ملف المجلس الشيعي (1)… غياب عن ممارسة الصلاحيات

محمد شمس الدين

عندما أسس الامام المغيب السيد موسى الصدر المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى، كان الهدف أن يتولى شؤون الطائفة، ويدافع عن حقوقها، ويحافظ على مصالحها، ويسهر على مؤسساتها، ويعمل على رفع مستواها،. وأعلن الامام الصدر بعد انتخابه أول رئيس للمجلس في 23 أيار 1969 عن جدول أعمال ضخم يتضمن جملة أهداف، أولها كان تنظيم شؤون الطائفة وشجونها، بالاضافة إلى ممارسة المسؤوليات الوطنية والقومية، والحفاظ على استقلال لبنان وحريته وسلامة أراضيه، ومحاربة الجهل والتخلف والظلم الاجتماعي والفساد الخلقي، ودعم المقاومة الفلسطينية، والمشاركة الفعلية مع الدول العربية الشقيقة لتحرير الأراضي المغتصبة.

ولكن يبدو أن المجلس ضلّ الطريق منذ ذلك الوقت إلى اليوم، فقد أصبح يركز على السياسة لا أوضاع الطائفة الشيعية وشؤونها، بل إنه بالكاد بقي مرجعية روحية حتى، لدرجة أن أبناء الطائفة يلقون النكات عن المجلس بسبب غيابه، وقد تكون أشهرها: “لا نعرف أن هناك مجلساً إسلامياً شيعياً أعلى إلا في تحديد رمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى، فهل تحول المجلس الأعلى للشيعة إلى مرصد للقمر؟”.

تدمير المجلس كما مؤسسات الدولة

مصدر من داخل المجلس قال لموقع “لبنان الكبير”: “أي رئيس للمجلس يتسلم المهام، يهمل كل اللجان ويحصر الصلاحيات به خلافاً للقانون، ما يجعل أعماله وقراراته كلها باطلة من جهة، ومن جهة أخرى، عدم القيام بمهام الإنماء ومساعدة الفقراء والمحتاجين وعدم انشاء مؤسسات اجتماعية”.

ورأى المصدر أن “المسؤولين والمشاركين في القرارات إن كان في رئاسة المجلس أو في الهيئات، ليست لهم مصلحة في فتح ملف أي أحد نهب الوقف أو الأموال الشرعية كي لا تفتح ملفاته”، مؤكداً أن “رئيس المجلس اليوم ينفق شهرياً كمصروف له ولمرافقيه ما يكفي لمساعدة ٢٠٠ عائلة شهرياً، طبعاً من دون وجه حق، فلا نص قانونياً يسمح لرئيس المجلس بانفاق المال لصالحه، بل هو يحصل على معاش فقط”.

وأشار الى أن “المجلس لا يمارس ١% من صلاحياته لأن من يتولون المهمة التقريرية لا يريدون الدخول في مشكلات مع أحد والعبارة الدارجة: ما بدنا نعمل مشكل مع فلان، علماً أن المجالس الطائفية مهمتها أن تقاتل في سبيل مصلحة الطائفة”.

يحفظ القانون حق المجلس بإدارة الشؤون للطائفة الشيعية فيقول قانون تنظيم شؤون الطائفة الاسلامية الشيعية رقم ٧٢ / ٦٧:

المادة 1

الطائفة الاسلامية الشيعية مستقلة في شؤونها الدينية وأوقافها ومؤسساتها ولها ممثلون من أبنائها يتكلمون بلسانها ويعملون باسمها طبقاً لأحكام الشريعة الغراء ولفقه المذهب الجعفري في نطاق الفتاوى الصادرة عن مقام المرجع العام للطائفة في العالم.

المادة 2

ينشأ للطائفة الاسلامية الشيعية في الجمهورية اللبنانية مجلس يسمى المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى يتولى شؤون الطائفة ويدافع عن حقوقها ويحافظ على مصالحها ويسهر على مؤسساتها ويعمل على رفع مستواها وهو يقوم بصورة خاصة بشخص رئيسه بعد استطلاع رأي الهيئتين الشرعية والتنفيذية كل فيما يعود اليها بالمهام التالية:

أولاً: ينظم أوقاف الطائفة ويعمل على احيائها والعناية بها.

ثانياً: ينسق الجهود بين مختلف المؤسسات الاجتماعية والثقافية والجمعيات الخيرية وما يماثلها ويحل النزاعات التي تقوم فيما بينها ويشجع المشاريع الاجتماعية والثقافية والدينية القائمة ويقوم بمشاريع جديدة اذا لزم الامر مساهمة في رفع المستوى الفكري والروحي والمادي في جميع الأوساط الوطنية.

ثالثاً: ويحق له انشاء جامعة دينية كما يحق له انشاء جامعة للتعليم العالي مع مراعاة ما لا يحول دون ممارسته هذا الحق من القوانين المرعية الاجراء ولا سيما أحكام المادة السادسة والعشرين من قانون التعليم العالي.

ومن أبرز صلاحيات المجلس التي لا يمارسها:

الاشراف على مؤسسات وجمعيات الطائفة الخيرية، وعلى انتخاب هيئاتها الادارية وتصديق نتائجها، والاطلاع على حسابات وموازنات هذه المؤسسات والجمعيات والمصادقة عليها.

تحضير انشاء مشاريع ومؤسسات اجتماعية تؤمن ايواء العجزة وذوي العاهات والأيتام والفئات المحتاجة والتعليم والتدريب، ورعاية الأحداث ومكافحة التشرد.

اعداد مشاريع اقامة مراكز اجتماعية صحية في المناطق تتجاوب مع حاجات ـهاليها وتقدم لهم الخدمات الاجتماعية والصحية اللازمة كانشاء العيادات الطبية للفحص والعلاج ورعاية الأم والطفل، وانشاء دور الارشاد والتوجيه لتنمية الموارد الطبيعية والبشرية، وتعليم الصناعات المحلية والتدريب المهني والزراعي، وكل ما من شأنه تنشيط حركة الانماء الاجتماعي.

أما كحال الوضع اليوم، أي وجود حرب ونازحين، فللمجلس لجنة طوارئ مهماتها تتضمن تأمين الخدمات المستعجلة لأبناء الطائفة والاهتمام بأوضاعهم وحاجاتهم في الأزمات والمحن الطارئة، وهي تبقى في حالة استعداد دائم للعمل السريع، وتكون على اتصال دائم ومباشر “بالرئيس” وبمكتب “المجلس”.

بالاضافة إلى الغياب المجتمعي للمجلس، يسجل له حتى غياب في الشق الديني، وسيعالج “لبنان الكبير” كل شق في سلسلة وبعد هذه الدراسة المعمقة في المجلس، انطلاقاً من صلاحياته القانونية، وكون صلاحياته واسعة بصورة كبيرة تؤهله لأن يرعى جميع أبناء الطائفة، من خلال الأموال التي يمكن أن يجنيها عبر الوقف والجمعيات والتبليغ الديني في الخارج، يتم الاستنتاج أن دوره غائب عن كل هذه الصلاحيات، ولا يمكن لأحد الإطلاع على مالية المجلس، الذي يحتاج حقاً إلى تدقيق جنائي.

إقرأ الجزء الثاني:

شارك المقال