“الحزب” وضع بنك أهداف في اسرائيل… و”كاريش” خارج الخدمة!

جورج حايك
جورج حايك

اعتاد الرأي العام اللبناني تهديدات اسرائيل للبنان وإعلانها عن بنك أهداف يتضمن قصفاً لمواقع حساسة لـ”حزب الله” ومرافق عامة لبنانية، لكن في المقابل، وبصرف النظر عن رفض أكثرية الشعب اللبناني للحرب واستراتيجية “الحزب” الايرانية، إلا أن هذه الحرب التي قد تندلع قريباً، ستكون بين اسرائيل و”الحزب” في الدرجة الأولى، وليس سراً أن الأخير أعد أيضاً بنك أهداف داخل اسرائيل، ومن المتوقع أن تكون هناك خسائر كبيرة من الجانبين موضوعياً.

من البديهي أن “الحزب” أمضى 17 عاماً منذ العام 2006، يعمل على توسيع ترسانته العسكرية التي تشمل الصواريخ والمسيّرات وشبكة دفاع جوي. ويوضح الخبير العسكري العميد المتقاعد ناجي ملاعب أنه بالنسبة إلى الصواريخ، تشير تقديرات أجنبية الى أنه يمتلك 150 ألف صاروخ، يمكنها أن تصل إلى كل المدن الاسرائيلية، إلا أنه سيركّز في أي معركة على منظمات الكاتيوشا التي يمكنها أن تصل إلى ما بين 2 إلى 10 كيلومترات، والتركيز عليها يعود إلى أنها أقل انحناء ولا تستطيع القبة الحديدية التعامل معها ويُمكن أن تُطلق من راجمات أو منصات بدائية، إضافة إلى صواريخ غراد. أما المسيّرات فيستخدم “الحزب” مجموعة للمراقبة وتوجيه الرمايات، ويمتلك صواريخ دقيقة مزوّدة بكاميرات في مقدمتها، وقد أثبتت فاعليتها.

ويضيف ملاعب: “يمتلك الحزب منظومة دفاع جوي بانتسير الروسية التي زوّده بها النظام السوري، وهي منظومة متنقّلة سريعة الحركة، يمكنها أن تتعامل مع المسيّرات الاسرائيلية على طبقتين منخفضة ووسطى، إلا أنه ليس واضحاً إذا كانت قادرة على التعامل مع الطبقات العليا أي طائرات F16”. ولا شك في أن “الحزب” طوّر قدرات مقاتليه وهو غالباً ما تباهى بكتيبة “الرضوان”، إضافة إلى مشاركة مقاتليه في الحرب السورية ما أكسبهم المزيد من الخبرات القتالية.

من الواضح أن بنك الأهداف الذي حدّده “الحزب” لقصف اسرائيل إذا بدأت الحرب، سيكون واسعاً، وظهر من خلال الإحداثيات العسكرية في الجليل، والمواقع الحسّاسة التي استهدفها. ويلفت ملاعب إلى أن “الحزب سيستهدف مواقع ومراكز خارج القطاعات العسكرية ومقراتها وثكنات الجيش الاسرائيلي، كالمطارات المدنيّة ومعامل إنتاج الطاقة الكهربائية والمائية، والمرافق العامة والمرافئ ولا سيما مرفأ حيفا وخزانات الوقود، وقد تصل صواريخه إلى مرابط الطائرات العسكرية. ولن يكون مستبعداً أن يستهدف القبة الحديدية ومراكز انتشارها ومعامل صناعة الصواريخ، وأكثريتها تُصنع في الجليل الأعلى، إضافة إلى المراكز السيبرانية ومنازل قيادات الاستخبارات الاسرائيلية ومكاتبها”.

واللافت أن العميد ملاعب يصف بدقة كيف يمكن أن تتطوّر الأمور بين اسرائيل و”الحزب” وملامح المعركة انطلاقاً من تقرير أصدرته جامعة “ريتشمان” الاسرائيلية شارك فيه أكثر من 100 من كبار المسؤولين العسكريين والحكوميين الاسرائيليين، يتحدث عن قدرات صواريخ “حزب الله”، كاشفاً أنه قادر على إطلاق ما لا يقل عن 2500 إلى 3500 صاروخ يومياً، علماً أن القبة الحديدية لديها إمكان الصمود لمدة أسبوع فقط، فيما يستطيع “الحزب” أن يستمر في إطلاق الصواريخ بالوتيرة نفسها لمدة ثلاثة أسابيع، ما لم يتمكّن الطيران الحربي الاسرائيلي من تدمير مراكز إطلاق الصواريخ والمخازن.

في المقابل، يعترف ملاعب بأن “الحزب كان يعتمد على قوة كتيبة الرضوان لغزو الأراضي الاسرائيلية، وهي قوة ضاربة مُدرّبة على القتال في المناطق كافة وفي كل الظروف المناخية، وتلقت التدريب الكافي لاستخدام المسيّرات والمدفعية، واعتادت التصرّف كجيش بعدما اكتسبت خبرة عسكرية في سوريا نتيجة احتكاكها بغرف العمليات الروسية والتعاون معها، إلا أن الحزب فقد القدرة على تحقيق المفاجأة باختراق الأراضي الاسرائيلية بواسطة هذه الكتيبة، لأن اسرائيل حشدت قواتها العسكرية على الحدود اللبنانية-الاسرائيلية، بعدما نقلت بعض الفرق من غزة إلى الحدود الشمالية، بل يبدو أن الجيش الاسرائيلي تلقّى التدريبات اللازمة للدخول إلى الأراضي اللبنانية. عموماً ليس واضحاً من ستكون له الأسبقية على الأرض، طالما هناك استعدادات من الجانبين على صعيد المواجهات البريّة”.

أما في موضوع “كاريش” فيبدو أن اسرائيل أوقفت كل عمليات استخراج الغاز منذ اليوم الثاني من بدء المعارك، ويشير ملاعب إلى أن “الشركات التي تستخرج الغاز ليس لديها تأمين ضد الحروب، لذلك اضطرت إلى التوقّف، وبالتالي لن يستهدف الحزب حقل كاريش، وهو يحرص على أن لا يستدرج إلى ردّ أوسع حتى لا يُبرّر لاسرائيل عملية انتقامية واسعة بإتجاه لبنان”.

لكن “الحزب” لا يزال يلعب على حافة الهاوية، وخصوصاً أنه بربطه جبهة الجنوب بحرب غزة يُعرّض لبنان إلى خطر توسّع الحرب، وامتداد القصف إلى بعلبك والبقاع هو رسائل اسرائيلية واضحة على هذا الصعيد، ولو قلّل العميد ملاعب من أهميتها، معتبراً أنها استهدفت مستودعات فارغة لجمعية “سجّاد” التموينية.

ويجب أن لا ننسى عمليات التسلل الاسرائيلية على الحدود ولا سيما التسلل الذي حصل الأسبوع الفائت نحو عيتا الشعب، وهو استطلاع يختبر التوغّل ويشكّل إنذاراً واضحاً.

ويقرأ العميد ملاعب التطوّرات وإصرار اسرائيل على تطبيق القرار 1701 بأنها تحظى بدعم أميركي غير مسبوق، وخصوصاً أن هذا الدعم يُصادف خلال السنة الانتخابية الأميركية، بحيث يتسابق الحزبان الجمهوري والديموقراطي على كسب رضى اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأميركية، لذا ستحاول أن تستفيد اسرائيل من هذا الأمر لإنهاء تهديد “الحزب” لحدودها الشمالية. ولا شك في أنها تسعى إلى حل الأمر بالوسائل الديبلوماسية، بحيث فهمنا من الموفد الأميركي آموس هوكشتاين أن اسرائيل اكتفت بمطلب إبعاد “الحزب” 7 كيلومترات عن الحدود ما يجنّبها خطر صواريخ الكورنيت وصواريخ بركان، وخصوصاً بعد تفعيل نظام القبة الحديدية.

ويرى ملاعب أن “وساطة هوكشتاين نجحت سابقاً في إقناع الحزب بالخط 23 بدلاً من الخط 29 في الترسيم البحري، ولن يكون مستغرباً أن يوافق الحزب على مبادرته ويلبي مطالب اللبنانيين بعدم توريط لبنان في الحرب، إلا أن القرار ليس بيده إنما بيد إيران التي تبدو أنها تتجه إلى التصعيد، وهذا ما استنتجناه من كلام المساعد والمستشار الأعلى للقائد العام للقوات المسلحة الايرانية اللواء يحيى رحيم صفوي، متحدثاً عن حاجة إيران الى أن يكون لها مدى دفاعي استراتيجي لمسافة 5000 كيلومتر يشمل البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي، وهذا تُرجم بتصعيد جديد من الميليشيات العراقية التي قصفت حيفا والحوثيون قصفوا ايلات وصعّدوا من هجماتهم في البحر الأحمر”. من هنا يطرح ملاعب السؤال: هل سيستجيب “الحزب” لواقعه اللبناني أو مطالب إيران؟

يتوقع الخبير العسكري أن يستمر الوضع على ما هو عليه أي استنزاف في غزة والضفة الغربية، وسيمتد الأمر نفسه على الجبهة اللبنانية، وربما يطول الأمر، طالما أن الانتخابات الأميركية لم تُحسم بعد.

شارك المقال