّي قرارين فقط حولها، طابعهما في الأساس إنساني.

شارك المقال