ملف المجلس الشيعي (2)… الخطيب في سياحة دينية مخالفاً القانون الداخلي

محمد شمس الدين

في هذه الأيام لا بد من تذكر عظة الصوم التي ألقاها مؤسس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى السيد موسى الصدر في كنيسة الآباء الكبوشيين في 19 شباط 1975 بمناسبة الصوم الكبير، وكانت خطاباً مدوياً في نفوس الحاضرين يومها، عنوانها الأساس “الانسان”، خطاب تستطيع الأديان كلها الاجتماع عليه وليس المسيحيين والمسلمين فقط.

وهذه مقتطفات من الخطبة التي ألقاها الامام الصدر: “كانت الأديان واحدة، لأن البدء الذي هو الله واحد، والهدف الذي هو الإنسان واحد، والمسير الذي هو هذا الكون واحد. وعندما نسينا الهدف وابتعدنا عن خدمة الإنسان، نسينا الله وابتعد عنّا، فأصبحنا فرقًا وطرائق قددًا، وأُلقي بأسنا بيننا، فاختلفنا، ووزّعنا الكون الواحد، وخدمنا المصالح الخاصة، وعبدنا آلهة من دون الله، وسحقنا الإنسان فتمزق”.

“ها هو السيد له المجد في محبته الغاضبة يصرخ: لا! لا يجتمع حب الله مع كره الإنسان؛ فيدوّي صوته في الضمائر، فيرتفع صوت آخر لنبي الرحمة: ما آمن بالله واليوم الآخر من بات شبعانًا وجاره جائع”.

“لذلك إذا أردنا أن نصون لبنان، إذا أردنا أن نمارس شعورنا الوطني، إذا أردنا أن نمارس إحساسنا الديني من خلال المبادئ التي عُرضت، فعلينا أن نحفظ إنسان لبنان، كل إنسانه؛ وطاقاته، لا بعضها”.

“المناطق التي نعيشها ويعيشها إنساننا في لبنان، هذه المناطق، كإنسان لبنان أمانة في عنقنا وفي عنق المسؤولين أيضًا. الجنوب وكل مكان، هذه الأمانات يجب أن تُحفظ لأمر من الله ولأمر من الوطن”.

“فلنلتقِ، أيها المؤمنون والمؤمنات، فلنلتقِ على الإنسان، على صعيد الإنسان، كل إنسان؛ والإنسان، كل إنسان، إنساننا في بيروت، وإنساننا في الجنوب، وإنساننا في الهرمل، وإنساننا في عكار، وإنساننا في ضواحي بيروت، من الكرنتينا وحي السلم. الإنسان، كل إنسان ليس خارج الفرصة، ولا معزولًا ولا مصنفًا، فلنحافظ على إنسان لبنان لكي نحفظ هذا البلد، بلد الإنسان أمانة التاريخ وأمانة الله”.

وعوضاً عن اهتمامه بشؤون أبناء الطائفة الشيعة عموماً وشؤون الأهالي الذين أُخرجوا قسراً من القرى الحدودية في جنوب لبنان خصوصاً، اختار الشيخ علي الخطيب نائب المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى، وحالياً الرئيس بالانابة بسبب عدم انتخاب رئيس، الذهاب في رحلة سياحة دينية إلى ايران على نفقة أبناء الطائفة والمال العام المخصص لها في المجلس في المرحلة الأدق والأكثر حساسية في الصراع مع العدو الاسرائيلي، وفق ما أكد مصدر من المجلس لموقع “لبنان الكبير”.

وبهذا يكون الشيخ الخطيب “ترك الاهتمام الأكبر بالرعية وما تواجهه من ضيق في سبل العيش سواء بالمسكن أو الطبابة أو تأمين المستلزمات الأساسية من غذاء، وذلك يتجلى بوضوح في تنكره لتشكيل لجنة طوارئ كما يفرض عليه النظام الداخلي للمجلس الاسلامي الشيعي الأعلى القرار رقم 15/69 وجاء في المادة 50 منه: تُعنى لجنة الطوارئ، بتأمين الخدمات المستعجلة لأبناء الطائفة والاهتمام بأوضاعهم وحاجاتهم في الأزمات والمحن الطارئة، وتبقى في حالة استعداد دائم للعمل السريع، وتكون على اتصال دائم ومباشر بالرئيس وبمكتب المجلس”.

ولفت المصدر إلى أن “النص لا يحتاج إلى الكثير من التفسيرات، ووضوحه يجعله غير قابل للتأويل خصوصاً لذكره عبارتي الأزمات والمحن، وهل من محنة أو أزمة أشد من تلك التي يمر بها جنوب لبنان من حرب وتهجير للأهالي وتدمير لموارد رزق الجنوبيين بفعل الاعتداء الصهيوني؟”.

واعتبر المصدر أن هذا التخلي عن المسؤوليات الواجب تحملها ما هو إلا “مؤشر على فقدان المجلس جوهر وهدف تأسيسه من الامام الصدر مع العلم أن المجلس يملك من الموارد المالية والهبات والتبرعات، إلى جانب وجوب حسن إدارة مؤسساته، ما يكفي لمساعدة الأهالي في أخطر مرحلة يمرون بها وتركه شققاً سكنية عائدة الى الأوقاف فارغة في ظل حاجة أبناء الطائفة الى سقف يؤيهم”.

وهنا لا بد من طرح تساؤلات: هل يعرف الشيخ الخطيب كلام مؤسس المجلس السيد الصدر عن خدمة الانسان؟ هل يعلم أن الأمام الصدر يشبّه الابتعاد عن خدمة الانسان بالشرك في عبادة الله؟ هل هذا وقت السياحة الدينية فعلياً بينما عشرات الآلاف من الجنوبيين يعانون أهوال الحرب؟ لماذا هذا الاهمال؟ لماذا لا تستخدم المؤسسات التابعة للمجلس وعقاراته لايواء ومساعدة أكبر عدد من الجنوبيين المهجرين؟ كلها أسئلة مشروعة من أبناء الطائفة الشيعية، لا سيما الجنوبيون منهم.

إقرأ الجزء الأول:

شارك المقال