إسرائيل تصعّد مستغلة “غياب” الحكومة اللبنانية!

فاطمة البسام

16 لبنانياً قتلوا خلال 24 ساعة، في مجازر متفرّقة ارتكبها الجيش الاسرائيلي، طالت ثلاث بلدات، الهبارية، طيرحرفا والناقورة، في تصعيد لافت بعد الهدوء النسبي الذي خيّم على الجنوب قبل أيام.

واستهدف سلاح المسيرات، صباح أمس، سيارة على طريق عام البازورية، في داخلها مسؤول لـ”حزب الله”، بحسب مزاعم الاعلام الإسرائيلي.

كما حملت التطورات الميدانية على الجبهة الشمالية في الساعات الماضية تحولاً في التقدير الاسرائيلي الخاص بوضعية “حزب الله”.

فبعد أن روّج المستوى العسكري الاسرائيلي لنظرية أن الحزب تلقّى ضربات استراتيجية كبيرة أثّرت على حركته على طول الجبهة، أتت عمليات الردّ الأخيرة التي نفّذها الحزب في الجولان وميرون خصوصاً لتبدّل هذا التقدير، مع إعلان المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي أن “عمق لبنان يتحول إلى منطقة حرب، وحزب الله بدأ يخاطر”، كاشفاً عن رصد إطلاق 110 صواريخ من لبنان على إسرائيل في اليومين الماضيين.

وفيما تحدّث قائد المنطقة الشمالية في جيش العدو عن “مواصلة اتّباع نهج هجومي لتغيير الوضع الأمني في المنطقة الشمالية ليستطيع السكان العودة اليها بأمان”، وقال بعد ضرب كريات شمونة: “جاهزون من الليلة للتصرّف على الحدود اللبنانية، وعازمون على تغيير الوضع الأمني في المنطقة الشمالية”، عاد الحديث عن “حتمية” العملية العسكرية البرية ضد لبنان.

ونقلت “القناة 12” العبرية عن مسؤولين إسرائيليين أن “لا مفر من عملية عسكرية برية لإعادة سكان الشمال إلى بيوتهم”. وترافق ذلك مع حديث في الاعلام العبري عن أن الجيش الاسرائيلي قرّر تغيير سياسة الرد في لبنان، ورفع شدة الضربات واتساعها مقابل كل هجوم لـ “حزب الله”، مع استعداد أكبر للحرب.

وبحسب تأكيد العميد الركن خالد حمادة لموقع “لبنان الكبير”، فان الحدود اللبنانية تشهد تصعيداً ملحوظاً خلال الأيام الأخيرة، وهذا التصعيد لم يعد يقتصر على أهداف في جنوب الليطاني، أو في عمق محدود في الأراضي اللبنانية، بل أصبح يشمل البقاع والبقاع الشمالي، بما يعني أنه لم يعد هناك أي ضوابط للعنف الاسرائيلي.

ويعرب حمادة عن اعتقاده أن “إسرائيل تستفيد من مجموعة عوامل، وأبرزها الانتخابات الأميركية التي تربك الادارة وتجعلها عاجزة عن إتخاذ قرار يلجم التصعيد في لبنان، نظراً الى التداعيات التي قد تحصل على نتائج الانتخابات، وهذا يتجلى في قرار مجلس الأمن 2728 الذي امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت عليه، ثم قالت فيما بعد أن إسرائيل غير ملزمة بتنفيذه، وهكذا ترضي جميع الأطراف”.

كما يتحدث حمادة عن “مرحلة ضبابية، تجعل لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو منفذاً لتطوير هجماته على لبنان، خصوصاً بعد التصريحات المتعددة للموفدين الدوليين التي تقول إن لبنان ليس جزءاً من غزة، وهو منفصل عن كل التطورات الميدانية التي تحصل داخل الشريط الحدودي، إضافة إلى أن كل الدعوات كانت لوقف القتال في غزّة في حين لم يتطرّق أحد الى ما يحصل على الأراضي اللبنانية”، مستنتجاً أن “الحدود متروكة، وهذا يعزز البطش الاسرائيلي في غياب الرادع، فلا شيء يمنعها من التصعيد، كما أنها تحاول أن تحقق في لبنان، ما يلجمها الأميركي عن تحقيقه في رفح. وبالتالي فإن التصريحات الاسرائيلية تأتي منسجمة مع الواقع الذي تحدثنا عنه”.

ويرجّح حمادة “أن يكون العدو قد استفاد من غياب أي حضور للحكومة اللبنانية في ما يتعلّق بالدفاع عن لبنان، حتى عندما تتحدث مع أي مسؤول تلتقيه، فهي تتحدث باسم حزب الله، وهذا يخلق ثغرة في أي أداء رسمي للسلطات اللبنانية التي تتسق مع ما يقوم به الحزب في الجنوب، ما يجعل الغرب يظن أن لبنان انتدب حزب الله للتحدث باسمه”.

ونقلت صحيفة “إسرائيل اليوم” عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله: “بعد رفح ستكون هناك عملية برية في الشمال. إعادة سكان الشمال إلى بيوتهم تستوجب عملية سنقوم بها بعد الانتهاء من رفح وليس بالتوازي”.

لكن، بخلاف الربط الاسرائيلي بين التصعيد وإعادة الأمان لعودة المستوطنين إلى الشمال، يقرأ “حزب الله” عودة الحديث عن التصعيد بأنه فشل للمساعي الاسرائيلية في السيطرة على التصعيد من أجل فرض قواعد اشتباك جديدة يمتلك فيها الكلمة الفصل في الميدان.

شارك المقال